ورشة تكوينية تبرز محورية دور قضاة النيابة العامة

شكل موضوع محورية دور قضاة النيابة العامة في حسن أجرأة الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب، محور الورشة التكوينية المنظمة اليوم الجمعة بالرباط، بشراكة بين رئاسة النيابة العامة ومركز "جنيف للرقابة الديمقراطية على القوات المسلحة"، و"الصندوق الاستئماني لشمال إفريقيا".

وقاربت الورشة التي تطرقت لـ "الأبحاث في الادعاءات المتعلقة بالتعذيب، تحديات وآفاق المدعي العام" سبل تعزيز دور قضاة النيابة العامة وتمكينهم من الأدوات المفيدة لاضطلاعهم بأدوارهم في ما يتعلق بمعاملة المعتقلين والوقاية من التعذيب، بغية مواكبة المجهودات التي ببذلها المرفق العدلي، والرامية إلى تأهيل العنصر البشري في مجال الوقاية من التعذيب وغيره من الممارسات القاسية أو المهينة أو الحاطة بالكرامة، خاصة وأن المغرب ولج مرحلة جديدة تتمثل في المصادقة على البروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية مناهضة التعذيب، وما تمخض عن ذلك من التزامات جديدة، من ضمنها إحداث آلية وطنية للوقاية من التعذيب والسماح للآلية الأممية (اللجنة الفرعية) بزيارة أماكن الحرمان من الحرية.

وفي كلمة بالمناسبة، أكد الكاتب العام لرئاسة النيابة العامة،هشام بلاوي، أن التعذيب وغيره من الممارسات القاسية أو المهينة أو الحاطة بالكرامة، تتنافى مع القيم والمثل الإنسانية، ولا تنسجم مع حقوق الإنسان وفلسفتها التي تحث على احترام الكرامة الإنسانية، كما تضمنها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، كوثيقة مرجعية في هذا الباب.

وشدد بلاوي على أن المغرب بادر طوعا إلى الانخراط في المنظومة الدولية الناظمة للشأن الحقوقي، والرامية إلى مناهضة التعذيب، من خلال المصادقة على اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، ومؤخرا على البروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية مناهضة التعذيب في نونبر 2014.

وأوضح الكاتب العام لرئاسة النيابة العامة أن البروتوكول ذاته انبثقت عنه آلية وطنية لمناهضة التعذيب، مضيفا أن المغرب عمل من منطلق حرصه على مناهضة جريمة التعذيب وغيرها من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، على بلورة إطار دستوري وتشريعي منسجم مع الشرعة الدولية الرامية إلى مكافحة ظاهرة الإفلات من جريمة التعذيب وغيرها من ضروب المعاملة.

ولم يفت بلاوي التذكير بكون الوثيقة الدستورية لسنة 2011 جرمت التعذيب في الفصل 22 وعلى امتداد الوثيقة، بالإضافة إلى الجرائم التي تمس بحقوق الإنسان كما هي متعارف عليها دوليا، لافتا إلى أن هذا التنصيص يعد "إشارة واضحة على الإرادة المغربية الراسخة للتصدي لكل الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان"، ومجددا التأكيد على كون القضاة مطوقون بمقتضى الوثيقة الدستورية من خلال الفصل 117 على حماية حقوق الأشخاص و الجماعات وحرياتهم و أمنهم القضائي.

من جانبه، قال القاضي الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف برين الفرنسية،كزافيي رونصان، إنه يتقاسم مع زملائه في الضفة الأخرى من المتوسط نفس المثل والمبادئ، وتمثلا وحيدا لحماية حقوق الإنسان ولمكافحة الإفلات من العقاب، مضيفا أن مكافحة الإفلات من العقاب، مثلما تحصن المجتمعات وتمنعها، تشيع فيها ثقافة الانتصاف واللجوء إلى القانون.

وأضاف أن المملكة تشتغل بتؤدة على سيادة دولة القانون، مستشهدا في سياق آخر بصميم تدخل قضاة التحقيق والنيابة العامة، من قبيل مهام الادعاء الرامية إلى زيارة أماكن الاعتقال، وسلطات الإشراف على البحث، بالإضافة إلى توجيه أعمال ضباط الشرطة القضائية، من أمن وطني ودرك.

كما أوضح أن الزيارة الدورية لأماكن الاعتقال تروم الوقوف والتثبت من مزاعم التعرض للتعذيب، لافتا إلى أن الورشة التي تمنح فسحة للنقاش والتداول بين الزملاء، من شأنها الإسهام في تحسين ممارسات سير العدالة بكل من فرنسا والمغرب، بالإضافة إلى تلافي الانتهاكات والادعاءات.

وخلص كزافيي رونصان إلى أن "أي بلد مها ارتقى تنمويا وحقوقيا، ليس في حل من مزاعم وادعاءات بممارسة التعذيب"، مضيفا أن البروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية مناهضة التعذيب، كإطار عام ناظم، يلزم الدول بتبنيه، منوها في المقابل بمصادقة المملكة على هذه الآلية الأممية.

وفي تصريح صحفي ، أكدت سيسيل لاغوت مديرة برنامج عمليات الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، التابع لمركز تطوير القطاع الأمني وسيادة القانون ومقره جنيف، أن المركز يضم 74 دولة عضوا، مشيدة باللقاء الأول الذي يصل مركزها برئاسة النيابة العامة، والرامي إلى تعزيز كفايات قضاة النيابة العامة بالمغرب.

واعتبرت الشراكة القائمة بين برنامج عمليات الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، التابع لمركز تطوير القطاع الأمني وسيادة القانون" و"الصندوق الاستئماني لشمال إفريقيا" ورئاسة النيابة العامة بالمغرب، بـ"الوثيقة" وترمي إلى تعزيز قدرات قضاة النيابة العامة من خلال اقتسام وتبادل المعارف، مشيرة إلى أن التكوين يتناول الأبحاث في الادعاءات المتعلقة بالتعذيب، والتي تندرج في إطار تفعيل البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب.

وسجلت لاغوت أن اللقاء يتوخى دعم جهود المغرب في ما يتعلق ببث ثقافة حقوق الإنسان، ويرنو إلى تفعيل التزاماته الدولية ذات الصلة.

ويتناول اللقاء محاور تتعلق بـ" المنظومة الحمائية التي تنص عليها اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة"، و "دليل التقصي والتوثيق الفعالين للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة" المعروف اختصارا ببروتوكول إسطنبول.


شاهد أيضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.