اختار عدد من الفنانين المغاربة، الدخول في سباق الانتخابات المرتقبة في 8 شتنبر المقبل تحت يافطة أحزاب مختلفة، تتوزع ما بين اليسار واليمين والوسط، الأمر الذي أثار الجدل من جديد حول الجمع بين العمل السياسي والنشاط الفني واستغلال المشاهير في الانتخابات لإضفاء إشعاع على الأحزاب .
مشاهير الفن يأملون الظفر بمقعد داخل قبة البرلمان
منح حزب "التجمع الوطني للأحرار" خلال هذه الانتخابات التزكية للفنانة فاطمة خير كوكيلة للقائمة الجهوية للنساء في محافظة الدار البيضاء سطات.
وتخوض الممثلة المغربية التي عملت في المجال الفني لأكثر من ثلاثة عقود، غمار تجربة الانتخابات التشريعية في أكبر محافظات المملكة لأول مرة.
وقبل إعلان ترشحها للانتخابات المقبلة، تقلدت فاطمة منصب نائبة الرئيس داخل "الفدرالية المغربية للفنانين التجمعيين"، والتي تأسست داخل حزب التجمع الوطني للأحرار، كمنظمة موازية للهيئة السياسية، وأوكل إليها مهمة العناية بقضايا الفن والثقافة.
اختار حزب “التجمع الوطني للأحرار” المراهنة على فنانات معروفات، حيث قرر تزكية الممثلة فاطمة خير، من أجل الترشح وكيلة للائحة الجهوية للنساء في جهة الدار البيضاء سطات.
وعن الجدل القائم حول ترشح الفنانين باسم أحزاب سياسية مختلفة، تقول فاطمة خير: "هذه ليست حالة استثنائية، فقد سبق للبرلمان المغربي أن ضم فنانين بين أعضائه".
وتؤكد الفنانة المغربية في تصريح ، أن "الفنان شخص ممارس للسياسة، من خلال الأعمال الفنية التي تعالج الكثير من المعضلات الاجتماعية التي تنبع من صميم الواقع اليومي للمواطنين".
وتعتبر الفنانة أن تصحيح الأوضاع الاجتماعية، يستلزم إلى جانب تسليط الضوء عليها من خلال الأعمال الفنية، الانخراط المباشر في العمل السياسي والمساهمة في صياغة القرارات السياسية التي تنبثق من المؤسسات التشريعية.
وتضيف بأن "دخول عالم السياسة اختيار تمليه أيضا الحاجة للدفاع عن الفنانين ودعمهم لاسيما في ظل هذه الأزمة الصحية الناتجة عن تداعيات فيروس كورونا، والتي أرخت بظلالها على هذا القطاع الذي يؤدي أدوار مهمة داخل المجتمع".
ولا ترى فاطمة أي مبرر يمنع الفنان من ممارسة حقه الدستوري كأي مواطن آخر، طالما أن غايته تسخير إمكاناته لخدمة الصالح عام تحت مظلة أي حزب كان.
واختار الحزب المذكور أيضًا الممثلة المعروفة لطيفة أحرار لخوض الانتخابات باسمه في مدينة الرباطـ كما أعلن بنعيسى الجيراري التحاقه بحزب التجمع الوطني للأحرار، بعد لقاء في المقر المركزي للحزب في الرباط، حيث جرى الإعلان عن تأسيس “الفدرالية الوطنية للفنانين التجمعيين”.
واختار الأديب والناقد الدكتور جميل الحمداوي الترشح للانتخابات البرلمانية باسم حزب “النهضة والفضيلة” ذي المرجعية الدينية ورمزه “الشمس” في مدينة الناظور، وتحت عنوان “آن الأوان لتغيير واقع الانتخابات بإقليم الناظور”.
ووجه الجمادوي نداء إلى أبناء منطقته عبر صفحته على “فيسبوك”، مما جاء فيه: “أيها الريفيون الكرماء، وأيها الناظوريون الشرفاء بمن فيهم الشباب المتنور، والعلماء الكيّسون، والمثقفون الحكماء، والتجار الحذقون، والنساء اللبيبات، علينا أن نغير واقع الانتخابات بإقليم الناظور، بالمحاربة الجماعية للفساد المالي. نريد انتخابات تنافسية نزيهة ونظيفة لكي لا نندم في الأخير؛ فتصبح مديتنا فقيرة جدباء تندب حظها. إننا نريد وجوهًا وعقولًا جديدة، نريد كفاءات وخبرات سياسية وميدانية تتقن اللغة العربية وباقي اللغات الأخرى”.
