مع اقتراب فصل الشتاء، تتفاقم مؤشرات القلق والإنذار بجهة سوس ماسة، حيث ما تزال تبعات الاضطرابات الجوية التي طبعت فصل الصيف تربك دورة إنتاج الخضر المبكرة، فالمحاصيل التي أنهكتها الظروف المناخية غير المستقرة، تواصل إظهار تراجع في الإنتاجية رغم محاولات التكيف التي يقوم بها الفلاحون المحليون.
وأفادت يومية “الأخبار” في عددها الصادر اليوم الأربعاء، أنه وفقا لمعطيات نشرها موقع “فريش بلازا” المتخصص في تتبع الأسواق الفلاحية العالمية، فإن الأصناف النباتية القادرة على مقاومة الأمراض أصبحت نادرة داخل جهة سوس ماسة، كما أن التعديلات التقنية والزراعية التي اعتمدها الفلاحون ميدانيا لم تفلح في الحد من تراجع الكميات المنتجة، وهو ما يعمق المخاوف من موسم فلاحي قد يزداد تعقيدا خلال الأسابيع المقبلة.
وكشفت اليومية، أن المراجعات الأخيرة للوائح المبيدات المرخص استخدامها في المغرب وأوروبا والتي شملت سحب عدد من المواد الفعالة، تزيد من تعقيد مهمة المنتجين، فعلى أرض الواقع بدأت علامات تقلص العرض تبرز بوضوح حيث يعد الفلفل والطماطم الأكثر تضررا، فقد بلغت أسعار أصناف الفلفل المربع مستويات قياسية بينما تواصل الطماطم تسجيل أسعار مرتفعة رغم انخفاض حجم الصادرات نحو أوروبا.
وتابعت جريدة “الأخبار” أن القارة الأوروبية ما تزال تستفيد من إنتاج محلي متأخر بشكل استثنائي، غير أن موقع «فريش بلازا» يرى أن هذا الوضع يظل مؤقتا، ومن المرتقب أن تظهر بوادر التوتر بالتزامن في الأسواق المغربية والأوروبية ابتداء من شهر فبراير، وهو ما قد يفضي إلى موجة جديدة من ارتفاع الأسعار.
وأوضحت اليومية أن الفيضانات الأخيرة التي شهدتها مدينة الداخلة زادت من تعقيد الوضع، لاسيما فيما يتعلق بإنتاج الطماطم المكورة التي تستعمل غالبا كبديل للطماطم المستديرة خلال فترات النقص، وبما أن المغرب لا يستورد الطماطم ولا باقي الخضر المبكرة، فإن أي اضطراب يطال الإنتاج الداخلي ينعكس مباشرة على السوق الوطنية.
ويرجح موقع « فريش بلازا » حسب ما ذكره مقال الجريدة، أن العودة إلى الوضع الطبيعي قبل فبراير تبقى مستبعدة، وهو شهر حساس يتزامن هذه السنة مع رمضان، حيث تعود إلى الأذهان قيود التصدير المفروضة سنة 2023، كما أن فرض إجراءات مماثلة في 2026 يظل احتمالا قائما مع الارتفاع المرتقب في الطلب خلال كأس إفريقيا خاصة للأمم.
ومن جهته، أكد أمين أمانة الله، منتج خضراوات بأكادير، لموقع « فريش بلازا »، أن ظروف الصيف المناخية خلفت آثارا طويلة المدى. فقلة النباتات المقاومة، وضعف البدائل البيولوجية وسحب عدد من المواد المبيدة، كلها عوامل تضعف إنتاج الخضر المبكرة.
وتابع مقال الجريدة أنه لحدود اللحظة، نجت أوروبا من النقص بفضل موسم مميز، لكن هذا التوازن قد ينقلب سريعا، ويعكس تداخل كل هذه العوامل مؤشرات حملة شتوية أقل بكثير من المعتاد، فالأسعار تسجل ارتفاعا في السوق المغربية ما يعكس تصاعد الضغط، فيما تبقى الصادرات ضعيفة نتيجة التراجع الكبير في الكميات المتوفرة.
ورغم المؤشرات المقلقة، تدعو الفيدرالية البيمهنية لإنتاج وتصدير الخضر والفواكه (FIFEL) إلى تجنب السيناريوهات المتشائمة، مؤكدة أن أداء الموسم الزراعي يظل مرتبطا بالظروف المناخية خلال فصل الشتاء. فالتساقطات الجيدة من شأنها التخفيف من حدة الضغط، في حين قد تتسبب موجات البرد القارس في نتائج معاكسة، غير أن التحدي الأكبر يتمثل في الفيروسات التي تهاجم المزروعات وتدمر الحقول في ظرف أيام معدودة، ما يجعل أي توقعات غير محسومة حتى عندما تبدو المعطيات المناخية واعدة.