بـ500 مليون سنتيم.. وزارة المنصوري تطلق “خطة تواصل” وسط تساؤلات حارقة: تلميع صورة أم خدمة مواطن؟

أثارت وزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة جدلاً واسعاً بعد إعلانها عن صفقة ضخمة بقيمة 5 ملايين درهم مخصصة لتنفيذ خطة تواصل مؤسساتية “شاملة ومتكاملة”، في وقت تعيش فيه فئات واسعة من المغاربة أوضاعاً سكنية صعبة وتنتظر إصلاحات ملموسة تتجاوز لغة الخطاب إلى واقعية الإنجاز.

 

خطة تواصل بـ5 مليارات.. والسكن اللائق ينتظر

 

الصفقة التي كشفت عنها بلبريس، تُبرّر رسمياً برغبة الوزارة في “تعزيز صورتها المؤسسية”، من خلال اعتماد أدوات تواصل تقليدية ورقمية، وتقييم الأداء عبر مؤشرات دقيقة، لكن مراقبين يرون في هذا المشروع أولويات مقلوبة في ظرفية تستدعي توجيه الموارد لتحسين الخدمات المباشرة للمواطنين، لا إنتاج مواد تسويقية.

 

رسائل مصقولة في واقع هش

 

الوثائق الرسمية تتحدث عن خطة سنوية ترتكز على تحاليل استراتيجية، كمنهجية SWOT، ودراسات فئات مستهدفة، واستلهام “أفضل الممارسات” الدولية، لكن هذه المقاربة تثير الشك حول غاياتها الحقيقية: هل الهدف هو تحسين التواصل مع المواطن أم إعادة تغليف الواقع بإخراج بصري براق؟

 

فالقطاع الذي تشرف عليه الوزيرة فاطمة الزهراء المنصوري لا يزال يعاني اختلالات مزمنة، من عجز في السكن الاجتماعي إلى تفاوتات مجالية صارخة، ما يجعل الرهان على “الصورة” دون معالجة الأعطاب بمثابة مكياج فوق شروخ عميقة.

 

تواصل بلا شفافية؟ من يُحاسب من؟

 

المرحلة الثانية من المشروع تشمل إنتاج فيلم مؤسساتي بلغات متعددة، وكبسولات رقمية تعريفية، دون توضيح لمعايير قياس الأثر، أو الجهات التي ستتولى التقييم. تجربة مؤسسات عمومية سابقة تُظهر أن مثل هذه الاستثمارات تتحول غالباً إلى أدوات ترويجية تُنشر دون حسيب أو رقيب، وتُغيب عنها ثقافة المحاسبة والتقويم.

 

الثقة لا تُشترى.. بل تُبنى

 

ما يحتاجه المغاربة اليوم، وفق مختصين، ليس المزيد من الفيديوهات الفاخرة ولا الخطابات المصقولة، بل سياسات عمومية واضحة، ومعلومة شفافة، وحلول ميدانية تنعكس مباشرة على حياتهم اليومية، لأن الثقة تُبنى بالفعل لا بالشعارات، وبالوضوح لا بالإبهام، وبالإنصات لا بالبروباغندا.

 

 

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *