تتزين مدينة العيون، حاضرة الصحراء المغربية، هذه الأيام، استعداداً للاحتفال بالذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء، هذه الملحمة التاريخية التي جسدت أسمى معاني التلاحم بين العرش والشعب، وأعادت رسم خريطة المغرب الموحد.
الاحتفال هذا العام يأتي في سياق مميز، يحمل دلالات عميقة تتجاوز الاستحضار التاريخي إلى تتويج مسار دبلوماسي حافل، حيث أن ملف الصحراء المغربية يراكم، سنة تلو الأخرى، زخماً دولياً متصاعداً، تجسد في سلسلة من الاعترافات المتتالية بمغربية الصحراء، كان أبرزها الموقف التاريخي للولايات المتحدة الأمريكية التي اعترفت بالسيادة الكاملة للمغرب على صحرائه، علاوة على مواقف بريطانيا وفرنسا وإسبانيا.
كما يشكل هذا الاحتفال تتويجاً لدعم واسع النطاق لمبادرة الحكم الذاتي التي تقدم بها المغرب، والتي تُعتبر من قبل المجتمع الدولي جادة وواقعية وقابلة للتحقيق كأساس للحل النهائي لهذا النزاع الإقليمي.
![]()
وتجسد هذا الدعم في تأييد أكثر من مائة دولة لمشروعية الموقف المغربي، أبرزها روسيا التي أبدت مؤخرا استعداداها لدعم مخطط الحكم الذاتي شريطة التوافق بين الاطراف برعية أممية، علاوة على تعيين عدد متزايد من الدول لقنصليات عامة لها بمدن العيون والداخلة، في خطوات عملية تؤكد مغربية هذه الأراضي.
وتحولت شوارع العيون وساحاتها إلى لوحات فنية تعبر عن فرحة المغاربة بهذه الذكرى المجيدة، في مشهد يعكس الالتحام الوطني حول الوحدة الوطنية، إذ يلفت أنظار المواطنين والزائرين الأعلام الوطنية التي ترفرف في كل مكان، والاستعدادات الجارية على قدم وساق لاستقبال هذا الموعد التاريخي الذي يجسد انتصار الإرادة المغربية.
![]()
ويرى مراقبون أن “هذه الاحتفالات ليست مجرد استذكار للماضي، بل هي تأكيد على إرادة المستقبل، وإعلان عن مغرب متحد ينظر إلى الأمام، واثقاً من عدالة قضيته، مدعوماً بشرعية تاريخية واعتراف دولي متزايد، وماضٍ في بناء نموذج تنموي مزدهر بجميع أرجائه، من طنجة إلى الكويرة.
وتأتي هذه الاستعدادات الاحتفالية في توقيت بالغ الحساسية، حيث يترقب الوسط الدبلوماسي الدولي اجتماع مجلس الأمن الدولي المقرر قريباً، وتتوازى الأجواء الاحتفائية في شوارع العيون مع توقعات دبلوماسية عالية بميل كفة القرار لصالح المغرب، لاسيما بعدما تسربت مسودة القرار الأولية التي صاغتها الولايات المتحدة الأمريكية، الشريك الاستراتيجي للمغرب، والمزودة بتأكيدات واضحة بدعم سيادة المغرب الكاملة على صحرائه.
وسيشكل هذا التوجه، إذا ما حظي بإجماع أعضاء المجلس، اعترافاً أممياً إضافياً بمشروعية الموقف المغربي، وانتقالاً نوعياً جديداً في مسار قضية الوحدة الترابية، يعزز زخم الاعترافات الثنائية ومخطط الحكم الذاتي الواقعي كحل وحيد لهذا النزاع المفتعل.
![]()