د.بلقاضي : الجزائر ماضية في نهج سياسة التصعيد ضد المغرب للتنصل من المفاوضات

د. ميلود بلقاضي

يواصل نظام عصابة الجنرالات بالجزائر، نهج سياسة التصعيد، والدعاية المسمومة ضد المغرب منذ سنة 1975، أي تاريخ استرجاع الصحراء المغربية الى اليوم، دون تحقيق أي شيىء من هذه الممارسات.

منذ استقلال الجزائر، جميع رؤساءها خاضوا حروبا ومناورات، ووضعوا خططا لجر المغرب لمواجهات عسكرية مباشرة، لكنها لم تصل قط الى ما وصلت اليه اليوم في عهد الرئيس الحالي عبد المجيد تبون الفاقد لكل مقومات الرئاسة والذي جعل من المغرب قضيته الأول ، خصوصا بعد الصدمة الكبيرة التي تعرض لها جراء القرار الأممي الأخير المؤيد للموقف المغربي في قضية الصحراء.

وقبل هذه الصدمة، نهج النظام الجزائري سياسة اتهام المغرب ومؤسساته بزعزعة أمن واستقرار الجزائر، نتج عنها قرار قطع العلاقات مع المغرب، والقيام بقرار انتحاري بالتخلي عن أنبوب الغاز المار عبر المغرب نحو أوروبا. لكن مقابل ذلك لم يبال المغرب – القوة الصاعدة والمخيفة للنظام الجزائري - بهذه الاتهامات والقرارات ،بل استمر قائد المغرب جلالة الملك محمد السادس في لعب سياسة القادة الكبار دون إعطاء أي قيمة لكل الاتهامات الرخيصة للنظام الجزائري المنهار ولقراراته الارتجالية التي لا يبالي بها المغرب.

لقد وضع النظام الجزائري عدة خطط وسيناريوهات لاستفزاز المغرب إعلاميا ودبلوماسيا واقتصاديا، وآخرها عسكريا باصدار رئيس الجزائر بيانا صبيانيا يتهم فيه المغرب بالوقوف وراء مقتل 3 جزائريين، وقصف شاحناتهم خلال تنقلهم بين خط مدينة ورقلة والعاصمة الموريتانية نواكشوط.

وزعم بيان الرئاسة الجزائرية، أن هناك عناصر تؤكد ضلوع القوات المغربية في ارتكاب هذا الاغتيال بواسطة سلاح متطور، مشددة على أن  “اغتيالهم لن يمضي دون عقاب” في لغة تهديدية قد تجر المنطقة برمتها الى حرب قد تكون الجزائر ضحيتها الاولى.

وتأتي الإدعاءات الجزائرية رغم نفي قيادة الأركان الموريتانيةـ في بيان يوم أمس، وقوع أي هجوم عسكري شمال الاراضي الموريتانية. كما تم نفي وقوع أي هجوم داخل الأراضي الموريتانية، في إشارة إلى ما تداولته  منابر اعلام  موالية لجبهة البوليساريو والجزائر ، بشأن تعرض شاحنات جزائرية، لهجوم شمال البلاد، من طرف القوات المسلحة الملكية المغربية.

وقال الجيش الموريتاني في بيان: "تداولت عدة مواقع ومنصات إعلامية منذ أمس خبر تعرض شاحنات جزائرية لهجوم شمال البلاد"، مردفا : "من أجل إنارة الرأي العام وتصحيح المعلومات المتداولة، تنفي مديرية الاتصال والعلاقات العامة بقيادة الأركان العامة للجيوش حدوث أي هجوم داخل التراب الوطني"، كما دعا إلى "توخي الدقة في المعلومات، والحذر في التعامل مع المصادر الإخبارية المشبوهة".

وحسب عدد من المختصين، فبيان النظام العسكري الجزائري حول قتل المغرب لثلاث جزائريين يثير الاستغراب كونه بيان صادر عن أعلى سلطة بالجزائر، أي رئاسة الجمهورية، بدل من أن يصدر عن وزيري الداخلية او الخارجية الجزائريين.

