لماذا تجاهل الإسلاميون أخاهم سعد الدين العثماني ولم يصدرو بيانا تضامنيا معه ضد "رفاق تطوان"؟
كشفت معطيات حصلت عليها "بلبريس" أن قياديين داخل الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية اقترحوا إصدار بيان تضامني مع الأمين العام السابق للحزب ورئيس الحكومة الأسبق، سعد الدين العثماني، عقب واقعة طرده من كلية الآداب والعلوم الإنسانية بتطوان من طرف مجموعة من الطلبة خلال مشاركته في ندوة أكاديمية، قبل أسبوع.
واعتبر بعض هؤلاء القياديين أن ما تعرض له العثماني يُعد إساءة للحزب ولمكانة شخصية ساهمت في قيادة مرحلة دقيقة من تاريخ البلاد، مشددين على أن من واجب الحزب التعبير عن تضامنه، سواء من منطلق أخلاقي أو سياسي.
غير أن هذا التوجه لم يحظ بإجماع داخل قيادة الحزب، إذ لم يُبدِ الأمين العام الحالي، عبد الإله بنكيران، تحمساً للمبادرة، مكتفيا بالتضامن الشكلي على الموقع الرسمي للحزب "بيجيدي.ما"، من خلال نشر ردود الأفعال المستنكرة لتصرف "القاعديين".
ووفق ما أفادت به المصادر، فإن بنكيران اعتبر أن الواقعة تدخل في إطار ردود فعل على قرار سياسي اُتخذ خلال رئاسة العثماني للحكومة، ولا يتعلق بمسؤولياته الحزبية، مؤكداً أن الحزب سبق له التعبير عن موقفه في حينه، ولا يرى فائدة في العودة إلى ملفات الماضي، خاصة في ظل الظرفية الحالية التي يمر بها الحزب.
كما شددت مصادر قيادية أخرى، على أن ما حدث لا يجب تحميله بعداً حزبياً، بالنظر إلى أن توقيع العثماني على الاتفاق الثلاثي بين المغرب والولايات المتحدة وإسرائيل تم بصفته رئيساً للحكومة، في إطار التزامات رسمية للدولة المغربية.
المصادر ذاتها أضافت أن العودة إلى الخوض في تفاصيل الواقعة قد تزيد من تعميق الانقسام الداخلي، في وقت يسعى فيه الحزب إلى ترميم صفوفه بعد تراجعه في الانتخابات السابقة، واستعداده للمرحلة المقبلة على أعتاب استحقاقات 2026.
وأشارت أيضاً إلى أن قيادات أخرى داخل الحزب رفضت المقترح، ليس فقط بسبب تداعياته على وحدة الحزب وموقفه من ملف التطبيع، بل أيضاً بالنظر إلى حساسية التوقيت، حيث قد يُستغل البيان في سياق التأثير على مسار محاكمة تخص أحد قياديي الحزب، إلى جانب توجس البعض من تداخل هذه الخطوة مع أجندات سياسية مرتبطة بالدعم الشعبي للقضية الفلسطينية والرهانات الانتخابية المقبلة.
يُذكر أن العثماني كان قد وقّع في 22 دجنبر 2020، خلال ولايته الحكومية، على الاتفاق الثلاثي الذي مهّد لاستئناف العلاقات بين المغرب وإسرائيل، وهي خطوة خلّفت جدلاً داخل الحزب، رغم تبرير العثماني لها بكونها جاءت التزاماً بتوجيهات عليا، ضمن سياق سيادي للدولة المغربية.
ويبدو أن المواقف المتباينة داخل قيادة العدالة والتنمية بشأن التضامن مع العثماني تعكس استمرار حالة من الانقسام غير المعلن حول موضوع التطبيع، وهي حالة رغم ما يبدو من تجاوزها تنظيمياً عقب انتخاب بنكيران، إلا أن آثارها لا تزال حاضرة في أوساط عدد من القواعد والقيادات.
وفي سياق الواقعة، كان العثماني قد شارك في ندوة حول الصحة النفسية بالكلية المذكورة، حيث اندلعت احتجاجات طلابية ضده، ورفع بعض الطلبة شعارات مناهضة للتطبيع، مما أدى إلى حالة من الفوضى عند مدخل الكلية، تسببت في انسحاب العثماني ومغادرته المكان بمساعدة المنظمين.
بالمقابل، نفى مقربون من العثماني صحة ما راج حول طرده، مؤكدين أن الندوة مرت في أجواء طبيعية داخل القاعة بحضور عميد الكلية وعدد من الأساتذة والطلبة، وأن العثماني ألقى محاضرته وتفاعل مع الحضور، قبل أن يُكرم في ختام النشاط. وأوضحوا أن التوتر وقع فقط أثناء خروجه من المؤسسة، حيث اعترضه عدد من الطلبة المنتمين لفصيل "الطلبة القاعديين" الذين رددوا شعارات رافضة لوجوده.