تشهد الساحة السياسية في الدار البيضاء حركية غير مسبوقة، مع شروع عدد من المنتخبين البارزين في تهيئة الظروف للرحيل عن أحزابهم الحالية نحو وجهات سياسية جديدة، بحثاً عن تزكيات انتخابية تضمن لهم الاستمرار في المشهد خلال الاستحقاقات المقبلة. وقد تأكد لهؤلاء، وفق مصادر متطابقة، أن حظوظهم داخل “الأحزاب الأم” تراجعت بشكل لافت، أو لم تعد مطروحة أصلاً، ما دفعهم إلى طرق أبواب تنظيمات أخرى تبحث بدورها عن تعزيز صفوفها بوجوه معروفة.
وتدخل هذه التحركات في سياق ما أصبح يُوصف داخل الأوساط السياسية بـ“حروب التزكيات”، والتي لا تقتصر على أحزاب الأغلبية، بل تمتد لتشمل أحزاب المعارضة التي تتحرك بذكاء على خط التصدعات الداخلية لمنافسيها. فالأمناء العامون لبعض الأحزاب المعارضة يعتبرون، في هذه المرحلة الدقيقة، أن أي تغيير في موازين القوى داخل أكبر مدن المغرب سيكون بمثابة رجة انتخابية مهمة، قد تفتح الباب أمام نتائج مفاجئة عند ظهور أولى بوادر الانتخابات التشريعية.
وفي الدوائر الثماني لعمالة الدار البيضاء، بدأت أسماء سياسية معروفة تُفصح تدريجياً عن نواياها واتجاهاتها الجديدة، سواء في الكواليس أو على هامش الاجتماعات الجانبية أو حتى في المقاهي التي أصبحت فضاءات للتفاوض وترتيب خيوط المرحلة المقبلة. وتتناقل مصادر محلية أن بعض هؤلاء المنتخبين أنهوا بالفعل اتصالاتهم مع قيادات أحزاب أخرى، واتفقوا على الخطوط العريضة لصفقات الانتقال، في مقابل التزام واضح بمنحهم التزكية.
في المقابل، يفضّل منتخبون آخرون التريث والتحفظ، رافضين الكشف عن خطواتهم المقبلة، حفاظاً على خط الرجعة، أو أملاً في تغيّر المعادلة داخل أحزابهم الأصلية في اللحظات الأخيرة. فالمشهد السياسي البيضاوي، كما يؤكد مراقبون، يتّسم بالحركية والتقلب، وقد تُقلب قرارات مركزية موازين القوى في ظرف ساعات.
وبالتزامن مع هذه التحركات المكثفة، تستعد بعض الأحزاب لإطلاق حملات تنظيمية داخلية في العاصمة الاقتصادية، استعداداً لتصفية لوائح المرشحين، وتحديد الأسماء التي ستمثلها في الانتخابات القادمة. ويرى متابعون أن المنافسة ستكون شرسة، ليس فقط على المقاعد البرلمانية، بل أيضاً على مستقبل النفوذ السياسي داخل المدينة التي تُعدّ الخزان الانتخابي الأكبر في المغرب.
ومع اقتراب العدّ التنازلي للموعد الانتخابي، يبدو أن الدار البيضاء مقبلة على موسم سياسي ساخن، ستُحسم فيه الكثير من المواقع والمصالح، في ظل بحث الأحزاب عن التوازنات، والمنتخبين عن النجاة، والناخبين عن بدائل تقنعهم بجدوى المشاركة في العملية السياسية.