المؤتمر 14 لحقوق الإنسان: صرخة ضد الاستبداد والتطبيع وسط تآكل الحريات

أكد عزيز غالي، رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، أن المغرب يعيش على وقع تمدد خطير لثلاثي "الفساد والاستبداد والتطبيع"، وهو ما يشكل عائقًا حقيقيًا أمام بناء دولة الحق والقانون والديمقراطية.

 

وأضاف، خلال افتتاح المؤتمر الوطني الرابع عشر للجمعية المنعقد ببوزنيقة من 23 إلى 25 ماي 2025، أن البلاد تعرف تغولًا متزايدًا للسلطوية، تُرجم بتراجع واضح في الحريات ومكتسبات حقوق الإنسان، سواء عبر قوانين مقيدة أو ممارسات قمعية تستهدف حرية التعبير والتنظيم والصحافة.

 

 

 

أشار غالي إلى استمرار استهداف الأصوات الحرة من صحافيين ومدافعين عن حقوق الإنسان ونقابيين، مع وجود عشرات المعتقلين السياسيين، وفرض قيود ممنهجة على حرية التظاهر والتأسيس والمعتقد.

 

وفي هذا السياق، وصف قرار تطبيع العلاقات مع إسرائيل بـ"الخيانة السياسية"، معبرًا عن شكوكه في التزام الدولة بتعهداتها أمام الرأي العام الوطني والدولي.

 

 

 

على المستوى التشريعي، حذر من تمرير قوانين "تراجعية" تهدد الحقوق الأساسية، وعلى رأسها مشروعا قانون المسطرة المدنية والجنائية، والقانون التنظيمي للإضراب.

 

كما انتقد السياسات العمومية التي تسببت في تدهور قطاعات حيوية كالصحة والتعليم والشغل، معتبرا أن ذلك يعكس واقعًا من "النهب والإفلات من العقاب".

 

 

 

استنكر غالي التضييق الذي تعرضت له الجمعية منذ 2014، حيث لم يتم تسليم وصل الإيداع القانوني إلا لفرع واحد من أصل 90 فرعًا.

 

كما ذكّر بمرور 20 سنة على تأسيس هيئة الإنصاف والمصالحة دون تفعيل توصياتها الجوهرية، والتي تحولت، بحسب منظمة العفو الدولية، إلى "وعود ضائعة".

 

 

 

حمّل غالي السلطات مسؤولية "التدبير الكارثي" لزلزال الحوز سنة 2023، مشيرًا إلى معاناة آلاف المواطنين دون مأوى أو تعليم، واعتقال نشطاء التنسيقية بدل الاستجابة لمطالبهم.

 

ودعا إلى توحيد جهود الحركة الحقوقية والديمقراطية لمواجهة ثلاثي الفساد والاستبداد والتطبيع، مؤكدًا أن النضال الوحدوي هو خيار الجمعية الاستراتيجي.

 

 

 

 

من جانبه، شدد النقيب عبد الرحيم الجامعي على أن التراجع في الحقوق والحريات، رغم كونه مصدر قلق، يجب أن يشكل حافزًا لإعادة الأمل ومواصلة النضال.

 

وأكد أن الحقوق الأساسية تُفرغ من مضمونها الحقيقي، مع تدهور في التعليم والصحة والسكن، وتراجع سياسي ملموس.

 

 

 

أوضح الجامعي أن الجمعية منذ تأسيسها تلتزم بثلاث شرعيات: شرعية النضال الحقوقي، والمرجعية الكونية، والالتزام بالمبادئ العالمية لحقوق الإنسان، مشددًا على رفض كل أشكال التمييز أو التبرير الديني والثقافي للانتهاكات.

 

كما اعتبر أن المرجعية الحقيقية تُقاس بمستوى التصدي للإفلات من العقاب، في ظل الفساد وتدخل السلطات في القضاء، وغياب سيادة القانون.

 

 

 

استعرض الجامعي الدور الريادي للجمعية منذ 1979 في تأطير المواطنين وتثبيت ثقافة حقوق الإنسان، مؤكدًا أنها تجسد حلم بناء مغرب حر من القمع والاعتقال السياسي.

 

وانتقد استعمال السلطات لوثائق إدارية كأداة للعقاب، من خلال الامتناع عن تسليم وصولات الإيداع القانوني للمنظمات الجادة.

 

 

 

اختتم الجامعي مداخلته بالتنديد بالجرائم الإسرائيلية المتواصلة ضد الفلسطينيين في غزة، والتي خلفت دمارًا هائلًا ومجازر جماعية، واصفًا صمت مجلس الأمن بـ"الفضيحة الأخلاقية والقانونية" للمنتظم الدولي.

 

وأكد أن "زمن حقوق الإنسان" لا يتماشى مع التواطؤ الدولي تجاه جرائم الحرب، محملًا الأنظمة المطبّعة جزءًا من مسؤولية هذه الكارثة الإنسانية.