أبرمت شركة “الدار البيضاء للتهيئة” عقدًا جديدًا لتوريد حواجز أمان بقيمة 1.74 مليار سنتيم لفائدة المجموعة الاقتصادية “HTCC & CTGR”، في إطار عملية تفوق فيها هذا العرض على منافسه الأقرب من شركة “سيرف”، بفارق 184 مليون سنتيم.
ورغم أن الصفقة التي اطلعت “بلبريس” عن مضامينها، تأتي تحت غطاء تعزيز البنية التحتية المرتبطة بالأمن الطرقي، فإن حجم المبلغ المخصص لهذا المشروع أثار موجة من التعليقات الغاضبة وسط متتبعي الشأن المحلي، بالنظر إلى حجم المعاناة اليومية التي يعيشها سكان مدينة الدار البيضاء.
البيضاويون لا يخفون استياءهم من استمرار المقاربة التي تعتمد الإنفاق السخي في مشاريع لا تُعد من أولوياتهم، في وقت تغرق فيه العديد من الأحياء في مشاكل مزمنة: طرق محفرة، أرصفة متهالكة، ضعف الإنارة العمومية، انعدام الفضاءات الرياضية والثقافية، وتراجع جودة النقل العمومي، إلى جانب اختناق مروري دائم لا يبدو أن “الحواجز” ستُخفف من وطأته، وبينما يتعايش السكان مع الغلاء المتصاعد في تكاليف المعيشة، وتدهور الخدمات الاجتماعية الأساسية، يُوجَّه مبلغ يقارب مليارًا وسبعمائة مليون سنتيم نحو مشروع لا يُلامس حاجياتهم المباشرة.
ويرى مراقبون أن “الصفقة الجديدة تعيد إلى الواجهة سؤال أولويات التسيير في مدينة يعيش جزء كبير من سكانها على وقع الهشاشة، ويكافحون من أجل الولوج إلى تعليم جيد، أو علاج لائق، أو حتى وسائل نقل تحفظ كرامتهم، ولا تخفى على أحد مظاهر البؤس الاجتماعي المنتشرة في بعض المقاطعات التي تحتاج إلى تدخلات عاجلة، وليس إلى تثبيت حواجز حديدية قد لا تغير شيئًا في واقعهم اليومي”.
ويرى مراقبون للشأن لتدبير الشأن المحلي بالبيضاء أن “مبلغ 17.4 مليون درهم كان يمكن أن يُحدث فرقًا لو تم استثماره في مشاريع قريبة من المواطن، سواء عبر تهيئة المراكز الصحية، أو تأهيل المدارس العمومية، أو إطلاق مبادرات لتشغيل الشباب العاطل. غير أن منطق الأولويات كما يبدو لا يزال يتحكم فيه من هم بعيدون عن نبض المدينة ومطالب ساكنتها”.