أكد وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، خلال زيارته إلى مدريد، أنه «لا وجود لأي وثيقة دولية تربط بين حق تقرير المصير وإجراء الاستفتاء»، مشددًا على أن هذا الحق «تعبير عن الإرادة ويمكن أن يتجسّد بأشكال متعددة».
وقال بوريطة، في حوار مع وكالة “إفي”، إن قرار مجلس الأمن الأخير بشأن الصحراء المغربية يستند بوضوح إلى مبادرة الحكم الذاتي، دون أن يتضمن أي إشارة لاعتبار الاستفتاء آلية إلزامية لتقرير المصير.
وأضاف الوزير المغربي أن الرباط تعتزم اليوم العمل على «خطة حل» جديدة تمت مناقشتها مع الأحزاب السياسية، مؤكداً أنه لم يُحدد بعدُ موعد لإطلاق المفاوضات المنتظرة مع الأطراف الثلاثة الأخرى، وهي جبهة البوليساريو والجزائر وموريتانيا.
وعن موقف المغرب من قرار الأمم المتحدة الصادر في 31 أكتوبر 2025، قال بوريطة إن المملكة استقبلته باعتباره «قطيعة مع المقاربات السابقة»، لأنه حدّد لأول مرة أسس التفاوض وهدفه النهائي المتمثل في حكم ذاتي تحت السيادة المغربية، إضافة إلى تحديد الأطراف وجدول المفاوضات.
وأوضح الوزير أن موقف إسبانيا، بقيادة بيدرو سانشيث، «يتماشى مع الإرادة الدولية التي جعلت الحكم الذاتي نقطة ارتكاز للحل»، مبرزاً أن مجلس الأمن نفسه يؤكد اليوم وجاهة هذا التوجه.
وبخصوص المرحلة المقبلة، تابع بوريطة أن القرار الأممي يطلب من الأطراف الانخراط في مفاوضات على أساس مبادرة الحكم الذاتي، وأن المغرب، وبأمر من الملك محمد السادس، يعمل على تحيين هذه المبادرة لتتحول إلى «خطة مفصلة» تستجيب لمتغيرات الدستور والجهوية والنموذج التنموي.
وعن طبيعة الأطراف المشاركة في الحوار، جدد بوريطة التأكيد على أن القرار حدّد أربعة أطراف فقط، مضيفًا: «المغرب ملتزم بما تنص عليه القرارات، ولا حاجة للتعليق على وجود البوليساريو من عدمه». كما أوضح أنه لم تُعقد أي اتصالات بعد، وأن المغرب ينتظر دعوة رسمية لإطلاق المفاوضات، باعتبار الولايات المتحدة الدولة المستضيفة لهذه العملية.
وفي ما يتعلق بعلاقة المغرب مع شركائه الأوروبيين، قال الوزير إن المملكة تتطلع إلى «طي هذا الملف نهائياً» من أجل تطوير شراكاتها مع الاتحاد الأوروبي، خصوصًا أنها قدّمت مبادرة للحل وخلقت دينامية دولية داعمة لها.
وحول الضمانات الموجهة للسكان في الأقاليم الجنوبية، شدد بوريطة على أن الحكم الذاتي يوفر قاعدة قانونية قوية ومتوافقة مع ميثاق الأمم المتحدة، مشيراً إلى دعم دول كبرى للمبادرة، ما يعكس احترامها للشرعية الدولية.
وأوضح الوزير أن الحديث عن «السكان» بدل «الشعب» هو انسجام مع لغة قرارات الأمم المتحدة التي تستعمل مفهوم people بمعنى السكان، مؤكداً عدم وجود «شعب منفصل» في المنطقة.
وبخصوص آليات مراقبة تنفيذ الحكم الذاتي، قال بوريطة إن المغرب لا يرى ضرورة لرقابة دولية، لأن تنفيذ الاتفاق سيكون نابعاً من التزام الأطراف، غير أن الموضوع يبقى قابلاً للنقاش خلال المفاوضات.
وفي سؤال يتعلق بإدارة مجال أجواء الصحراء، أبرز بوريطة أن هذا الملف مطروح ضمن مجموعة العمل التي جرى تشكيلها بعد إعلان 7 أبريل 2022، مشيرًا إلى تقدم مهم في النقاشات، وإلى أن المجموعة ستجتمع قريبًا.
وختم قائلاً: «إذا أقلعت طائرة نحو الصحراء فهي تعبر عبر مراكش، ومن الواضح من يوجّه الطائرة ومن يضمن سلامتها. في إطار الاحترام المتبادل يمكن إيجاد حلول مبتكرة تحفظ مصالح المغرب وإسبانيا».