بيان الرئاسة الجزائرية الغامض كله كذب وبهتان، فلم يشر الى مكان وتوقيت العملية بدقة، وهو ما تؤكده أي جهة محايدة الى حد الان، خصوصا بعد نفي الجيش الموريتاني  وقوع اي حادث عسكري على حدودها، ولا يمكن ان يقع بالأراضي الصحراوية تحت السيادة المغربية ، اذا  يبقى احتمال واحد  هو وقوع الحادث بالمنطقة العازلة بعد ترويج الاعلام الجزائري وإعلام الكيان الوهمي ان الحادث وقع قريبا من بير لحلو، وهي منطقة الى حد الان غير منزوعة الألغام كليا، وهي مشمولة بمراقبة  البعثة  الأممية - مينورسو- وفق القرار الاممي المتعلق بوقف اطلاق النار بالمنطقة العازلة منذ سنة 1991، وهو ما يؤكده بيان الرئاسة الجزائرية نفسه قائلا اكد بأن هذا الهجوم وقع "بالاراضي المحتلة"، دون أي خجل، ودون تحديد هذه "الأراضي المحتلة’’.

بمعنى آخر، هذه العملية يجب ان توثقها البعثة الأممية التي الى حد الان لم تصدر أي بيان او بلاغ عن هذا الحادث، وهو ما يعني انه مخطط جزائري تصعيدي واستفزازي للمغرب لجره لحرب لا يعي النظام الجزائري بتداعياتها .

وحسب صور الشاحنات المستهدفة في بيان الرئاسة الجزائرية، فهي شاحنات بقيت محافظة على هياكلها ولم تدمر، ولو ضربت بأسلحة متطورة  - طائرات الدون-لتم تشتيها نهائيا ، بل ان شكل هذه الشاحنات تؤكد انها محترقة فقط، إضافة الى كيفية اصطفافها، ولهجة الرجال الذين يتكلمون في الفيديو الى جانب الشاحنات المحروقة بلهجة صحراوية محضة وليس بلهجة جزائرية.

والغريب ان هذا الحادث يتزامن مع فاتح نونبر 2021، أي احتفال الشعب الجزائري بالذكرى الـ67 لاندلاع ثورة التحرير الوطني، وهذا التزامن غير بريء يبرهن عن خبث النظام الجزائري، الذي يحاول وضع خطة لدغدغة الحس الوطني عند الشعب الجزائري الذي لم يعد يتحمل نظاما عسكريا مستبدا، وبالتالي فالهدف هو استرجاع  ثقة الشعب الجزائري المفقودة  في نظامه المنهار، وكسب تعاطفه، فهذا الشعب يعاني من القبضة الحديدية لنظام عسكري فاسد وظالم يريد تغطية ازماته الداخلية بتصديرها للمغرب، وبالتالي إن هذا النظام يتجه بالجزائر نحو عزلة دولية بسبب تحوله لناطق رسمي ومحامي لكيان إرهابي موجود بأراضي تندوف.

بعد بيان رئاسة الجمهورية الغريب، لم يبالي المغرب كعادته بهذه الاتهامات الكيدية، فالمغرب لن ينجرف الى المواجهة العسكرية مع نظام ينهار الا في حالة واحده هي الدفاع عن النفس، لأنه واعي بأن كل الوعيد مجرد كلام لنظام يتخبط في مشاكل جمة، وهنا نستحضر القولة الشهيرة للرئيس الفرنسي الجنيرال دوجول:"حتى الحرب لا تجعلوا العسكريين هم كم يقررونها".

وفي افتتاحية موقع جزائري، اليوم الخميس، وحسب مصادره فإن :’’ الشاحنات التي اتهمت الجزائر المغرب بقصفها على الحدود بين الصحراء الغربية وموريتانيا، وكذبها الجيش الموريتاني في بيان رسمي، ماهي إلآ مسرحية عبلاوية مخابراتية رديئة الإخراج تمت على عجل لإستغلالها بإحتفال الشعب الجزائري بأول نوفمبر، وأفادت مصادرنا أن الشاحنات ثم حرقها عمدا والسائقين ثم تصفيتهم بدم بارد وبسلاح كلاشنيكوف من طرف مجرمين يمتهنون تهريب المخدرات و السلاح عبر الحدود الموريتانية المالية،  والفضيحة بحضور ضابط  من المخابرات الجزائرية يتولى مهمة التنسيق في خطة مدروسة بطريقة غبية كالمعتاد".

ودبرت العملية بين المخابرات الجزائرية ومرتزقة البوليزاريو من أجل هروب الجزائر من الموائد المستديرة، بعدما أدركت العصابة أن رهاناتها على الصحراء المغربية باءت بالفشل وفي نفس الوقت لكسب الكابرنات التعاطف الشعبي والتغطية على إغتيال اللواء بجغيط فريد رئيس دائرة الإشارة وأنظمة المعلومات والحرب الإلكترونية’’.

-رئيس المرصد المغربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية