تعيش الأوساط الاقتصادية والسياسية في إسبانيا حالة من الترقب إزاء الخطوات المغربية المتسارعة في قطاع الطاقات المتجددة، عقب الإعلان عن مشروع ضخم لإنتاج الهيدروجين الأخضر بجهة كلميم واد نون.
وكشف موقع hibridosyelectricos المتخصص في شؤون الطاقة أن هذا المشروع، المعروف باسم “شبكة”، قد يغير موازين السوق الأوروبية ويشكل تهديداً مباشراً للمخطط الإسباني، الذي يضع لنفسه هدف الريادة في مجال الهيدروجين الأخضر على مستوى القارة.
ويرتكز المشروع المغربي على موارد طبيعية وافرة من الرياح والطاقة الشمسية، مع قدرة إنتاجية تصل إلى غيغاواط واحد لتشغيل محطات التحليل الكهربائي، ما سيمكن من إنتاج نحو 200 ألف طن من الأمونيا الخضراء سنوياً.
كما يعتمد على تحلية مياه البحر، بشراكات مع مجموعات عالمية كبرى من بينها “توتال إنرجيز” و”إيرين” و”CIP” و”A.P. Møller”، التي ستساهم في تطوير ميناء خاص بالمشروع.
في المقابل، ما تزال إسبانيا تعاني من بطء في إنجاز مشاريعها الكبرى مثل ممر H2Med ومزارع الرياح البحرية، وهو ما يثير خشية مدريد من أن تفقد موقعها كمرشح أول لقيادة التحول الطاقي في أوروبا.
ويتجاوز الطموح المغربي حدود مشروع “شبكة”، إذ يرتبط باستراتيجية وطنية تسعى لرفع حصة الطاقات المتجددة إلى 52 في المائة بحلول 2030، مقابل 37 في المائة حالياً، والوصول إلى قدرة إنتاجية تفوق عشرة غيغاواط قادرة على توفير مليون طن من الهيدروجين سنوياً.
وتُقدر الاستثمارات الموجهة لهذا المسار بأكثر من 30 مليار يورو، مع تخصيص مليون هكتار من الأراضي، بينها 300 ألف هكتار كمرحلة أولى.
ولفت التقرير الإسباني إلى مفارقة لافتة، تتمثل في مشاركة شركات إسبانية مثل “أكسيونا” و”مويف” في التحالفات الاستثمارية بالمغرب، من خلال تحالف ORNX، وهو ما يضع مدريد أمام تناقض بين طموحها في الحفاظ على الريادة وانخراط مقاولاتها في المشاريع المغربية.
كما أشار إلى أن الموقع الجغرافي للمغرب، وقربه من أوروبا، وتوفره على طاقات طبيعية أرخص وأكثر استقراراً، قد يجعله الوجهة المفضلة للصناعات الأوروبية الثقيلة الباحثة عن بدائل تنافسية للوقود الأحفوري.
وتزداد المخاوف الإسبانية مع الدعم الفرنسي الواضح للرباط، حيث وقع الرئيس إيمانويل ماكرون أكثر من 22 اتفاقية ثنائية مع المغرب تشمل البنى التحتية والطاقة النظيفة، في إشارة إلى إعادة رسم خريطة النفوذ داخل سوق الهيدروجين الأوروبية.
غير أن التقرير نبه أيضاً إلى أبعاد جيوسياسية حساسة، خصوصاً مع احتمال استغلال أراضٍ في الصحراء ضمن هذه المشاريع، وهو ما قد يفاقم التوترات بين الرباط ومدريد.
وختم المصدر تحليله بالتأكيد على أن الخيار المتبقي أمام إسبانيا يكمن في تسريع وتيرة تنفيذ مشاريعها وتجاوز البيروقراطية وتعبئة التمويل الكافي للبحث والتطوير، وإلا ستجد نفسها متأخرة عن جارها الجنوبي الذي يتحرك بخطى ثابتة ليصبح لاعباً رئيسياً في تزويد أوروبا بالطاقة النظيفة.