قراءات متعددة لتصريحات رؤساء الاحزاب السياسية الذين التقتوا يوم أمس بأخنوش رئيس الحكومة المكلف، فتصريحات زعماء الاحزاب تحمل عدة دلالات محددة لملامح تحالف الاغلبية القادمة التي ستتقاسم المسؤولية الحكومية والحقائب الوزارية ايضا تحت رئاسة عزيز اخنوش الذي يعد اول رئيس حكومة يمتلك ثقافة الحكامة الزمانية عكس بنكيران والعثماني اللذان أهدرا الكثير من الزمن السياسي.
يتبين من تصريحات زعماء الاحزاب السياسية ان القائد الذي مرر رسائل واضحة وقوية في تصريحه هو نزار بركة الامين العام لحزب الاستقلال، حيث اكد تلقيه عرضا "un offre" من رئيس الحكومة ، وهي كلمة لم ترد في اي تصريح اخر لاي زعيم ، مضيفا بان هذا العرض سيخضع للدراسة في برلمان الحزب ( المجلس الوطني).
كلمة عرض الواردة في تصريح نزار بركة توحي بانه سيشارك في الحكومة على اساس معايير سيختارها المجلس الوطني وهو بالتالي الزعيم الوحيد الذي سيعقد اجتماع المجلس الوطني لدراسة عرض اخنوش بمعنى اخر، نزار بركة يتوفر على معطيات اولية حول تشكيلة الحكومة المقبلة، وهو ما يعني ان هناك نقطا مشتركة بين الحزبين في التصور التدبيري للمرحلة المقبلة،بل حتى المدة الزمنية التي جمعت اخنوش بنزار بركة كانت هي الاطول، مقارنة مع المدة الزمنية التي جمعت اخنوش بباقي رؤساء الاحزاب رغم مجيئه لوحده للقاء رئيس الحكومة.
اما عبد اللطيف وهبي، الامين العام لحزب الاصالة والمعاصرة،فقد صرح ان اللقاء مع اخنوش كان عبارة على تبادل الأفكار، ما يعني ان أخنوش لم يقدم له عرضا، وان المفاوضات لم تتجاوز جس النبض، و هذا امر طبيعي في ظل الانتقادات اللاذعة التي وجهها وهبي لعزيز احنوش وتحالفه مع حزب العدالة والتنمية الذي انتحر سياسيا.
حزب الاصالة والمعاصرة يمكن ان يشارك في حكومة اخنوش ، لكن يجب ان نميز بين موقف اخنوش وحزبه من عبد اللطيف وهبي وبين موقف اخنوش وحزبه من حزب الاصالة والمعاصرة الذي اسسه الرجل القوي لمواجهة الاسلاميين ، هذه المهمة التي نجح فيها عزيز اخنوش بامتياز.
اما باقي زعماء الاحزاب فقد تكلموا بلغة عامة مما يدل على انهم لم يتلقوا من الاشارات ما يمنح لهم امكانية المشاركة في الائتلاف القادم.وفي هذا الصدد صرح إدريس لشكر، الكاتب الاول للاتحاد الاشتراكي عن "الاستعداد لمواصلة التعاون مع حزب التجمع ،في حين اعلن محمد ساجد، الامين العام للاتحاد الدستوي:" مستعدون للمشاركة".
وفي هذا التوجه جاء تصريح امحند العنصر الذي اكد فيه انه قدم له بدوره تصوره للحكومة، و ما يهم هو صالح المغرب، و هو بذلك ترك الباب مفتوحا امام المشاركة والمعارضة، ليترك لحزبه مساحة للمناورة، و يجنب نفسه ضغط الراغبين في الاستوزار.
على كل المحطة الاولى من المشاورات بين الاحزاب الاولى والكبرى مع رئيس الحكومة انتهت،وكانت عبارة عن لقاءات عامة حول التصورات ، وفي الاسبوع الثاني تبدأ مناقشة التفاصيل وهو مؤشر ان الحكومة ستشكل قبل افتتاح جلالة الملك للدورة الخريفية للبرلمان عادة وفي هذا نجاح اولي لعزيز اخنوش الذي نهج اسلوبا جديدا في التفاوض هو الحكامة الزمنية.
لكن المخيف في هذه اللقاءات هو رغبة الكل في المشاركة في الاغلبية الحكومية، وترك المعارضة فارغة لتتحول الى الشارع، وعليه يجب التفكير في المحافظة على التوازن بين الحكومة والمعارضة البرلمانية على الاقل بدفع احد الاحزاب الاتحاد الاشتراكي او الاستقلال او الاصالة والمعاصرة للمعارضة.