مصفاة سامير: تسع سنوات من التصفية القضائية وتحديات إعادة التشغيل وسط غموض مصيرها

بعد مرور تسع سنوات على خضوعها للتصفية القضائية، لا تزال مصفاة "سامير"، الوحيدة في المغرب، معلقة للبيع دون أن تجد مشتريًا، رغم تلقيها العديد من العروض من جهات محلية وأجنبية. ففي عام 2017، حدد القضاء التجاري في الدار البيضاء سعرًا افتتاحيًا قدره 2.1 مليار دولار لبيع المصفاة، لكن الملف ما يزال يراوح مكانه بسبب تعقيدات قانونية وتشريعية وهيكلية، مما يجعل إعادة تشغيل المصفاة مسألة مؤجلة. في وقت يستمر فيه المغرب في استيراد جميع احتياجاته من المواد البترولية المكررة بتكلفة قاربت 12 مليار دولار في العام الماضي.

وبحسب تقرير نشره موقع "الشرق اقتصاد" السعودي، كانت "سامير" قبل توقف إنتاجها في 2015 تُغطي حوالي 64% من احتياجات السوق المغربية من الوقود، بعدما يتم استيراد النفط الخام وتكريره محليًا، ما منح المملكة القدرة على التحكم في الأسعار وتقليص تكاليف التخزين التي كانت تصل إلى مليوني متر مكعب. لكن الديون التي تجاوزت 4 مليارات دولار للبنوك والجمارك أدت إلى توقف نشاط المصفاة ودخولها مرحلة التصفية.

وأشار التقرير إلى أن العائق الأكبر أمام بيع المصفاة يتمثل في غياب رؤية واضحة من الحكومة بشأن مستقبل صناعة التكرير، مما يثني المستثمرين عن تقديم عروض جدية. ويؤكد الحسين اليماني، الكاتب العام للنقابة الوطنية للبترول والغاز، أن استئناف نشاط المصفاة قد يُسهم في تقليص فاتورة استيراد المواد البترولية بنحو ملياري دولار سنويًا، بالنظر إلى الفارق الكبير بين أسعار النفط الخام والمكرر.

وفي سياق آخر، كان المالك السابق للمصفاة، رجل الأعمال السعودي محمد العمودي، قد لجأ في 2018 إلى المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار التابع للبنك الدولي، حيث حصل على حكم يُلزم المغرب بدفع تعويض قيمته 150 مليون دولار من أصل 2.7 مليار دولار كان يطالب بها. ومع ذلك، سارعت السلطات المغربية إلى تقديم طلبين للمركز، أحدهما لوقف التنفيذ والآخر لإلغاء الحكم، مما يعني أن القضية القضائية ما تزال مفتوحة وتزيد من تعقيد عملية بيع المصفاة.

في المقابل، تواصل المحكمة التجارية في الدار البيضاء إصدار إذن استمرارية عقود العمل بالشركة بشكل دوري، مما يشير إلى رغبة ضمنية في إنقاذ المصفاة عندما تتوفر الشروط. ويؤكد اليماني أن المصفاة قابلة للإصلاح، وأن استثمارًا لا يتجاوز 300 مليون دولار كفيل بإعادتها للعمل في غضون 15 شهرًا، بالنظر إلى أن صيانتها السنوية كانت تتطلب 10 ملايين دولار.

وفي ظل هذا الوضع، يظل الحديث عن إعادة تشغيل "سامير" يتجدد بين الحين والآخر في التصريحات الرسمية، رغم عدم تقديم تفاصيل واضحة. ففي العام الماضي، أشار وزير الانتقال الطاقي إلى وجود مشروع قيد الدراسة لإعادة الحياة إلى المصفاة، لكن دون الإفصاح عن أية معلومات إضافية، بينما تطرقت وزيرة المالية إلى تطوير صناعة البتروكيماويات دون التطرق مباشرة إلى "سامير". من جهتها، اقترحت النقابة الوطنية حلًا بديلاً من خلال تأميم الشركة أو فتح اكتتاب وطني لجمع التمويلات اللازمة لإعادة تشغيل المصفاة.

إلى أن يتم إيجاد حل نهائي، يبقى مصير مئات العمال وآلاف المستفيدين غير المباشرين مجهولًا، بالإضافة إلى صغار المساهمين الذين لا يزالون ينتظرون معرفة مصير أسهمهم التي تراجعت من 1100 درهم في 2007 إلى 127 درهمًا في آخر تداول. ويُعتبر هذا الملف اختبارًا حقيقيًا لإرادة الدولة في وضع سياسة طاقية مندمجة، تتجاوز الاعتماد الكامل على الاستيراد وتعزز من دور البنية التحتية الوطنية في ضمان الأمن الطاقي.