غسل أموال يُسقط أعيان خريبكة في قبضة التحقيقات

باشرت عناصر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالدار البيضاء، خلال الأيام الأخيرة، جلسات استماع وتحقيق مكثفة مع عدد من “أعيان خريبكة”، في ملف وصف بالثقيل، يتعلق بشبهات غسل أموال وتبييضها في مشاريع عقارية وتجارية كبرى داخل المدينة الفوسفاطية ومدن محيطة بها. مصادر مطلعة كشفت أن المشتبه فيهم عاشوا لحظات عصيبة وصعبة خلال استدعائهم المفاجئ، بعدما فوجئوا بدقة المعطيات والوثائق التي راكمتها الأجهزة الأمنية على مدى أشهر طويلة من التتبع والبحث، همت أرصدتهم البنكية، ممتلكاتهم الخاصة والمشتركة، إضافة إلى تحركاتهم وسفرياتهم المتكررة إلى الخارج.

وأوضحت نفس المصادر أن المستدعين لمقر الفرقة الوطنية بشارع إبراهيم الروداني بالدار البيضاء، وجدوا أنفسهم في مواجهة مباشرة مع حجج دامغة ووثائق دقيقة، أربكت حساباتهم وجعلتهم في موقف ضعف، إذ أظهرت الكشوفات البنكية معاملات مالية ضخمة مع أشخاص بعينهم، تفتقر إلى أي مبرر قانوني، وتعود لسنوات مضت، وهو ما أثار الكثير من التساؤلات حول طبيعة العلاقات التي تربط السياسي بالمالي، والمصالح العقارية بالمدينة الفوسفاطية.

وأكدت المعطيات أن محققي الفرقة الوطنية، بصرامتهم المعهودة، اعتمدوا على ملفات ووثائق ثقيلة جرى تحليلها تقنياً ومحاسباتياً على مدى أشهر، وهو ما أفزع “أعيان خريبكة”، الذين كانوا يعتبرون أن نفوذهم السياسي والاجتماعي وتراكم ثرواتهم عبر صفقات مشبوهة وتجاوزات متكررة، كفيل بإبعادهم عن أي مساءلة قانونية. لكن قوة الأدلة المعروضة جعلت بعضهم يسابق الزمن للبحث عن “تخريجات” قانونية ومحاسباتية لعمليات تجارية وعقارية تمت في الخفاء، بعيداً عن أعين إدارة الضرائب.

وفي خضم هذا الضغط، حاول بعض المشتبه فيهم التخلص من عقارات راكموها بأساليب ملتوية، عبر بيعها بأثمنة بخسة، تفادياً للانكشاف. وتتبعت مصادر الصحيفة مسار أحد هؤلاء، الذي انهكته استدعاءات الفرقة الوطنية، فلجأ إلى محاولة توريط أحد أقاربه في بيع عقار تزيد قيمته عن مليار ونصف مليار سنتيم، كان قد وثقه باسمه للتهرب من الضرائب. غير أن مخاوف القريب من تبعات البحث المفتوح حالياً، ومن مستحقات مديرية الضرائب، أشعلت توتراً حاداً وصل حد التهديدات داخل محيط العائلة، مع تلويحات بفضح الجميع أمام المحققين.

واستناداً إلى نفس المصادر، فإن فريقاً متخصصاً من أطر الفرقة الوطنية فتح خلال الأشهر الأخيرة بحثاً أولياً تحت إشراف الوكيل العام للملك بالدار البيضاء، شمل مراجعة دقيقة لحسابات مشبوهة بعدة وكالات بنكية، ورصد ممتلكات عقارية وتجارية مسجلة بأسماء المشتبه فيهم وزوجاتهم وأبنائهم وأشقائهم. كما شمل البحث تحركاتهم داخل المغرب وخارجه، ليُصار إلى تحليل كل المعطيات ورسم خريطة طريق قانونية، انتهت باستدعاء المعنيين لجلسات استماع وتحقيقات متواصلة.

وتشير التوقعات إلى أن صيف خريبكة سيكون ساخناً، مع ترقب المزيد من المفاجآت في هذا الملف، الذي قد يكشف عن شبكة معقدة من المصالح والعلاقات، تربط بين المال والسياسة والعقار، تحت أعين الفرقة الوطنية للشرطة القضائية.

 

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *