هزت وثيقة جديدة مثيرة للجدل أوساط مريدي الطريقة القادرية البودشيشية خلال الساعات الماضية، حيث ادعت تضمنها تنازل الشيخ منير القادري بودشيش عن مشيخة الزاوية العريقة لصالح شقيقه الأصغر معاذ، في خطوة غير مسبوقة أثارت موجة من الريبة والاستنكار.
غير أن التدقيق في تفاصيل هذه الوثيقة التي اطلعت عليها “بلبريس” كشف عن خيوط مريبة تشكك في مصداقيتها، حيث حملت بحسب المشككين بعض الهفوات الإملائية الصارخة، أبرزها كتابة “البوتشيشية” عوض “البودشيشية”، وهو خطأ يستحيل وقوع شيخ الطريقة فيه عند توقيع وثيقة بهذه الأهمية.
لا تقتصر علامات الاستفهام حول الوثيقة على الأخطاء الإملائية فحسب، بل تمتد إلى جوانب فنية أخرى أثارت انتباه المختصين. فالمقارنة البصرية بين التوقيع المدرج في الوثيقة المتداولة والتواقيع الأصلية للشيخ منير تكشف عن تباينات واضحة في شكل الخط ونمط التوقيع، مما يعزز الشكوك حول صحة المستند برمته.
تأتي هذه الضجة في ظل أجواء حساسة تعيشها الطريقة منذ وفاة شيخها الكبير جمال الدين القادري بودشيش في الثامن من غشت الماضي، عن عمر ناهز الثالثة والثمانين، بالمستشفى العسكري في الرباط.
وقد فتحت وفاة الشيخ الراحل ملف الخلافة على مصراعيه، في ظل تنافس محتدم بين ابنيه منير ومعاذ حول زمام القيادة الروحية.
لم تكد تمر أيام معدودة على رحيل الشيخ الكبير حتى برزت إلى السطح خلافات عميقة داخل أروقة الزاوية، تجلت في تضارب البيانات والتصريحات حول الأحقية في تولي المشيخة. هذا الصراع الخفي انعكس بوضوح على موقف مريدي الطريقة، الذين انقسموا بين مؤيد ومعارض لكل طرف.
في خضم هذا التوتر، سارع مريدون مخلصون للشيخ منير إلى نفي ما وصفوه بـ”الإشاعة المغرضة” التي تزعم تنازله عن منصبه، معتبرين هذه الادعاءات “باطلة من أساسها” ومحض “افتراء وفعل مقصود” يهدف إلى زعزعة الاستقرار داخل الطريقة العريقة.
على الجانب الآخر، تناقلت عدة منابر إعلامية تقارير تؤكد صحة التنازل، مستندة إلى الوثيقة المؤرخة بالثاني عشر من غشت، أي بعد أربعة أيام فقط من وفاة الشيخ الراحل.
هذا التضارب في الروايات زاد من حدة الارتباك والقلق بين أتباع الطريقة الصوفية التي تحظى بنفوذ واسع في المغرب.