دراسة تحذر من مخاطر قانون الشركات الجهوية وتدعو إلى الحوار العمومي لتجنب الاحتجاجات الاجتماعية

اعتبرت دراسة حديثة حول الشركات الجهوية متعددة الخدمات أن القانون المنظم لها فتح المجال أمام القطاع الخاص للاستثمار في مجالي الكهرباء والماء دون إجراء نقاش مجتمعي مسبق، وهو ما قد يساهم في تفاقم "الغضب الاحتجاجي" في المستقبل.

وأوضحت الدراسة، الصادرة عن المعهد المغربي لتحليل السياسات، أن قانون الشركات الجهوية متعددة الخدمات أثار جدلاً واسعاً في الأوساط العامة، خاصة فيما يتعلق بتداعياته الاجتماعية. فقد طرحت العديد من الأسئلة المثيرة للقلق من قبل مجموعة من الأطراف المعنية بالقانون (خبراء، باحثون، نشطاء حقوقيون وسياسيون)، أبرزها: غياب الحوار العمومي الموسع أثناء إعداد القانون، تأثيره على سيادة الدولة على القطاع، وتأثيره المحتمل على الفئات الاجتماعية الهشة، بالإضافة إلى الأعباء الاقتصادية التي قد تترتب عليه استنادًا إلى تجارب الخوصصة في الماضي.

وأضافت الدراسة التي حملت عنوان "الشركات الجهوية متعددة الخدمات: هل المستهلكون في مأمن؟" أن النقاش العام حول تحرير القطاعات الاجتماعية في السنوات الأخيرة غالباً ما أثار مخاوف من تجارب التقويم الهيكلي و"خوصصة" المنشآت العمومية، خصوصاً تجربتي عام 1997 عندما تم تحرير شركة "سامير" لصالح مجموعة سويدية/سعودية، وتوقيع عقد التدبير المفوض مع شركة "ليديك" الفرنسية، وهو ما أدى إلى إفلاس "سامير" وظهور مآسي اجتماعية مثل تسريح العمال. كما أشارت الدراسة إلى "التجاوزات التدبيرية" في تجربة "ليديك"، التي أبرزها تقرير المجلس الأعلى للحسابات لعام 2009.

وأشارت الدراسة إلى غياب النقاش العمومي الشامل حول قانون الشركات الجهوية، حيث تم تمريره بصيغة أحادية في البرلمان دون مواكبة مجتمعية كافية، على عكس بعض القوانين الأخرى التي خضعت لمقاربة تشاركية مثل مدونة الأسرة والقانون الجنائي، رغم الأهمية الاستراتيجية الكبيرة لهذا القانون.

ورأت الدراسة أن القانون فتح الباب أمام "فورة احتجاجية"، تجسدت في تظاهرات وإضرابات في قطاع الماء والكهرباء، بقيادة نقابيين رفضوا مضمون القانون الجديد. كما شهدت بعض المناطق في المغرب، مثل منطقة فكيك، احتجاجات متصاعدة ضد تنفيذ القانون، مما جعل الدولة تواجه "تكلفة احتجاجية باهظة" نتيجة غياب النقاش المجتمعي الكافي.

وفي هذا السياق، أوصت الدراسة بضرورة تجنب المخاطر الاجتماعية المرتبطة بالقانون، من خلال الإبقاء على مفهوم التعريفة الاجتماعية لحماية القدرة الشرائية للفئات الهشة، وتعزيز مبدأ المساواة الاجتماعية بين مستخدمي الشركات الجهوية. كما دعت إلى عدم التسرع في فتح رأسمال الشركات الجهوية أمام القطاع الخاص، وتأهيل الجماعات الترابية لتكون فاعلاً حقيقياً في المشروع. وأكدت على ضرورة التشاور مع الفاعلين الاجتماعيين في جميع مراحل تنفيذ القانون.

وأشارت الدراسة إلى أن "استفزاز الاحتجاج القبلي أفضل من تحمل تكلفة الاحتجاج البعدي"، مشيرة إلى أن اللجوء إلى المقاربة التشاركية منذ البداية يساعد الدولة في تجنب التكاليف الباهظة الناتجة عن فشل السياسات العمومية. وأضافت أن فشل سياسة معينة بدون المرور عبر القنوات التشاركية (مثل الساكنة المحلية، الهيئات المنظمة: النقابات، الجمعيات، الأحزاب) يؤدي إلى إهدار الأموال العامة ويؤدي إلى مواجهات مع احتجاجات قد يكون من الصعب توقع نتائجها وآثارها.


شاهد أيضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.