في مداخلة نارية خلال الجلسة العمومية المخصصة لمناقشة الجزء الأول من مشروع قانون المالية لسنة 2026، وجّه عبد الرحيم شهيد، رئيس الفريق الاشتراكي ـ المعارضة الاتحادية بمجلس النواب، انتقادات لاذعة إلى الأغلبية الحكومية، متهماً إياها بـ”الغياب الواسع والارتباك السياسي” خلال مناقشة مشروع الميزانية داخل لجنة المالية والتنمية الاقتصادية.
وقال شهيد إن بعض مكونات الأغلبية وجدت نفسها في مشهد سياسي غريب، تحاول فيه الجمع بين الدفاع عن الحكومة والتعبير عن هموم المواطنين، مبرزاً أن “كلماتها بدأت بالإشادة بالحكومة وانتهت بالاحتجاج عليها، في مواقف لا تختلف كثيراً عن مطالب المعارضة”.
ولم يُخف رئيس الفريق الاشتراكي استياءه من ردود فعل بعض الوزراء وأعضاء الأغلبية، الذين، حسب قوله، “أضفوا على أنفسهم هالة من القداسة، وكأن المعارضة لا تملك حق النقد أو المخالفة”، مضيفاً أن نقاش مشروع القانون المالي تحول إلى ساحة لتصفية الحسابات وشخصنة المواقف، في تجاهل صريح لأعراف العمل البرلماني وروح الدستور.
وأضاف شهيد بلهجة حازمة: “نُذكّر من يؤرخون لبداية السياسة في المغرب منذ سنة 2021 أن حرية التعبير التي يتمتعون بها اليوم ثمرة نضال طويل وتضحيات جسام قدمها نساء ورجال هذا الوطن، ممن اختاروا المصالحة والإنصاف وطي صفحة الماضي”.
وفي رد غير مباشر على محمد شوكي، رئيس فريق التجمع الوطني للأحرار، قال شهيد إن “العبث هو الكذب على المغاربة، والتشويش هو إخفاء الواقع المرير، أما العدمية الحقيقية فهي محاولة إسكات المعارضة والتضييق على صوتها”، مشدداً على أن “الانسجام الحكومي المعلن لا يخفي التناقضات والتوترات داخل مكونات التحالف”.
وأكد شهيد أن “الأغلبية العددية لا تصنع التاريخ ولا المجد، بل قد تدفع أصحابها في لحظات النشوة إلى إنكار مسار البناء الوطني المشترك الذي ساهمت فيه كل المؤسسات والقوى السياسية”، قبل أن يترحم على “صناع هذا المسار المغربي الفريد من نساء ورجال دولة ومسؤولين وسياسيين وحقوقيين”.
وانتقل رئيس الفريق الاشتراكي لانتقاد ضعف مضامين مشروع قانون المالية لسنة 2026، معتبراً أنه جاء دون طموح ولا جرأة إصلاحية، قائلاً: “كنا ننتظر قانوناً مالياً مختلفاً، يستحضر السياقات الدولية والوطنية الصعبة، ويقدّم إجابات عملية عن الأزمة المعيشية الخانقة التي يواجهها المواطنون”.
وختم شهيد كلمته بالتأكيد على أن الحكومة، رغم مرور أربع سنوات وخمسة قوانين مالية متتالية، لم تنجح بعد في ترجمة التزاماتها تجاه جلالة الملك والمغاربة، مشيراً إلى استمرار ارتفاع البطالة، وتدهور القدرة الشرائية، واتساع الفوارق المجالية، وتراجع المؤشرات الاجتماعية، وتواضع الأداء الاقتصادي العام.