سبع شقق بمليار سنتيم تفضح مخططاً لغسل الأموال

فتحت الهيأة الوطنية للمعلومات المالية تحقيقاً معمقاً في واحدة من أكثر الصفقات العقارية إثارة للجدل، بعدما أثار موثق الشكوك حول معاملة حاول من خلالها شخص اقتناء سبع شقق في مجمع سكني فاخر، بلغت قيمتها الإجمالية حوالي 10 ملايين درهم، أي ما يعادل مليار سنتيم.

وأفادت مصادر مطلعة أن المشتبه فيه عمد إلى تسجيل شقتين باسمه، فيما دوّن الخمس الأخرى في أسماء زوجته وأبنائه، وهي الخطوة التي زادت من حدة الريبة. وذكرت نفس المصادر أن المشتري قدّم نصف المبلغ بواسطة شيك، بينما حاول دفع الباقي نقداً، الأمر الذي دفع الموثق إلى الاعتراض، والتشديد على ضرورة الأداء عبر شيك أو تحويل بنكي، بحكم أن القيمة تناهز 500 مليون سنتيم، وهو ما يفرض قانوناً توثيق المعاملات المالية بشكل شفاف. وإزاء هذا الموقف، صرف المقتني النظر عن إتمام الصفقة، ليبادر الموثق إلى إشعار الهيأة الوطنية بوجود شبهة غسل أموال، مقدماً تفاصيل دقيقة عززت شكوكه.

وفي سياق التحقيق، طلبت الهيأة معطيات من الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية، فتبين أن المعني بالأمر سبق أن أنجز عدة معاملات مشابهة، حيث يقتني شققاً ويعيد بيعها بعد فترة وجيزة، في أسلوب يطابق عمليات غسل الأموال المعروفة في المجال العقاري. هذا السيناريو دفع المحققين إلى ترجيح فرضية أن الأموال موضوع الصفقة مجهولة المصدر، وربما متأتية من تجارة غير مشروعة.

وتكشف المصادر أن القطاع العقاري بات الوجهة المفضلة لدى أباطرة المخدرات لتبييض عائداتهم، إذ يتم الاستثمار في شراء عقارات بأثمان مضاعفة، ثم إعادة بيعها لإدماج تلك الأموال في الدورة الاقتصادية. ولإحكام خططهم، يستعين هؤلاء بوسطاء ومستشارين عقاريين محترفين يتكفلون بالبحث عن الأصول التجارية وفتح المساطر الإدارية لتوثيق الملكيات.

غير أن القانون المغربي لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب يحمّل المسؤولية كاملة للجهات المتدخلة في هذه المعاملات، بدءاً من المؤسسات المالية مروراً بالمهن القانونية المستقلة مثل الموثقين والمحامين والخبراء المحاسبين، وصولاً إلى تجار المعادن النفيسة ومسيري الكازينوهات. إذ يفرض عليهم القانون التبليغ الفوري عن أية معاملة مشبوهة، تحت طائلة المساءلة القانونية في حال التهاون أو التغاضي.

ورغم الصرامة القانونية، لا يزال القطاع العقاري مجالاً مفتوحاً أمام محاولات غسل الأموال، خصوصاً من طرف شبكات المخدرات، التي تجد فيه قناة مثالية لإضفاء طابع “مشروع” على أموالها غير المشروعة. وتؤكد المصادر ذاتها أن ملف المشتبه فيه سيحال قريباً على القضاء، لتعميق البحث وكشف خيوط شبكة محتملة وراء هذه العملية التي كادت تمرّ في صمت لولا يقظة الموثق.

 

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *