في تطوّر لافت بملف الصحراء، كشفت مصادر دبلوماسية متطابقة أن مشاورات باريس، التي استمرت نحو ستة أشهر بين مسؤولين مغاربة ونظرائهم الفرنسيين حول مراجعة مشروع الحكم الذاتي، انتهت دون الاتفاق على الصيغة النهائية. فرنسا كانت قد دفعت في اتجاه استلهام النموذج السياسي المطبق منذ 1984 في بولينيزيا الفرنسية، باعتباره إطاراً يمكن تكييفه مع خصوصيات الصحراء.
غير أن المعطيات التي رشحت في الأسابيع الأخيرة تشير إلى دخول لندن على الخط بقوة، بعدما اشترطت المملكة المتحدة دعمها للمبادرة المغربية مقابل توليها صياغة المسودة الجديدة. ووفق مصادر مطلعة، يوجد منذ مدة بالرباط فريق بحثي من قسم القانون الدولي والدساتير المقارنة بجامعة جامعة كامبريدج يشرف على نحو 80 في المائة من هندسة الوثيقة الجديدة، على أن يترك للمغرب هامش صياغة يُقدر بـ20 في المائة لضمان مراعاة مصالحه الاستراتيجية.
وتوضح التسريبات أن المسودة المرتقبة تستند إلى نموذج الحكم المعتمد في جزر فوكلاند، حيث تُدار المنطقة عبر حكومة محلية منتخبة بصلاحيات واسعة تشمل الصحة والهجرة والاقتصاد، مع إدارة مشتركة للعلاقات الخارجية والدفاع، بينما يُناط بحاكم الإقليم تدبير ملفات الأمن والسياسة الخارجية انسجاماً مع مقتضيات التبعية للتاج البريطاني.
وتقترح الصيغة الأولية، وفق نفس المعطيات، اعتماد تسمية Territory of Western Sahara – منطقة الصحراء الغربية، مع تخصيص علم محلي يُرفع إلى جانب العلم المغربي، وجواز سفر مميز بلون خاص يحمل شعار التسمية الجديدة، في إطار ترتيبات مؤسسية توصف بأنها “لا تمس السيادة لكنها توسع نطاق الحكم الذاتي إلى أقصى مدى ممكن”.
هذه التسريبات، وإن لم تُحسم رسمياً، تعكس حسب مراقبين تحولاً في موازين النقاش الدولي حول المبادرة المغربية، وانتقال ثقل الوساطة من باريس إلى لندن في واحدة من أكثر مراحل الملف حساسية خلال السنوات الأخيرة.