تسريبات وشبهات غش تلاحق انطلاق امتحانات الباكالوريا رغم “الإجراءات المشددة”

 

بلاغات رسمية تؤكد الصرامة.. و”الواقع الرقمي” يكشف اختراقات

 

انطلقت صباح الخميس بمختلف ربوع المملكة الدورة العادية للامتحان الوطني الموحد لنيل شهادة الباكالوريا، وسط تدابير أمنية وإدارية وصفتها وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة بـ”المشددة”، حرصاً منها على ضمان نزاهة هذا الاستحقاق الوطني الحاسم، الذي سيمتد لثلاثة أيام.

 

تعبئة واسعة ومراقبة مشددة داخل المراكز

 

وعرفت المؤسسات التعليمية بمختلف المدن التحاق آلاف المترشحين من الشعب والمسالك كافة، في أجواء طبعها الانضباط والحضور المكثف للأطر التربوية والإدارية، إلى جانب ممثلي السلطات المحلية والأمنية ومصالح وزارة التربية الوطنية، سعياً لضمان مرور هذه المحطة بسلاسة ودون إخلال بقواعد الشفافية.

 

وتمت عملية نقل وتسليم الأظرفة الخاصة بالاختبارات تحت مراقبة أمنية دقيقة، لتفادي أي محاولة تسريب محتملة، في ظل توسع الممارسات الرقمية المرتبطة بالغش، وظهور مؤشرات تؤكد تداول بعض محتويات الامتحانات عبر تطبيقات وتواصلات غير رسمية، كما عاينت ذلك منصة “بلبريس”.

 

تسريبات رقمية تسبق الامتحان وتشعل “ماركات الغش”

 

ورغم الصرامة التنظيمية، رصدت “بلبريس” تداول أسئلة امتحان اللغة العربية الخاصة بشعبة الآداب والعلوم الإنسانية عبر صفحات فايسبوكية، إلى جانب تعليقات تطلب إجابات وتعرض “خدمات مساعدة” مقابل مبالغ مالية، وهو ما يعيد طرح إشكالية الاتجار في الغش داخل الفضاء الرقمي، رغم تجنيد الوزارة للماسحات الإلكترونية وإجراءات التفتيش الدقيقة.

 

وتُظهر المنشورات المنتشرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي أن “الغش التجاري” بات سوقاً رقمية قائمة بذاتها، تعرض فيه “أسماء مستعارة” عروضاً تحت عناوين مثل “أثمنة مناسبة”، في ما يشبه شبكات متخصصة في “تسريب الأجوبة”، مما يضع تحدياً حقيقياً أمام المؤسسات التعليمية في ضبط هذه الممارسات العابرة للرقابة الميدانية.

 

الوزارة: الإجراءات فعالة.. والغش تحت المراقبة الموحدة

 

وفي تصريح لـ”بلبريس”، أكد مصدر مسؤول بوزارة التربية الوطنية أن الإجراءات المتخذة ليست وليدة اللحظة، بل ثمرة تجربة سنوات من المراقبة والتأطير، مضيفاً أن “لجان الحراسة المحلية تشتغل وفق خطة وطنية موحدة لضبط حالات الغش، وتعتمد آليات رصد دقيقة داخل القاعات”.

 

عقوبات قانونية تنتظر المتورطين

 

ويحدد القانون 02.13 المتعلق بزجر الغش في الامتحانات المدرسية عقوبات صارمة في هذا الصدد، إذ يعاقب كل من تورط في تسريب مواضيع الامتحان أو تقديم أجوبة عنها قبل إجرائها بالحبس من 3 أشهر إلى سنتين، وبغرامة مالية تتراوح بين 1000 و20 ألف درهم، أو بإحدى هاتين العقوبتين.

 

كما يعاقب القانون على تبادل المعلومات داخل قاعات الامتحان، أو حيازة واستعمال وثائق وأجهزة إلكترونية غير مرخص بها، بغرامات مالية تصل إلى 5000 درهم، في محاولة لوضع حد لهذه الظاهرة التي باتت تتحدى آليات المراقبة التقليدية.

 

بين الصرامة القانونية والمرونة الرقمية.. الامتحانات على المحك

 

ورغم الجهود المكثفة من طرف وزارة التربية الوطنية ومصالح الأمن، ما زالت تحديات الغش الرقمي تقف حجر عثرة أمام ضمان تكافؤ الفرص بين المترشحين، في ظل تحول بعض المنصات الاجتماعية إلى ساحات مفتوحة لتداول الأسئلة والأجوبة، ما يطرح مجدداً الحاجة إلى مقاربة أمنية وتربوية شاملة تحمي مصداقية الامتحان الوطني في زمن الذكاء الاصطناعي والوسائط الفورية.

 

 

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *