قبل حلول العطلة الصيفية وتعيين محمد فوزي والياً مفتشاً عاماً للإدارة الترابية، شهدت عدة مجالس إقليمية زيارات مفاجئة من لجان التفتيش، أرسلتها المفتشية العامة، رغم أن هذه الزيارات طال انتظارها.
لكن حضور هذه اللجان لم يكن مرحبًا به في كثير من المجالس، خاصة تلك التي يرأسها منتخبون متورطون في شبهات فساد مالي، جعلت ملفاتهم “تُطهى على نار هادئة”، في انتظار إحالتها على محاكم جرائم الأموال خلال الفترة المقبلة.
مصادر مطلعة كشفت أن بعض الموظفين بالأقسام التقنية عمدوا، بتعليمات من رؤساء مجالس، إلى إخفاء وثائق حساسة تتعلق بصفقات مشبوهة أُبرمت مع مقاولين ومكاتب دراسات، في محاولة لعرقلة عمل المفتشين.
وتسربت أسرار خطيرة من داخل بعض العمالات والولايات، تزامنًا مع زيارات التفتيش، تتعلق بصفقات ضخمة أُنجزت في الخفاء، رغم وجود منصة رقمية كان يفترض أن تضمن الشفافية.
ففي جهة الرباط سلا القنيطرة، برزت علامات استفهام كبرى حول صفقة تهم إصلاح المسالك القروية، حيث تم تفصيل دفتر الشروط بدقة على مقاس شركة واحدة، من خلال اشتراط تصنيف “1”، ما أقصى المقاولات الصغيرة والمتوسطة.
ورغم أن وزارة التجهيز والماء، بقيادة نزار بركة، لا تشترط هذا التصنيف للمشاركة، إلا أن المجلس المعني أصرّ على إدماج جميع الأشغال في صفقة واحدة، وحدد مدة الإنجاز في ثمانية أشهر، ما يعزز فرضية “التحكم” في شروط المشاركة وتضييق دائرة المنافسة.
الأدهى أن الصفقة فُتحت رغم أن الدراسات المرتبطة بها لم تكتمل بعد، ودون مصادقة المجلس على البرنامج كما يفرض القانون التنظيمي.
هذا التجاوز، الذي تم دون انتظار رأي وزارة الاقتصاد والمالية، يُعد خرقاً صريحاً لمبادئ الشفافية وتكافؤ الفرص التي نص عليها الدستور، ويضع علامات استفهام ثقيلة على نزاهة هذه العمليات.