وأضاف قائلا: “لا نريد الناظور تعود متخلفة إلى الوراء بسنوات وعقود كما هو واقعها الآن، فالتاريخ لا يرحم. وبالتالي، لن يعود مرة أخرى، ونحن لا نستحم في النهر مرتين، وعجلة التطور في سباق محموم. نريد أن نقدم صورة ديمقراطية مشرفة عن إقليمنا الريفي الفتي، ونجعله نموذجًا انتخابيًا جيدًا في وطننا السعيد، نريد أن تكون الانتخابات ديمقراطية بمعنى الكلمة غير مزيفة ولا مزورة كما تعودنا ذلك في السابق”.
وأضاف: “نريد من يمثلنا برلمانيًا أو محليًا أو جهويًا أن يعرف القانون الدستوري، وعلوم الإدارة الخاصة، وعلم التدبير، والسياسة الشرعية، والقانون الإداري، والعلوم السياسية، وعلم الاقتصاد السياسي، وعلم تدبير الأزمات. ويكون أيضًا بليغ اللسان فصيحًا ومحاججًا ومقنعًا، وليس مهرجًا ومنكّتًا. وينبغي للمنتخب أن تكون له أفكار سديدة، واجتهادات وازنة، واقتراحات عملية مفيدة ومثمرة لتطوير مختلف القطاعات ومؤسسات الدولة”.
ودعا الحمداوي أهالي الناظور إلى الوقوف في وجه “سماسرة المال” و”كذلك الذين يوظفون الدين لأغراض شخصية محضة”، مضيفًا قوله: “ونحن لا نرضى بتاتًا أن تُشترى أصوات ساكنة الناظور في وضح النهار، في سنوات الألفية الثالثة، باستعمال المال وتوظيف الإغراءات والتسويفات والوعود الخيالية الواهمة من جهة، وممارسة العنف الرمزي من جهة أخرى؛ حيث يُفرضون أنفسهم على أنف الناس جبرًا، وقهرًا، وإذعانًا”.
تجارب سياسية سابقة للفنانين:
ولا تعتبر هذه المرة الأولى التي تدخل فيها وجوه معروفة في الساحة الفنية تجربة الانتخابات في المغرب، لقد استطاع فنانون قلائل سابقًا الوصول إلى الغرفة التشريعية الأولى، بألوان حزبية مختلفة، حيث سبق للفنانة فاطمة تابعمرانت أن فازت بمقعد في البرلمان كوكيلة لقائمة النساء عن حزب "التجمع الوطني للأحرار.
كما فتحت الغرفة التشريعية الأولى أبوابها للفنان ياسين أحجام عبر قائمة الشباب لحزب "العدالة والتنمية"، فيما سبق للكاتبة والناقدة رشيدة بنمسعود أن انتخبت في البرلمان باسم حزب “الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية”.
الفنانة الراحلة ثريا جبران، كانت أبرز فنان خاض في معترك السياسة، بحيث كانت عضوا نشطا في حزب الاتحاد الاشتراكي، لتصل معه سنة 2007، إلى منصب أول وزيرة في تاريخ المغرب قادمة من حقل الفن. ولكنها غادرت مبنى وزارة الثقافة بعد عامين فقط معتذرة بسبب وضعها الصحي.
واختارت المغنية “إيمان قرقيبو” خريجة “استديو دوزيم في نسخة 2007 وبرنامج كإكس فاكتر” في نسخته العربية، هي الأخرى الانتماء لحزب الحركة الشعبية، وحصلت سنة 2017 على صفة مستشارة جماعية بفريق الحركة الشعبية بالجماعة الحضرية لمدينة الحاجب، إذ أوكلت إليها مهمة رئيسة لجنة المرافق العمومية والخدمات بالجماعة، خلفا لزميلتها المستشارة الحركية “عزيزة أشهبون”، والتي توفيت بسبب مرض عضال.