لفتيت يُعلن الحرب على “تبذير المال العام”

في خطوة حازمة تهدف إلى ضبط الإنفاق العمومي وضمان ترشيد تدبير المال العام، أطلق عبد الوافي لفتيت، وزير الداخلية، تحذيرات شديدة اللهجة ضد أي تهاون أو تلاعب في تدبير ميزانيات الجماعات الترابية، مشدداً على أن عهد “اللا محاسبة” قد ولّى، وأن كل اختلال أو عبث في صرف الموارد المالية سيكون تحت طائلة الملاحقة القضائية.

الرسالة الصريحة جاءت ضمن دورية جديدة وجهها الوزير إلى الولاة والعمال، دعاهم فيها إلى تكثيف الرقابة القبلية على ميزانيات الجماعات، وخاصة خلال مرحلة التأشير، التي يجب أن تُخضع لتقييم دقيق لضمان صدقيتها وواقعيتها، سواء في جانب المداخيل أو النفقات.

ميزانيات تحت المجهر: لا مكان للتلاعب أو النفخ في الفواتير

أكد لفتيت أن الميزانية تُمثل الأداة المحورية لتنزيل البرامج والمشاريع التنموية محلياً، ما يفرض ضرورة التزام الجماعات بقواعد صارمة في إعدادها، تقوم على التقدير العقلاني للمداخيل والاقتصار على النفقات الأساسية. كما شدد على وجوب تفادي النفخ في فواتير التسيير أو افتعال عجز وهمي من أجل الاستفادة من مساعدات إضافية غير قانونية.

ترشيد الإنفاق.. والتقشف في المصاريف الثانوية

وجّه الوزير تعليماته نحو التحكم الصارم في توازن الميزانيات، من خلال خفض النفقات غير الضرورية، مثل مصاريف الوقود، الاستقبال، الإطعام، الحفلات والندوات، داعياً إلى ترشيد استهلاك الماء والكهرباء، وضبط نفقات الصيانة والدعم الموجه للجمعيات، مع حسن تتبع أثره على المواطن. كما طالب بتوجيه الموارد المالية نحو المشاريع الاستثمارية الحقيقية، مع ضمان الاستعمال الأمثل للموارد البشرية.

ملف العقارات الجماعية.. تسوية متأخرة وحقوق مهدورة

لفتيت أشار إلى اختلالات في تسوية الوضعية القانونية والمالية للعقارات الجماعية، خاصة تلك المرتبطة بأراضٍ سلالية تم تفويتها للجماعات، دون إبرام العقود النهائية أو أداء المقابل المالي، ما يحرم ذوي الحقوق من مستحقاتهم. وشدد الوزير على ضرورة التعجيل بإنهاء هذه التسويات، وإبرام العقود، واستكمال الإجراءات الضرورية لتسوية الوضعيات العالقة.

العجز المفتعل.. حيلة مكشوفة وأرقام غير صادقة

الوزير لم يُخفِ انزعاجه من لجوء بعض المجالس إلى تضخيم العجز بشكل متعمد، في محاولة لتبرير طلبات دعم إضافي من الدولة، وهو ما وصفه بأنه “غير مقبول”، داعياً الآمرين بالصرف إلى الالتزام بمبدأ الشفافية والصدقية أثناء إعداد الميزانيات.

كما نبه إلى أن وزارة الداخلية لن تتساهل مع أي محاولة لتزييف الأرقام أو تحريف الوقائع المالية، مؤكداً في الوقت نفسه على استمرار مواكبة الجماعات الترابية ومساعدتها على الوفاء بالتزاماتها، لكن فقط في إطار القانون والانضباط المالي.

رسائل وزير الداخلية تؤشر على دخول مرحلة جديدة في تدبير المالية المحلية، قوامها الصرامة والرقابة والمحاسبة، في محاولة لوقف نزيف المال العام، وإعادة الاعتبار لمؤسسات الدولة على المستوى الترابي. فهل تلتقط المجالس الجماعية الإشارة وتعدل بوصلتها؟ أم أن المساءلة القضائية ستكون الفيصل؟

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *