في اجتماعه العادي المنعقد يوم 28 أكتوبر 2025 بالرباط، أصدر المكتب السياسي لحزب الأصالة والمعاصرة بلاغاً مطولاً تطرق فيه إلى قضايا الوحدة الترابية والنجاحات الدبلوماسية التي راكمتها المملكة، وإلى أولويات مشروع قانون المالية الجديد، خصوصاً ما يتعلق بتوزيع الاستثمارات العمومية بشكل عادل بين الجهات، ودعم العدالة المجالية والتنمية الترابية المندمجة.
كما شدد البلاغ، الذي وصل بلبريس نسخة منه، على ضرورة تعزيز البرامج الاجتماعية الموجهة للشباب والنساء، وضمان تحسين الخدمات الأساسية في مجالي الصحة والتعليم.
غير أن البلاغ، رغم تفصيله في عدد من القضايا، تجاهل بشكل كامل الإشارة إلى الجدل الكبير الذي أثاره رئيس الفريق النيابي للحزب أحمد التويزي داخل لجنة المالية بمجلس النواب.
وكان التويزي قد فجّر نقاشاً حاداً بعدما قال إن “بعض المطاحن تخلط الورق بالدقيق”، وهو تصريح اعتبره كثيرون اتهاماً خطيراً في ملف حساس يتعلق بصحة المواطنين ودعم الدقيق.
إثر ذلك، خرج التويزي ببلاغ توضيحي أكد فيه أن كلامه أُسيء فهمه، وأنه كان مجرد استعمال مجازي للتعبير عن التلاعب والفساد الذي يعرفه قطاع الدعم، نافياً أن يكون قصد وجود ورق يُطحن فعلاً مع القمح.
ورغم هذا التوضيح، لم يسلم من موجة انتقادات واسعة من طرف خصوم سياسيين وإعلاميين، اعتبروا أن تصريحاته تفتقر إلى المسؤولية وتسيء إلى صورة المؤسسة التشريعية.
وفي الوقت الذي كان من المفترض أن يظهر الحزب نوعاً من التضامن الرمزي مع رئيس فريقه البرلماني، ولو بالإشارة إلى توضيحه الرسمي أو الدفاع عن سياق كلامه، آثر المكتب السياسي أن يتركه وحيداً في مواجهة سيل من الانتقادات.
هذا التجاهل، وفق متابعين، يعكس حرجا داخل قيادة الحزب من الزوبعة الإعلامية والسياسية التي أثارتها تصريحات التويزي، وحرصها على عدم إقحام الموضوع في بلاغ سياسي أرادت أن تخصصه حصراً للملفات الكبرى والاستراتيجية.
وهكذا، بينما حرص البلاغ على إبراز التزام الحزب بتجويد النقاش حول مشروع قانون المالية وضمان حضور اجتماعي وتنموي في توزيع الاستثمارات العمومية، بدا لافتاً الغياب التام لأي إشارة لقضية أثارت نقاشاً وطنياً واسعاً وأحرجت الحزب في ظرف حساس.