هل فشلت حماية السوق المغربية من الغزو التركي؟

رغم الإجراءات الحمائية المشددة التي اتخذها المغرب في السنوات الأخيرة للحد من اختلال الميزان التجاري مع تركيا، وخصوصاً بعد تعديل اتفاقية التبادل الحر بين البلدين سنة 2020، كشف تقرير حديث صادر عن جمعية المصدرين الأتراك (TIM) عن مفاجأة مدوية: المغرب أصبح الوجهة الأولى للصادرات التركية نحو إفريقيا خلال النصف الأول من 2025، متقدماً على قوى اقتصادية وازنة مثل مصر وجنوب إفريقيا.

وبحسب ما أوردته وكالة الأنباء الاقتصادية المتخصصة “إيكوفين”، فقد بلغت قيمة الصادرات التركية نحو المغرب حوالي 1.8 مليارات دولار خلال ستة أشهر فقط، وهي قيمة تعادل ما استورده المغرب من تركيا طيلة سنة 2020. ويُظهر هذا الرقم نمواً لافتاً في العلاقات التجارية الثنائية، ويؤكد أن الإجراءات المغربية، بما فيها فرض رسوم جمركية إضافية وصلت إلى 90% على بعض المنتجات التركية، لم تنجح فعلياً في كبح جماح الواردات التركية أو تصحيح العجز التجاري.

وتُظهر البيانات الرسمية أيضاً أن صادرات تركيا إلى القارة الإفريقية وصلت إلى نحو 10 مليارات دولار في نفس الفترة، وجاءت مصر في المرتبة الثانية بـ1.6 مليارات دولار، تلتها ليبيا (1.3 مليارات دولار)، ثم تونس، جنوب إفريقيا، ونيجيريا على التوالي.

ويرى خبراء اقتصاديون أن تصدّر المغرب لقائمة الدول الإفريقية المستوردة للسلع التركية، رغم الإجراءات الحمائية وتعديل اتفاقية التبادل الحر، يكشف عن محدودية تأثير هذه التدابير في كبح العجز التجاري المتزايد.
ويشير هؤلاء إلى أن القدرة التنافسية العالية للمنتجات التركية، من حيث السعر والجودة، جعلتها تحافظ على مكانتها في السوق المغربية، حتى مع فرض رسوم جمركية مرتفعة على عدد من المنتجات.
ويُرجع الخبراء هذا الوضع إلى غياب بدائل محلية قوية، وضعف التصنيع الداخلي في بعض القطاعات الحيوية، ما يجعل المستورد المغربي مضطراً للاعتماد على السلع التركية.
كما حذّروا من أن استمرار هذا التوجه قد يُعمّق تبعية السوق الوطنية لصادرات دول بعينها، داعين إلى إعادة تقييم استراتيجية الحماية التجارية وتعزيز الإنتاج الوطني بشكل فعّال.

في ظل هذا الارتفاع المستمر في العجز التجاري لصالح تركيا، تُطرح تساؤلات عديدة حول مدى جدوى السياسات الحالية، وهل سيُعاد التفاوض مجدداً على بنود اتفاقية التبادل الحر؟
فبينما تسعى تركيا إلى توسيع حضورها في إفريقيا عبر المغرب كنقطة ارتكاز، يواجه المغرب تحديًا حقيقيًا في تحقيق توازن عادل بين الانفتاح التجاري وحماية نسيجه الاقتصادي الوطني.

يبقى الأكيد أن تطور هذه الشراكة الاقتصادية يستدعي رؤية استراتيجية جديدة تأخذ بعين الاعتبار التحديات البنيوية للصناعة المغربية، دون التفريط في الدينامية التي تتيحها علاقات تجارية منفتحة مع قوى اقتصادية صاعدة مثل تركيا.

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *