عبرت التنسيقية الوطنية للأساتذة الباحثين بالمعاهد العليا للعلوم التمريضية وتقنيات الصحة عن استيائها العميق مما اعتبرته "تهميشاً غير مبرر" للأطر التكوينية داخل هذه المؤسسات، وعلى رأسهم الأساتذة الباحثون المنحدرون من هيئة الممرضين وتقنيي الصحة، بالإضافة إلى الأساتذة الدائمين الحاصلين على شهادة الدكتوراه أو المسجلين في سلكها، إلى جانب الحاصلين على شهادة الماستر، والملحقين العلميين، وكذلك الأطباء والصيادلة والمهندسين والمتصرفين العاملين بالمعاهد.
وحسب ما توصلت به بلبريس في بلاغ صادر عن التنسيقية، فإن هذه الفئة من الأطر العليا كانت، ولا تزال، العمود الفقري لمنظومة التكوين في المعاهد العليا للمهن التمريضية، مشيرة إلى مساهمتهم الكبيرة في إعداد أجيال متعاقبة من المهنيين الصحيين، وسط تجاهل متزايد من طرف بعض الإدارات التي تعمد إلى اتخاذ قرارات استراتيجية دون إشراك الكفاءات المعنية فعلياً بتخصصات التمريض وعلوم الصحة.
ومن بين أبرز النقاط التي أثارت استياء التنسيقية، ما وصفته بـ"القرارات الانفرادية وغير الشفافة"، خاصة ما يتعلق بتشكيل لجان سرية مكلفة بالبت في مشاريع إحداث مراكز دراسات بسلك الدكتوراه في علوم التمريض، دون إشراك المعنيين بالتخصص، بل والاستعانة بأشخاص لا يمتّون بصلة مهنية أو علمية بمجال التمريض.
وأكد البلاغ، الذي توصلت به بلبريس، تسجيل خروقات إضافية تمثلت في "إقصاء أساتذة باحثين ذوي اختصاص" من مسارات اتخاذ القرار الأكاديمي داخل هذه المعاهد، وهو ما انعكس سلباً على جودة التكوين ومصداقية المسالك الدراسية. كما أشار إلى تفشي ممارسات غير منصفة، منها "إسناد مسؤوليات وتنسيق تخصصات لأشخاص يفتقدون الصلة المباشرة بالمجال"، معتبراً أن ذلك يؤدي إلى "تراجع خطير في جودة التكوين".
ولم تُخفِ التنسيقية قلقها من فرض مؤطرين ومشرفين على طلبة الماستر في بحوث نهاية التكوين، لا علاقة لهم بعلوم التمريض، وهو ما يُفرغ هذه البحوث من مضمونها التخصصي، ويسيء إلى مصداقية التكوين الأكاديمي، وفق البلاغ ذاته.
وختمت التنسيقية بلاغها بمناشدة وزارة الصحة والحماية الاجتماعية ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار من أجل "تدخل فوري لتصحيح هذا المسار"، مطالبة بإرساء عدالة تمثيلية داخل هياكل القرار، وتفعيل آليات الحكامة والنجاعة في تسيير المعاهد العليا للمهن التمريضية، داعية في الوقت نفسه إلى إطلاق حوار مؤسساتي شامل يضمن إنصاف الأساتذة الباحثين وتمكينهم من الإسهام في تطوير السياسات التكوينية، وتعزيز البحث العلمي، عبر هيكلة فعالة لنظام الإجازة-ماستر-دكتوراه.