نسب الهدر الجامعي %45 والبطالة الجامعية %25.7 اهم تحديات التعليم العالي بالمغرب

قدم وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار عرضاً أمام لجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب، يوم الأربعاء 7 ماي 2025، تناول فيه الوضعية الراهنة لمنظومة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، إلى جانب آفاق التطوير، انطلق الوزير من تحديد الإطار المرجعي والمرتكزات الأساسية، من أهمها:

  • التوجيهات الملكية الداعية الى تأهيل الجامعة المغربية وجعلها قاطرة للتنمية، لكن ما سكت عنه عرض الوزير هو عدم التزام جل الحكومات ووزرائها المتعاقبين بتنفيذ التعليمات الملكية بهذا القطاع الحيوي، تغيرت الحكومات، وتغير الوزراء وتعددت الاصلاحات، لكن واقع المنظومة بقي ثابتا ان لم نقل تراجع بشكل رهيب للوراء، وفقدت الجامعة المغربية هيبتها وقيمتها.
  • دستور المملكة الدي هو بحاجة لإرادة حكومية سياسية قوية لتفعيله، حكومة مدركة لرهان الدستور المغربي على منظومة التعليم العالي كرهان استراتيجي للتنمية المندمجة والشاملة، لكن جل الحكومات ووزرائها المتعاقبين لم يكونوا في مستوي المقتضيات الدستورية، وما واقع الجامعات اليوم الا خير دليل.
  • القانون الإطار رقم 51.17 المتعلق بمنظومة التربية والتكوين الذي أصبح متجاوزا في بعض مواده.
  • القانون رقم 00.01 المتعلق بتنظيم التعليم العالي، قانون أصبح اليوم متجاوزا لكون جل مواده اصبحت خارج سياق الجيل الجديد من الجامعات الرقمية والذكية، في هذا الصدد لا يفهم الى حد اليوم عدم تحمل النقابة الوطنية والوزارة التسريع بتعديله.
  • رؤية 2030 لإصلاح التعليم، رؤية فيها الكثير من الزوايا الرمادية، وهي اليوم بحاجة لأقلمتها مع التطورات المتسارعة التي تعرفها المنظومة في زمن الرقمنة والذكاء الاصطناعي، اضافة لعدم توفر الحكومة على رؤية استراتيجية واضحة في هذه الرؤية.
  • النموذج التنموي الجديد، هذا النموذج الملكي الطموح الذي هو اليوم بحاجة لجيل جديد من المؤسسات والنخب ولنمط جديد من الحكامة الجيدة والتدبير.
  • البرنامج الحكومي 2021-2026، هذا البرنامج الذي فشل نسبيا في إرساء نموذج جديد للجامعة المغربية،يرتكز على أربعة محاور مهيكلة تتمثل في إصلاح بيداغوجي شامل ومندمج، أسس بحث علمي بمعايير دولية، منظومة حكامة ناجعة وفعالة، دور محوري للمجالات الترابية من حيث الابتكار وخلق القيمة المضافة على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والبيئي.

لكن الحكومة الحالية لم تلتزم بهذا البرنامج حيث أهدرت الكثير من الزمن الجامعي خصوصا بعد قيامها بتعديل حكومي مس وزير التعليم العالي في منتصف عمرها، تعديل أربك المنظومة، لكن من حسن حظها ان الحكومة عينت وزيرا جديدا تمكن في وقت قصير أن يحلحل الكثير من الملفات العالقة من عهد الوزير السابق منها : ملف طلبة الطب، تعيين عدد من رؤساء الجامعات، عمداء الكليات مديري المعاهد، الرهان على إصلاح تغيير نظام منظومة التعليم العالي وليس تغيير الاشخاص، لكن  يجب الإعتراف هنا أن إصلاح الجامعة المغربية هو مشروع مجتمعي ، الكل مسؤول عنه، لذلك اعتقد، أن الوزير الجديد تواجهه تحديات كثيرة عالقة منها: تعزيز وتقوية استقلالية الجامعة، تعيين رؤساء الجامعات وعمداء الكليات بعيدا عن الزبونية  والولاء الحزبي او الحكومي ،الالتزام والتفعيل السريع للاتفاقيات المبرمة بين النقابة الوطنية للتعليم العالي والوزارة خصوصا القضايا المتعلقة بالجانب المالي، التسريع في إعادة النظر في تشتت الهيكلة الإدارية والمؤسسات الجامعية. اكتظاظ وضعف التأطير البيداغوجي. ضعف منظومة الحكامة والقيادة، وغياب التقييم المستمر.

محدودية التمويل والموارد الذاتية للجامعات، نسب مرتفعة من الهدر الجامعي والبطالة (أكثر من 25% من حاملي الشهادات)، ضعف مساهمة البحث العلمي في التنمية، ومحدودية النشر والابتكار ضعف البنيات التحتية، اللوجستيكية، الاستمداد في سياسة الترقيعات الإصلاحية حسب مزاج كل وزير. ضعف التواصل المؤسساتي عند الوزارة ورؤساء الجامعات والعمداء، ضرورة مراجعة دفاتر الضوابط البيداغوجية وتقييمها.

وعليه، نشير أن الوزير الحالي له ارادة في إصلاح التعليم العالي. لكنه يواجه عامل الزمن لأنه لم يتبق له الا سنة واحدة لمغادرة الوزارة لقرب نهاية انتداب الحكومة الحالية، لذلك سيكون الدخول الجامعي المقبل هو أول وآخر دخول جامعي أمام الوزير ميداوي الذي تمكن في صمت تحريك الكثير من المياه الراكدة في قطاع التعليم العالي الذي يعاني من أزمات بنيوية متراكمة ومعقدة بحاجة لكثير من الوقت و الإرادات لتجاوزها.