"جون أفريك": النظام الجزائري يُفجّر أزمات متتالية مع فرنسا.. هل وصلت العلاقات إلى نقطة اللاعودة؟

كشفت مجلة "جون أفريك" الفرنسية في تقرير مفصل أن النظام الجزائري يبدو مصمماً على تعطيل أي مسار للاستقرار في علاقاته مع فرنسا، حيث تتأرجح العلاقات بين البلدين كـ"قطار ملاهٍ" بين فترات هدوء قصيرة وأزمات متجددة بفعل القرارات الانفعالية للسلطات الجزائرية.

أزمة دبلوماسية جديدة.. والسبب "أمير دي زاد"

أشارت المجلة إلى أنه بعد أقل من أسبوعين على إعلان إنهاء الأزمة بين البلدين في 6 أبريل الماضي، عاد التوتر ليصل ذروته مع طرد الجزائر 12 دبلوماسياً فرنسياً، ما دفع باريس إلى الرد بطرد عدد مماثل من الدبلوماسيين الجزائريين واستدعاء سفيرها في الجزائر للتشاور.

وترجع جذور الأزمة الأخيرة، بحسب "جون أفريك"، إلى قضية المدون الجزائري "أمير دي زاد" (اللاجئ السياسي في فرنسا)، الذي اتهم السلطات الجزائرية بالتخطيط لاختطافه عبر موظف في القنصلية الجزائرية بفرنسا. وبعد توجيه اتهامات قضائية للموظف، ردت الجزائر بطرد الدبلوماسيين الفرنسيين في خطوة وصفتها المجلة بـ"المتهورة".

 

النظام الجزائري يرفع سقف التصعيد.. واستدعاء السفير سابقة خطيرة

أكدت "جون أفريك" أن استدعاء فرنسا لسفيرها في الجزائر يعد سابقة لم تحدث منذ أربعة عقود، مما يعكس عمق الأزمة الحالية.

كما أن الجزائر لا تزال دون سفير في باريس منذ سحب دبلوماسيها احتجاجاً على اعتراف فرنسا بسيادة المغرب على الصحراء، وهو ما يظهر، بحسب المجلة، أن النظام الجزائري يفضل سياسة "القطيعة الانتقامية" على الحوار العقلاني.

 

سلسلة أزمات لا تنتهي.. من بوراوي إلى تبون وماكرون

لفتت المجلة إلى أن الأزمة الحالية ليست الأولى من نوعها، بل هي حلقة في سلسلة متواصلة من التوترات التي أشعلتها الجزائر، بدءاً من قضية الطبيبة أميرة بوراوي، مروراً بإلغاء زيارة الرئيس عبد المجيد تبون المتكررة لفرنسا، ووصولاً إلى تصريحه الشهير: "لن أذهب إلى كانوسا"، في إشارة إلى رفضه أي شكل من أشكال التفاوض مع باريس.

وأضافت أن العلاقة بين تبون وماكرون وصلت إلى مرحلة الانهيار التام بعد أن اعتبر الرئيس الجزائري دعم فرنسا للمغرب في قضية الصحراء "طعنة في الظهر"، في حين أن الجزائر نفسها تدعم جبهة البوليساريو بشكل غير مشروط، مما يعكس تناقضاً واضحاً في سياساتها الخارجية.

"هل يستحق الأمر المحاولة؟".. شكوك فرنسية في نوايا الجزائر

نقلت "جون أفريك" عن دبلوماسي فرنسي قوله: "لقد تركت هذه الأشهر من التوتر آثاراً بالغة لدرجة أننا نتساءل: هل يستحق الأمر المحاولة من الأساس، بالنظر إلى سوء نية الجزائريين وتصلبهم؟"، بينما علق رجل أعمال فرنسي-جزائري بالقول: "الرئيسان وصلا كلٌ بطريقته إلى نهاية الطريق."

مستقبل غامض.. هل تصل العلاقات إلى نقطة اللاعودة؟

اختتمت المجلة تقريرها بالإشارة إلى أن الأزمة الحالية تختلف عن سابقاتها، حيث تزداد الهوة اتساعاً مع كل موجة توتر جديدة، مما يطرح تساؤلات حول إمكانية إصلاح ما تم إفساده.

 

فمع انقطاع قنوات الحوار وتصاعد الخطاب العدائي من الجانب الجزائري، يبدو أن العلاقات الثنائية مقبلة على مرحلة عصيبة قد تصل إلى حد القطيعة الكاملة إذا استمر النظام الجزائري في سياسته التصعيدية غير المدروسة.

 


شاهد أيضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.