الطلبة الجامعيون بالرباط.. معاناة وشوق واتحاد حول مائدة الإفطار

تتداخل في شهر رمضان أحاسيس يغلب عليها الجو العائلي، ومعها يتضاعف الإحساس بالحنين والشوق إلى الأسرة ومحيطها الدافئ، إنّه واقع لا يغادر حال الطلبة الجامعيين، خاصة المقيمين بالأحياء الجامعية والمنحدرين من مناطق بعيدة، حيث لا يشعر بنعمة التمتع بشهر رمضان بالقرب من حميمية الأسرة، وطعم التلاحم والروحانية العالية التي يشعر بها الصائم حينما يجتمع على طاولة الإفطار رفقة عائلته الكبيرة والصغيرة، إلا من اغترب عن أسرته سعيا في طلب العلم.

غياب الجامعة في مدينته "الخميسات"، أجبره على متابعة دراسته العليا بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بالرباط ما اضطره إلى قضاء رمضان بعيدا عن أسرته لكن الحنين إلى العائلة مؤلم بالنسبة له، خاصة أن التجربة الأولى كانت صعبة جداً عندما كان في السنة الأولى، " محمد أشهبون" سنة تانية شعبة العلوم الاقتصادية، تعود طوال حياته أن يقضي رمضان بين الأهل ووسط اللمة العائلية التي تفوح منها التواصل والمحبة، لكن ظروف الدراسة خارج مدينته أجبره على التأقلم  مع الوضع الجديد.

وصرح أشهبون في حديث "لبلبريس"  بأنه  " تعود على صوم رمضان وسط أهلي في الخميسات، لكن من أجل التعليم والمستقبل فرض عليّ ذلك السفر بعيدا من أجل التفوق والتميز في تخصصي، والصوم لوحدي، حيث هناك الكثير من المعاناة، مثل اختلاف العادات والتقاليد، وعدم توفر طعام رمضان الذي اعتدناه على مائدتنا، إضافة إلى اغلاق أبواب المقصف في وجه الطلبة.

 

 

 

وعن شعوره بالحنين  إلى لمة الأهل، قال محمد "بالتأكيد، كل إنسان يفتقد أهله ، خصوصاً في المناسبات الدينية والأعياد، وفي رمضان بالتحديد يكون هناك إحساس مؤلم ببعدك عن أهلك ، لكن مع توفر وسائل التواصل في الوقت الحالي يمكن للطالب أن يخفف من هذه الأحاسيس بمحاولة مشاركة الأهل والتواصل معهم هاتفياً أو عبر برامج التواصل الاجتماعي للتعرف إلى تفاصيل حياتهم خلال الشهر الفضيل، ورغم أن الطالب في بعض الأحيان يفتقد أهله وأصدقاءه وبرامج الشهر الكريم، إلا أن هناك جانباً يخفف من وقع الغربة على الشخص، وهو الوحدة والتعاضد ما بين الطلاب الدارسين".

في السياق نفسه قالت سارة آيت أحمد، طالبة منحدرة من نواحي مدينة مراكش" أن العمل الجماعي في إعداد الفطور خلال شهر رمضان يتوزع على الجميع بالتناوب كل حسب ظروف الدراسة والامتحان، وذلك بسبب الالتزام بساعات الدراسة، مصرحة بالقول "كما ذكرت عدم توافر طعام رمضان يجبرك على أن تطبخ بنفسك، وبالتالي يجب أن يتشارك الجميع في إعداد طعام رمضان، خصوصاً وجبة الإفطار، حيث يتعاون الجميع كخلية نحل في إعداد وجبات الإفطار لعدد من الطلبة، وبعزيمة ونشاط تتوزع الأدوار كل يعمل في تقطيع الخضراوات، وآخرون في إعداد الوجبات، ومجموعة ثالثة تعد العصائر والحريرة، ويلتقي الجميع على قلب واحد وعلى مائدة واحدة، رغم الحنين واللمة الأسرية التي نفتقدها بالبعد عن الأهل إلا أننا نعوض ذلك الشعور من خلال التلاحم والتعاون فيما بيننا "، حيث إختتمت سارة حديثها بالقول "مع كل ما نقوم به من أجل تمضية الشهر الفضيل في أحسن الظروف إلى أن تزامن فترة الامتحانات وشهر الصيام يجعل المهمة مستحيلة وصعبة".

هكذا هي حكايات الطلبة المنحدرين من المدن التي لاتتوفر على الاختصاصات المطلوبة في فضاءات الجامعات، شوق للأهل وحنين للطقوس الرمضانية تفاصيل كثيرة يحتفظون بها بداخلهم، لكنهم يحاولون تجاوز  الوحدة والبعد عن الاهل  بالقرب من بعضهم، ونقل الأجواء الرمضانية إلى رحاب الأحياء الجامعية، لهم تجارب مختلفة بكافة المقاييس لشعورهم بأحاسيس الغربة التي يفتقدون فيها شاعرية مائدة الفطور الأسرية، وفي الاجتماعات وصلة الرحم، إضافة إلى وجود مشقة كبيرة في التوفيق بين الدراسة وإعداد وجبات الفطور، إضافة لغياب الكثير من الأجواء الرمضانية التي اعتادوها والشعور بالحنين للتجمعات العائلية.