مشروع الربط الكهربائي بين المغرب وبريطانيا يصطدم بانتظار سياسي

في تطور مفاجئ يعكس التحديات البيروقراطية التي تواجه المشاريع الطاقية العابرة للقارات، أعلنت شركة “إكس لينكس” البريطانية تعليق إجراءات الحصول على ترخيص التطوير الرسمي (DCO)، وهو الترخيص الضروري لانطلاق الأشغال الكبرى في مشروع الربط الكهربائي الضخم بين المغرب والمملكة المتحدة.

تعليق مؤقت.. بانتظار “عقد الفارق”

 

وجاء هذا القرار بعد أن وجهت الشركة طلباً إلى هيئة التفتيش على التخطيط البريطانية لتوقيف مسار الترخيص مؤقتاً، مبرزة أن ذلك مرده إلى الانتظار الحاسم لقرار وزارة أمن الطاقة والحياد الكربوني بخصوص “عقد الفارق” (CfD)، والذي سيحدد السعر الثابت الذي يمكن بيع الكهرباء به على المدى الطويل.

 

ويُعد “عقد الفارق” أحد أعمدة تمويل مشاريع الطاقة في بريطانيا، إذ يضمن سعراً ثابتاً للمنتج، بغض النظر عن تقلبات السوق، مما يطمئن المستثمرين ويوفر استقراراً مالياً للمشاريع الطموحة. وتتوقع “إكس لينكس” أن يتراوح السعر بين 70 و80 جنيهاً إسترلينياً لكل ميغاواط/ساعة، على أن يُموّل هذا السعر من خلال فواتير الطاقة للمستهلكين البريطانيين.

 

هيئة التخطيط توافق على التجميد

 

وفي استجابة سريعة، وافقت هيئة التخطيط على طلب التعليق وألغت الاجتماعات التي كانت مقررة مع الشركة، ما يعكس إدراكاً رسمياً لحساسية المرحلة التي يمر بها المشروع، رغم تصنيفه سابقاً كمشروع “ذو أهمية وطنية” من طرف الحكومة البريطانية.

 

الانتخابات تعطل الكابل

 

ويبدو أن التغيرات السياسية التي أعقبت الانتخابات العامة في بريطانيا منتصف العام الماضي تركت آثارها على الجدولة الزمنية للمشروع، حيث اضطر مسؤولو “إكس لينكس” إلى إعادة فتح قنوات الاتصال مع الحكومة الجديدة لإقناعها بجدوى المشروع، خاصة بعد تعيين وزراء جدد وإعادة ترتيب الأولويات الطاقية للمملكة المتحدة.

 

مشروع عملاق.. يربط الصحراء البريطانية بالمغرب

 

ويقوم المشروع على بناء محطات ضخمة للطاقة الشمسية والريحية في الصحراء المغربية، على أن يتم نقل الطاقة المتولدة إلى بريطانيا عبر كابل بحري عالي الجهد (HVDC) بطول 3800 كيلومتر، يُعدّ من بين الأطول في العالم.

 

ورغم الشكوك، يؤكد السير ديف لويس، رئيس مجلس إدارة “إكس لينكس”، أن المشروع لا ينطوي على مخاطر تكنولوجية، باعتبار أن جميع التقنيات المستخدمة تم اختبارها مسبقاً بنجاح، موضحاً أن التحدي يكمن فقط في حجم الربط غير المسبوق بين القارتين.

 

سبعة ملايين منزل في الانتظار

 

وراهنت “إكس لينكس” على تحقيق قدرة إنتاجية تصل إلى 3.6 جيغاواط، أي ما يعادل 8% من إجمالي الطلب البريطاني على الكهرباء، وهو ما يكفي لتزويد سبعة ملايين منزل بالطاقة النظيفة، مما يجعل المشروع حجر زاوية في استراتيجية بريطانيا للانتقال الطاقي والحياد الكربوني.

 

مستثمرون كبار.. وأمل في الضوء الأخضر

 

ويحظى المشروع بدعم من شركات عالمية مرموقة، مثل “توتال إنيرجيز” الفرنسية، وشركة “طاقة” الإماراتية، وذراع “جنرال إلكتريك” الاستثمارية، و”أوكتوبوس إنرجي” البريطانية، التي ساهمت في تعبئة 100 مليون جنيه إسترليني كبداية.

 

لكن كل هذه الاستعدادات ما تزال رهينة قرار سياسي واقتصادي واحد: هل ستمنح الحكومة البريطانية “عقد الفارق”؟ سؤال يبدو بسيطاً في شكله، لكنه يحمل مصير مشروع استراتيجي يربط الصحراء المغربية بآلاف المنازل البريطانية، ويعيد رسم خريطة الطاقة بين الجنوب والشمال.

 

 

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *