عند مغيب الشمس من كل مساء، تطلق طلقة مدفع في القصر الملكي بالرباط، معلنة لحظة الإفطار، ولحظتها تفرغ الشوارع في بضع دقائق، من المارة والسيارات والدراجات النارية، كما لو تعويذة سحرية أفرغت المدينة، فقد حان وقت الإفطار، وانصرف الناس إلى الموائد.
وبعد 16 ساعة من الصيام، دون تناول الطعام أو الشراب أو التدخين، يعود المغاربة إلى منازلهم “لتناول وجبة الإفطار”، عندما ينزل المساء وقت المغرب؛ أولا، شرب الماء أو العصير أو الحليب، وتناول بعض التمور والبيض المسلوق والشباكيا، وحساء الحريرة التقليدية.
وتوضح الدكتورة بهية هزاز، خبيرة التغذية، أنه “عليك تناول الطعام بشكل طبيعي، مثل بقية العام، فإن أفضل شيء لتناوله بعد الصيام هو تناول الكثير من الفاكهة والخضروات وشرب الكثير من الماء”.
و“هناك العديد من الشباب الذين يكسرون رمضان بشكل سيئ، ويأكلون كثيرًا ثم يعانون من مشاكل في الجهاز الهضمي”. وفي نهاية الشهر، تمتلئ المصحات والمستشفيات، بالمرضى الذين يعانون من عسر الهضم والإسهال وارتفاع ضغط الدم والمشاكل الصفراوية.
أجواء ليلية
رمضان المغاربة ليس مجرد صيام، بل يعني أيضًا تعديل الجداول الزمنية، والبقاء مستيقظًا وتغيير الإيقاع اليومي.
ففي المغرب، تم تأخير الساعة لمدة ساعة خلال شهر ماي، بحيث يكون الشروق والغروب في وقت مبكر، ويغير الموظفون والطلاب روتينهم، وتتم المواعيد في الأماكن الخارجية؛ المقاهي والمحلات التجارية والصالات الرياضية، المغلقة خلال الصباح، والمفتوحة حتى الفجر، لأنه ما لم يتم انجازه في أطراف النهار، يُنجز أناء الليل.
ويأتى المغاربة عدة مرات في اليوم للصلاة في المسجد خلال شهرهم المقدس، ثم يعودون إلى المنزل لتناول العشاء ومشاهدة التلفاز مع العائلة، ويخرج الكثيرون مرة أخرى لإجراء عملية الشراء أو الهضم بالمشي للعودة إلى البيت، لتناول السحور، اللقمة الأخيرة قبل الفجر.
وتقول الدكتورة هزاز، أنه “عليك احترام ساعات النوم لأن الضحية الأولى هي النوم في رمضان”.
وبالرغم من النوم القليل، الجوع والتعب، يعتزم معظم المغاربة أن يفعلوا نفس الشيء كل يوم، لكن الحالة المزاجية تعاني من اضطراب أكبر، وفي بعض الحالات تصبح غاضبة وعدوانية، أو ما يعرف هنا باسم “الترمضين”.
ولذلك، من الأفضل في الساعات قبل الإفطار، بين الساعة الثالثة والسابعة بعد الظهر، تجنب حركة المرور في الرباط، المدينة الوديعة الهادئة، حيث تصبح جحيمًا.. وهناك المزيد من الاختناقات المرورية والحوادث، واللغة المنفلتة من العقال، التي يتم تبادلها بسرعة بين السائقين المسرعين، فالكل يريد العودة إلى المنزل لأخذ إغفاءة، أو ليطبخ ويضبط الجدول.
“المشكلة مع هؤلاء الناس هي أنهم ينامون قليلاً، وهم أكثر توترًا وتحمسًا، خاصة إذا كانوا مدخنين، وإذا لم يفطروا بشكل صحي وجيد، فسيقومون بهضم سيئ، ويصبحون متوترين من أجل لا شيء، لكن أولئك الذين يؤدون رمضان بشكل جيد وينامون بشكل جيد، هم أكثر هدوءًا لأن هذا الشهر يعني السلام ورعاية أنفسنا وجسمنا”، توضح الدكتورة.
يوجد أكثر من 1500 مليون مسلم في العالم يصومون رمضان، ويتم الاحتفال به في الشهر التاسع من التقويم الهجري، ويستمر ما بين 29 و 30 يومًا،و يتزامن مع التاريخ الذي استلم فيه النبي محمد أول الوحي من القرآن، وهو أحد أركان الإسلام الخمسة، ويجب أن يصوم المسلمون، عن كل الشهوات، فلا يأكلون ولا يشربون ولا يمارسون الجنس أثناء ساعات الصيام.
وفي المغرب، يعتبر الصوم إلزاميًا، بموجب المادة 222 من القانون الجنائي، التي تنص على عقوبات بالسجن لمدة تصل إلى ستة أشهر وغرامة لمن يفطرون علنًا خلال رمضان.
ورغم السلطات خفضت من حملاتها الصارمة، لكن الأسوأ هو ضغط الشارع، على أولئك الذين لا يريدون صوم رمضان، ضغط قد يصل إلى محاكمات الشارع، التي تصل إلى العنف.