كشفت منصة “فريش بلازا” المتخصصة في أخبار الزراعة وسلاسل التوريد، أن موجتين من الحرارة الشديدة خلال شهري يونيو وغشت من السنة الجارية، قد تسببتا في خسائر كبيرة لمنتجي فاكهة الأفوكادو بالمغرب، ما ألقى بظلاله على الموسم الحالي للإنتاج. وأشارت المنصة إلى أن التقديرات الخاصة بحجم هذه الخسائر تختلف بشكل ملحوظ بين مختلف الأطراف المعنية داخل القطاع.
وأوضحت المنصة أن بعض ممثلي المنتجين قدروا حجم الخسائر بنحو 80 ألف طن، أي ما يعادل تقريباً نصف الإنتاج المتوقع لهذا الموسم، في حين عبّر ممثلو المصدرين عن تحفظهم إزاء هذه التقديرات، مشيرين إلى أن الخسائر أقل من ذلك بكثير، ومتسائلين عن وجود نوايا لاستغلال الظروف المناخية الاستثنائية بهدف تقليص الكميات المعلنة وتحقيق أسعار أفضل في السوق.
وفي هذا السياق، صرّح أحمد بولجيد، المدير التنفيذي لشركة Entrepôt Frigorifique Lexus، في حديث خصّ به المنصة، بأنه قام بزيارات ميدانية إلى عدد من المزارع، واجتمع بعدة منتجين بمناطق مختلفة، وأكد أن الأضرار التي لحقت بالمحصول كبيرة فعلاً، مشيراً إلى أن الخسائر تقدر فعلياً بحوالي 80 ألف طن. ومع ذلك، أوضح بولجيد أن هذه الخسائر لن تؤدي إلى نقص كبير في العرض، حيث من المتوقع أن يكون حجم الإنتاج هذا الموسم قريباً من إنتاج السنة الماضية، أو أقل بقليل، ويتراوح ما بين 95 إلى 100 ألف طن.
وأشار بولجيد إلى أن هذه الأرقام الإيجابية ترجع إلى التوسع في المساحات المزروعة خلال العامين الأخيرين، والتي بدأت تعطي ثمارها هذا الموسم، مما ساهم في تخفيف أثر الخسائر التي خلفتها موجات الحرارة المرتفعة.
وأكد أن تقديرات جمعية منتجي منطقة الغرب لم تكن مبالغاً فيها، باعتبار أن هذه المنطقة كانت الأكثر تضرراً بفعل موقعها الجغرافي، بالإضافة إلى أن أشجار الأفوكادو هناك قديمة نسبياً، ما يجعلها أكثر حساسية للتغيرات المناخية ودرجات الحرارة المرتفعة.
في المقابل، أشار بولجيد إلى أن البساتين الواقعة قرب السواحل، خصوصاً في منطقة العرائش، تعرضت لأضرار أقل، ما يعكس تفاوتاً جغرافياً في تأثير موجة الحر. واعتبر أن فهم هذا التفاوت ضروري لتقدير حجم الخسائر بدقة وعدم الوقوع في التعميم أو المبالغة.
ورغم الخلاف القائم بين المنتجين والمصدرين بشأن الأرقام الحقيقية للإنتاج والخسائر، اتهم بولجيد بعض الأطراف، خصوصاً الوسطاء، بالترويج لأرقام مضخّمة وغير دقيقة، متهماً إياهم بمحاولة استغلال الوضع المناخي لرفع الأسعار في السوق.
وأوضح أن هؤلاء الوسطاء يسعون لتأجيل عملية الجني قدر الإمكان من أجل خلق انطباع بنقص في العرض ورفع الأسعار، مؤكداً أن مثل هذه الممارسات أصبحت تواجه تحديات أكبر بفعل تزايد احترافية القطاع من سنة لأخرى. ومع ذلك، نبّه بولجيد إلى أن هؤلاء لا يزالون يستغلون الأزمات المناخية والمعلومات غير الدقيقة لخلق جو من الفوضى في السوق خلال هذا الموسم.
وفيما يخص الأسعار، لم يستبعد عدد من المصدرين إمكانية ارتفاعها مع انطلاق الموسم، خاصة وأن الأسعار على مستوى الأشجار قد سجلت ارتفاعاً يتراوح بين 15 إلى 20 في المئة مقارنة بنفس الفترة من الموسم السابق.
وأشار بولجيد إلى أن هذا الارتفاع يعود إلى عاملين رئيسيين: من جهة، الخسائر المسجلة لدى بعض المنتجين، ومن جهة أخرى، الضغط المتزايد على الكميات المتوفرة في بداية الموسم. لكنه في الوقت ذاته توقّع أن يعود السوق إلى التوازن الطبيعي بمجرد بدء عمليات الجني والتسويق على نطاق واسع.
ولفت بولجيد إلى أن المغرب ليس الفاعل الوحيد في سوق الأفوكادو العالمية، إذ تواصل دول أمريكا اللاتينية، وعلى رأسها بيرو، توسيع مساحاتها المزروعة، وهو ما يجعل المنافسة الدولية أكثر شراسة. كما أشار إلى أن إسرائيل بدورها استطاعت تجاوز مشاكلها الإنتاجية التي عانت منها في الموسم الماضي، ما يعزز من حضورها في السوق العالمية.
وختم بولجيد حديثه بالتأكيد على أن التحديات التي يواجهها منتجو الأفوكادو في المغرب هذا الموسم لا تقتصر فقط على التغيرات المناخية، بل تمتد أيضاً إلى المنافسة الخارجية وسلوك بعض المتدخلين في السوق الداخلية، وهو ما يفرض، حسب رأيه، المزيد من التنظيم، الشفافية، والدعم لقطاع بدأ يشق طريقه نحو الاحترافية والانتظام.