المغرب ضمن قائمة الدول المتأثرة بـ"صدمة الرسوم الجمركية الأمريكية" وفق تقرير أممي
ورد اسم المغرب ضمن تقييم اقتصادي حديث أصدرته لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا) حول تداعيات "الصدمة الجمركية الأمريكية" على المنطقة العربية. وخلص التقرير إلى أن المملكة المغربية، إلى جانب دول عربية متوسطة الدخل مثل مصر والأردن وتونس، يُتوقع أن تتحمل أعباء مالية إضافية نتيجة ارتفاع عائدات السندات السيادية، في ظل حالة عدم الاستقرار المالي العالمي الناتج عن السياسات التجارية الأمريكية التي أطلقها الرئيس السابق دونالد ترامب، والتي تشبه إلى حد كبير "حرباً تجارية باردة".
وبحسب موجز السياسات الذي صدر السبت الماضي واطّلعت عليه "هسبريس"، قد تضطر هذه الدول، ومن ضمنها المغرب، إلى دفع فوائد إضافية تصل إلى 114 مليون دولار في عام 2025، ما قد يُلقي بظلاله السلبية على الإنفاق الاجتماعي والتنمية.
ووفق بيانات "الإسكوا"، يمثل المغرب نحو 5 في المائة من إجمالي صادرات الدول العربية إلى الولايات المتحدة خلال عام 2024. وتشير التقديرات إلى أن صادرات ست دول عربية—هي البحرين ومصر والأردن ولبنان والمغرب وتونس—ستتأثر بشكل كبير بزيادة الرسوم الجمركية، حيث ستخضع نسبة 5 في المائة أو أكثر من صادرات هذه الدول لتعريفات جديدة. ويُعد الأردن الأكثر تأثراً، إذ يتم تصدير حوالي ربع منتجاته إلى السوق الأمريكية.
ورغم أن المغرب تلقى واحدة من أدنى نسب الرسوم (10 في المائة) مقارنة بدول أخرى، إلا أنه أُدرج ضمن الدول المتضررة من هذه الصدمة الجمركية، في سياق تحذير أممي من أن الإجراءات الجديدة تهدد صادرات عربية غير نفطية إلى الولايات المتحدة تُقدّر قيمتها بحوالي 22 مليار دولار.
وأوضحت "الإسكوا" أن المنتجات المعفاة حالياً تشمل الطاقة والنحاس والمستحضرات الصيدلانية وأشباه الموصلات والخشب، بينما تخضع سلع أخرى مثل المنسوجات والأسمدة والمواد الكيميائية والألمنيوم والإلكترونيات لرسوم مرتفعة. كما لفت التقرير إلى أن هذه الإجراءات تلغي فعلياً المعاملة التفضيلية التي كانت تتمتع بها دول كالبحرين والأردن والمغرب وسلطنة عمان بموجب اتفاقيات التجارة الحرة الثنائية، بل وتمتد لتشمل المنتجات القادمة من المناطق الصناعية المؤهلة في مصر والأردن.
وأشار التقرير إلى مخاوف متزايدة بشأن تراجع الطلب العالمي، خاصة من شركاء رئيسيين كالصين والاتحاد الأوروبي، حيث يشتري الأخير نحو 68 في المائة من صادرات المغرب و72 في المائة من صادرات تونس، بينما تستورد الصين 22 في المائة من صادرات دول الخليج من النفط والكيماويات. وتُحذر "الإسكوا" من أن هذا الانكماش قد يُحدث خللاً في الاستقرار الاقتصادي للمنطقة.
فرص محدودة وسط التحديات
ورغم هذه التحديات، ترى اللجنة الأممية بعض الفرص الممكنة، خاصة للدول المُصدّرة مثل مصر والمغرب، في ظل التحولات المحتملة في سلاسل التوريد نتيجة الرسوم المفروضة على منافسين كالصين والهند. فقد يؤدي ذلك إلى إتاحة "مزايا نسبية" لبعض الصادرات العربية، لا سيما أن الولايات المتحدة أعلنت مؤخراً تعليق تطبيق بعض الرسوم لمدة 90 يوماً على معظم الدول باستثناء الصين. ومع ذلك، يُتوقع أن تتلاشى هذه الفرصة مع استمرار العمل بالاستثناءات الحالية.
ضغوط اقتصادية متعددة
وأكدت "الإسكوا" أن المغرب يُعد من بين الدول التي ستواجه ضغوطاً اقتصادية كبيرة جراء هذه السياسات، إلى جانب البحرين ومصر والأردن ولبنان وتونس. وذكرت أن البحرين على سبيل المثال تواجه تحديات لكونها تعتمد بشكل كبير على السوق الأمريكية في تصدير الألمنيوم والكيماويات، وهي من أكثر القطاعات تضرراً. كما تواجه الإمارات مخاطر تمس سوق إعادة التصدير نحو الولايات المتحدة، والتي تُقدّر قيمتها بـ10 مليارات دولار، نظراً لخضوع سلع مصدرها الأصلي لتعريفات مرتفعة.
علاقات اقتصادية عند مفترق طرق
بشكل عام، ترى "الإسكوا" أن المنطقة العربية تقف اليوم عند مفترق طرق في علاقاتها الاقتصادية مع الولايات المتحدة، في ظل سياسة "أمريكا أولاً" التي تقودها إدارة ترامب. فقد انخفضت الصادرات العربية إلى السوق الأمريكية من 91 مليار دولار سنة 2013 إلى 48 ملياراً فقط في 2024، ويُعزى هذا الانخفاض أساساً إلى تراجع واردات النفط ومشتقاته. غير أن الصادرات غير النفطية للعرب تضاعفت تقريباً في الفترة نفسها، من 14 مليار دولار إلى 22 ملياراً، وهو نمو أصبح الآن مهدداً في ظل الإجراءات الحمائية الجديدة.