هل استغلت الوزيرة بنيحيى ملايين المال العام لتلميع صورتها حزبيا؟

في الوقت الذي ترأست فيه نعيمة بنيحيى، وزيرة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، حفل تتويج 34 مشروعا نسائيا في إطار الدورة العاشرة لجائزة “تميز للمرأة المغربية”، الموجهة نظريا لدعم المبادرات ذات الأثر الاجتماعي والاقتصادي، طغت على هذا الحدث أسئلة سياسية ومالية أخرجته من طابعه الاجتماعي إلى دائرة الجدل العمومي.

الحفل، الذي كان يفترض أن يشكل مناسبة مؤسساتية جامعة للاحتفاء بنماذج نسائية رائدة، بدا في أعين عدد من المتتبعين أقرب إلى تجمع حزبي لحزب الاستقلال، في ظل الحضور المكثف لقياداته ومنتخبيه.

فقد سجل حضور رئيس جهة الدار البيضاء-سطات، عبد اللطيف معزوز وكاتب الدولة المكلف باالإدماج الاجتماعي عبد الجبار الراشدي المنتمي للحزب نفسه، والمسؤول الحكومي والقادي الاستقلالي، عمر احجيرة ، إلى جانب برلمانيات ووجوه استقلالية بارزة، من بينها سحر أبدوح، مقابل غياب أو “مقاطعة” ملحوظة لفعاليات سياسية من أحزاب أخرى، حتى المنتمية للأغلبية، ما أعاد إلى الواجهة النقاش حول توظيف الأنشطة الرسمية ذات الطابع العمومي في الإشعاع الحزبي، فهل بسبب عدم الاستدعاء أو المقاطعة.

هذا المعطى السياسي تزامن مع معطى مالي أثار بدوره موجة انتقادات واسعة، بعد الكشف عن تخصيص وزارة التضامن والأسرة مبلغا يناهز 236 مليون سنتيم لتنظيم حفل الجائزة. وهو رقم اعتبره فاعلون وناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي مبالغا فيه، خصوصا في سياق اجتماعي تعرف فيه المدن الكبرى انتشاراً لافتا لظاهرة التسول، وتحديات اجتماعية متفاقمة، تدخل ضمن اختصاصات الوزيرة نعيمة بنيحيى، بالتزامن مع استعداد المغرب لاحتضان كأس أمم إفريقيا 2025.

ويرى منتقدو هذا القرار أن توجيه هذا الغلاف المالي نحو احتفالية وُصفت بالفاخرة يعكس اختلالا في ترتيب الأولويات، في وقت تتطلب فيه المرحلة إطلاق برامج اجتماعية ميدانية عاجلة، سواء لمحاربة الهشاشة أو لمعالجة مظاهر الفقر في الفضاءات العمومية، بما يضمن صورة حضارية للمدن المغربية أمام الزوار والمشجعين القادمين من مختلف بلدان القارة.

مصادر لـ”بلبريس” أفادت أن الصفقة المتعلقة بتنظيم الحفل آلت إلى شركة يوجد مقرها بحي أكدال بالرباط، وذلك عبر طلب عروض رقم 11/2025. غير أن توقيت الإعلان عن الصفقة، المتزامن مع العد العكسي لتنظيم التظاهرة الإفريقية، غذّى الشكوك حول جدوى هذا الإنفاق، وربطه عدد من المتتبعين بغياب رؤية استباقية لمعالجة الإشكالات الاجتماعية المطروحة في الشارع العام.

وفي هذا السياق، اعتبر فاعلون أن الوزارة كان بإمكانها اعتماد صيغ أقل كلفة وأكثر رمزية، من قبيل تنظيم حفل توزيع الجوائز في فضاءات عمومية كبرى متاحة مجانا، مثل مسرح محمد الخامس أو مسرح محمد السادس في البيضاء أو قاعة باحنيني في الرباط، بدل صرف مبالغ كبيرة من المال العام، بما يحقق الغاية المعنوية للجائزة دون إثقال كاهل الميزانية أو إثارة “شبهات الاستغلال السياسي”.

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *