جرائم الإنترنت تتصاعد بالمغرب…أرقام مقلقة في تقرير النيابة العامة

دقّت رئاسة النيابة العامة ناقوس الخطر بخصوص التنامي المتسارع للجرائم المعلوماتية، معتبرة إياها من أخطر التحديات التي تواجه منظومة العدالة الجنائية، في ظل طابعها العابر للحدود واعتماد مرتكبيها على تقنيات رقمية متطورة تجمع بين الإجرام التقليدي والحديث.

وكشف تقرير رئاسة النيابة العامة برسم سنة 2024، الذي اطلعت عليه “بلبريس”، أن هذا الصنف من الجرائم، المعروف قانونًا بالجرائم السيبرانية وفق القانون رقم 05.20، يشمل كل الأفعال المخالفة للتشريع الوطني أو للاتفاقيات الدولية المصادق عليها، والتي تستهدف نظم وشبكات المعلومات أو تُستعمل كوسيلة لارتكاب أفعال إجرامية، ما يطرح إشكالات قانونية وإجرائية معقدة، سواء على مستوى البحث والتحقيق أو التعاون القضائي الدولي.

ويميز التقرير بين نوعين أساسيين من الجرائم المعلوماتية؛ أولها الجرائم المعلوماتية الصرفة، التي تستهدف بشكل مباشر نظم المعالجة الآلية للمعطيات وتمس بسرية البيانات وسلامتها وتوافرها، وقد خصها المشرع بمقتضيات زجرية واضحة ضمن فصول القانون الجنائي من 3-607 إلى 10-607، وتشمل أفعال الولوج الاحتيالي، وعرقلة الأنظمة عمدًا، وإدخال المعطيات أو إتلافها أو حذفها.

أما الصنف الثاني، فيتعلق بالجرائم التقليدية التي تُرتكب عبر الوسائط الرقمية، مثل النصب والتزوير الإلكترونيين، والابتزاز والتحرش الجنسيين، والاستغلال الجنسي للأطفال، والاعتداء على الحياة الخاصة، وخرق حقوق المؤلف، حيث يستفيد الجناة من سرعة التكنولوجيا وإمكانيات إخفاء الهوية لطمس الآثار الرقمية والإفلات من المتابعة.

وفي هذا السياق، أفاد التقرير أن النيابات العامة بالمملكة أقامت خلال سنة 2024 الدعوى العمومية في مواجهة 351 شخصًا، على خلفية 237 قضية تتعلق بالمس بنظم المعالجة الآلية للمعطيات.

وأظهرت المعطيات الإحصائية ارتفاعًا في عدد القضايا بنسبة تقارب 14% مقارنة بسنة 2023، مقابل زيادة لافتة في عدد المتابعين تجاوزت 38%، ما يعكس تصاعد حجم هذا النوع من الإجرام وتعقيداته.

وتصدرت جنحة الدخول غير المشروع إلى نظم المعالجة الآلية للمعطيات قائمة الجرائم المعلوماتية بنسبة ناهزت 59% من مجموع القضايا، تلتها جنحة الدخول أو البقاء غير المشروع وما يترتب عنه من حذف أو تغيير المعطيات بنسبة تقارب 17%، ثم جنحة إدخال أو إتلاف أو حذف المعطيات بنسبة تفوق 6%.

ومن بين الخلاصات البارزة، أشار التقرير إلى أن غالبية المتابعين في هذه القضايا هم ذكور رشداء من جنسية مغربية، غير أن سنة 2024 عرفت ارتفاعًا ملحوظًا في عدد الأجانب المتابعين، حيث بلغ 19 شخصًا مقابل ثلاثة فقط خلال السنة السابقة، ما يؤكد البعد الدولي المتزايد للجريمة المعلوماتية وارتباطها بشبكات عابرة للحدود.

وشددت رئاسة النيابة العامة على أن مكافحة الجريمة المعلوماتية تظل أولوية ضمن السياسة الجنائية الوطنية، مؤكدة مواصلة تتبع هذا النوع من القضايا إحصائيًا وقانونيًا، والعمل على ملاءمة الممارسة القضائية مع التحولات المتسارعة التي يعرفها الفضاء الرقمي.

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *