مع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية...صراع نفوذ يعصف ببيت الاتحاد الاشتراكي

يعيش حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بإقليم الناظور على وقع توتر داخلي متصاعد، تغذّيه حالة من الاحتقان بين مختلف مكوناته، في ظلّ ما بات يُنظر إليه كصراع نفوذ حاد يسبق الاستحقاقات الانتخابية المقبلة. وتكشف الأجواء الحالية عن بوادر أزمة تنظيمية بدأت تتفاعل في صمت داخل الأروقة المحلية للحزب، وسط تساؤلات عن مآلات التوافق الداخلي وقلق متنامٍ من محاولات إقصاء عدد من الوجوه السياسية التي لطالما شكّلت جزءاً من تاريخه الانتخابي بالإقليم.

مصادر حزبية مطلعة كشفت أن النقاشات التي تشهدها اجتماعات الحزب في الناظور لم تعد محصورة في قضايا التدبير أو الخط السياسي، بل تجاوزتها إلى تلميحات مباشرة بعدم الرضا عن توجهات القيادة، وعلى رأسها الكاتب الأول إدريس لشكر، الذي يُتهم بتزكية أسماء محسوبة على دوائر قريبة منه، دون مراعاة للتوازنات الداخلية أو للمسار النضالي لعدد من المناضلين التقليديين.

وقد زاد من حدة الاحتقان تداول صورة حديثة يظهر فيها لشكر إلى جانب عدد من الوجوه الجديدة، التي لم يُعرف لها ارتباط تنظيمي متجذر بالحزب بالإقليم، ما أثار ردود فعل داخلية تراوحت بين الاستغراب والاتهام بـ"الإعداد المسبق" للائحة انتخابية مغلقة، تتجاوز الهياكل المحلية وتمهد لمرحلة "تحكم فوقي"، وفق تعبير أحد الغاضبين من الطريقة التي يُدار بها الملف الانتخابي.

وتقول مصادر من داخل الحزب إن العديد من القيادات التقليدية، التي راكمت تجربة سياسية على مستوى الناظور، تشعر اليوم بأنها أصبحت خارج حسابات القيادة المركزية، مما خلق حالة من الغضب والإحباط. وتضيف نفس المصادر أن غياب آليات التشاور الحقيقي في عملية انتقاء المرشحين، وتفضيل منطق الولاءات، ينذر بدخول الحزب في مرحلة من التفكك التنظيمي على المستوى المحلي، وربما ما هو أخطر من ذلك.

وفي الوقت الذي كان يُنتظر فيه من القيادة الحزبية تعزيز الثقة الداخلية عبر خطوات توفيقية وتشاركية، بدا للبعض أن الرهان يتجه نحو تحويل الاتحاد الاشتراكي إلى "منصة انتخابية" محكومة بمنطق الانغلاق على دوائر ضيقة، بدل أن يكون فضاءً ديمقراطياً يعكس تعددية الرأي والانفتاح على مختلف الفعاليات السياسية داخل الحزب.

ويخشى عدد من المتتبعين للشأن الحزبي في الناظور أن تؤدي هذه الاختيارات إلى نزيف داخلي، سواء عبر الاستقالات أو تجميد العضوية أو حتى العزوف عن الانخراط في الحملة الانتخابية، الأمر الذي قد يضع الحزب في موقف محرج خلال الاستحقاقات المقبلة، لا سيما في إقليم يعرف تنافساً حاداً بين عدد من الفاعلين السياسيين.

وتشير بعض الأصوات المنتقدة إلى أن الاتحاد الاشتراكي، الذي كان أحد أعمدة التعددية السياسية بالمغرب، يجد نفسه اليوم أمام اختبار صعب بين الحفاظ على مصداقيته التاريخية كحزب يساري ديمقراطي، وبين الانزلاق إلى حسابات ضيقة قد تفرغ العمل السياسي من محتواه المؤسساتي، وتحوّل الحزب إلى مجرد واجهة انتخابية ظرفية.

وفي انتظار أن تخرج القيادة المركزية برد واضح على هذه التململات، تبقى كل السيناريوهات واردة، وسط دعوات متزايدة داخل الحزب لوقف "نزيف التهميش" وإعادة الكلمة للهياكل المحلية في صناعة القرار، حفاظاً على وحدة الصف وضماناً لمشاركة انتخابية فاعلة تنسجم مع تطلعات القواعد الاتحادية.