المستقبل السياسي للرئيس الجزائري تبون في مأزق حقيقي

يمر الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في هذه الأيام بوضعية حرجة ودقيقة قد تهدد مستقبله السياسي، بسبب القرار الأممي رقم 2797 الصادر يوم الجمعة الماضي، 31 أكتوبر 2025. هذا القرار حاصر تبون في زاوية ضيقة قد تعصف بمستقبله السياسي، إذ غير بشكل جذري الإطار القانوني والسياسي للأقاليم الجنوبية، محوّلًا التكييف القانوني الدولي للصحراء من منطقة تحت السيطرة الإدارية للمغرب إلى منطقة تحت السيادة المغربية، ومن منطقة غير متمتعة بالحكم الذاتي إلى منطقة يتم التفاوض لإيجاد حل نهائي لها بناءً على مقترح الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية.

 

وبناءً على هذا القرار، أصبح كل من جبهة البوليساريو والجزائر ملتزمين بالعودة إلى المفاوضات على هذا الأساس، دون شروط مسبقة، وبعيدًا عن شعارات الاستفتاء وتقرير المصير.

قرار أممي ورّط تبون ونظامه

يرى المراقبون أن القرار الأممي وضع الرئيس الجزائري ومؤسسات نظامه في مأزق حقيقي، للأسباب التالية:

  • إقرار مجلس الأمن الدولي بأن الجزائر طرف مباشر في النزاع المفتعل حول الصحراء، بعد خمسين سنة من الترويج بأن النزاع بين طرفين فقط هما المغرب والبوليساريو.
  • اعتبار القرار الأممي مبادرة الحكم الذاتي المغربية إطارًا للتفاوض لإيجاد حل نهائي للنزاع.
  • مطالبة الجزائر بالعودة إلى المفاوضات في إطار مبادرة الحكم الذاتي المغربية وتحت السيادة المغربية.

مضامين القرار زلزلت أركان النظام الجزائري وأدخلته في حالة من الهستيريا غير المتوقعة، خصوصًا أن قرارات مجلس الأمن الدولي تتمتع بقيمة قانونية ملزمة للأعضاء.

والخطير في هذا القرار ، هو انه بعد خمسين سنة من المناورات والخداع والتحايل وتضليل الرأي العام الدولي من طرف كل رؤساء النظام الجزائري، جاء القرار رقم 2797 (2025) ليحسم الأمر بشأن الصحراء، مُشكّلًا حدثًا تاريخيًا لمسار النزاع المفتعل حول مغربية الصحراء، وبتقديم من الولايات المتحدة الأمريكية بصفتها صاحبة المبادرة في الملف.

القرار صوّت عليه 11 عضوًا من أصل 15، فيما امتنعت روسيا والصين وباكستان عن التصويت، في حين انسحبت الجزائر، وهو سلوك نادر في تاريخ التصويت بمجلس الأمن الدولي.

مأزق سياسي وتحديات مستقبلية لتبون

القرار الاممي وضع النظام الجزائري في موقف صعب جدًا، قد يهدد مستقبل الرئيس تبون لسببين:

1. لم يكن الرئيس تبون يتوقع هذا الزلزال السياسي والقانوني داخل مجلس الأمن الدولي، مما وضعه في حالة صدمة قوية، وعزل وضعيته بالكامل، حتى  بالنسبة لحلفائه التقليديين.

2. نص القرار بوضوح على أن مبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية هي أساس المفاوضات حول الصحراء، يجب على كل الاطراف الإلترام بها من بينهم الجزائر بالمشاركة فيها.

وبالتالي، لم يترك القرار أي مجال للتأويل: الأطراف الأربعة في النزاع (المغرب، الجزائر، موريتانيا، البوليساريو) ملزمة بالجلوس على طاولة المفاوضات، على أن تكون المبادرة المغربية للحكم الذاتي محورًا أساسيًا دون شروط مسبقة، من أجل التوصل إلى حل سياسي نهائي.

  الشعب الجزائري وجها لوجه مع تبون للمحاسبة حول 50 سنة من دعم كيان وهمي ب  500 مليار دولارا

يُتوقع أن يُحدث القرار مواجهة حادة بين النظام الجزائري والشعب الجزائري، الذي اكتشف أنه كان ضحية تضليل وكذب حول نزاع الصحراء لأكثر من خمسين سنة، بما في ذلك عهد تبون. الشعب سيطالب بتفسير ما وقع وتبرير إنفاق مئات المليارات من الدولارات على كيان وهمي أعاق تنمية الجزائر وأدخلها في مواجهات مع المغرب ودول أخرى.

وقد أشارت تقارير عديدة إلى أن النظام الجزائري صرف حوالي 500 مليار دولار على قضية الصحراء، دون أي مردود على التنمية الداخلية، بينما يدعم الآن قرار مجلس الأمن الدولي إجراء مفاوضات مبنية على الحكم الذاتي المغربي تحت السيادة المغربية، ما يضع النظام في مأزق أمام الشعب والعالم.

النهاية السياسية المحتملة لتبون

يرى العديد من المراقبين أن القرار الأممي قد يمهّد الطريق أمام تغييرات سياسية جذرية في الجزائر، قد تؤدي إلى تحرير الشعب الجزائري من هيمنة النظام العسكري، وتوجيه الدولة نحو نظام ديمقراطي. وفي كل الأحوال، فمستقبل الرئيس تبون يبدو اليوم بين خيارين: العزلة أو الاستسلام، مع نهاية محتملة لمسيرته السياسية بين رمال الصحراء.

 

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *