عرفت مدينة الفنيدق على وقع تدفق آلاف الشباب واليافعين والقاصرين الراغبين في اجتياز الحدود البرية نحو مدينة سبتة،
جرى ذلك تفاعلا مع دعوات على مواقع التواصل الاجتماعي بجعل يوم 15 سبتمبر موعداً لهجرة جماعية نحو أوروبا..
محمد بنعبد القادر يجزم بوقوف “مخابرات عبلة الجزائرية” وراء محاولات “الحريك” الجماعي
اتهم محمد بنعبد القادر، وزير العدل السابق، والقيادي في حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، المخابرات الجزائرية بالوقوف وراء الهجرة الجماعية عبر حدود “تراخال” بسبتة المحتلة.
وقال بنعبد القادر أن تجمهر المهاجرين بالفنيدق لاقتحام مدينة سبتة المحتلة، هي عملية من إعداد المخابرات الجزئرية.
بنعبد القادر، وفي تغريدة على حسابه عبر منصة “إكس”، كتب قائلا:”ليس لدي أدنى شك في أن “عملية كاستيليخوس”، التي سعت إلى استغلال قاصرين بسذاجة في الدورادو الأوروبي، تم إعدادها بشكل ساخر من قبل مخابرات الجيران في الشرق، وتم الترويج لها بغباء من قبل نشطاء وسائل التواصل الاجتماعي”.
وأضاف قائلا:”ولحسن الحظ تم إحباطها بمهارة ملحوظة من قبل قوات إنفاذ القانون المغربية”.
العياشي الفرفار:أحداث الفنيدق..مفارقة أن يصبح السري علنيا
يبدو الأمر مثيراً للانتباه، هذا التحول المفاجئ، الانتقال من الشيء إلى نقيضه (استبعد هنا قانون التحول الكمي الكيفي حسب التصور الماركسي).
الفهم الجيد مرتبط بالمقارنة، والتاريخ يمنحنا شواهد ووقائع للعديد من الانتقالات من السري إلى العلني، مثل دعوة رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، والحركة الوطنية في مواجهة الاستعمار الفرنسي، وكل الحركات التحررية في العالم.
يبدو أن منطق الانتقال من السري إلى العلني هو منطق التحول في ميزان القوة. فالسرية قد تكون استراتيجية، وفق تصورات ميشيل كروزييه في مفهوم “الفاعل الاستراتيجي”؛ ذلك الذي يخفي أكثر مما يُظهر (الرجوع إلى هذا المفهوم الوارد في كتاب *الفاعل والنظام*).
واقعة الفنيدق تعكس لحظة الخروج من تجربة الهجرة السرية، التي تتم في الظلام وخلسة عن الجميع، إلى تحدٍّ مباشر ومفتوح مع الدولة، وهو مؤشر بالغ الخطورة.
الأمر يطرح العديد من الأسئلة التأسيسية لهذا التحول: ما هي أسس هذا التحول؟
في غياب معطيات كافية حول الموضوع، يمكن وضع مجموعة من الفرضيات حول طبيعة الفعل وأسبابه. وهذا الأمر يحتاج إلى أبحاث وتجميع معطيات كافية للتحقق من صلاحية أي فرضية. ولكن باستقراء مجموعة من المؤشرات، يمكن التوقف عند بعض الملاحظات الأساسية.
يبدو أن الانتقال من السري إلى العلني، وإعلان التحدي والعصيان المدني ومواجهة السلطات العمومية، يعزز فرضية وجود يد خفية عملت على استثمار أزمة الهشاشة لمجموعة من الحالمين بفرص حياة أفضل
فاطمة الزهراء التامني:الفقر والاقصاء والبطالة وعدم توفير فرص الشغل الكريم عوامل احداث الفنيدق
طالبت البرلمانية المنتمية لفدرالية اليسار الديمقراطي، فاطمة الزهراء التامني، رئيس الحكومة عزيز أخنوش بتوضيح التدابير التي تعتزم حكومته اتخاذها لإنقاذ الشباب الذين توجهوا نحو الفنيدق في محاولة للهجرة غير النظامية إلى إسبانيا عبر مدينة سبتة المحتلة.
في سؤالها الكتابي، أشارت التامني إلى أن "حاول مئات الشباب والأطفال ، ليلة السبت 14 شتنبر 2024، التوجهه نحو مدينة سبتة المحتلة،في إطار الهجرة القسرية المسماة غير شرعية، بعدما ضاقوا درعا من الفقر و البطالة و التهميش، مع استمرار السياسات اللاشعبية، التي لا تزيد الفقير إلا فقرا والغني ثراءً".
وتابعت البرلمانية، "في الوقت الذي تدعي فيه حكومتكم، أنها تتجه نحو بناء دولة اجتماعية، نجد واقعا مخالفا تماما و بعيدا كل البعد عن ملامح الدولة الاجتماعية ، حيث تعميق الفوارق الاجتماعية، و ضرب المكتسبات الحقوقية وتفاقم البطالة، وارتفاع نسبة الفقر، والضرب في القدرة الشرائية للمواطنين، وعدم الوفاء بالوعود المقدمةللمواطنين خاصة منها مايتعلق بفرص الشغل ومحاربة الفقر والهشاشة".
وأضافت التامني: "الفقر والاقصاء والبطالة وعدم توفير فرص الشغل الكريم والمستدام ، مع غلاء المعيشة؛ كلها عوامل إلى جانب أخرى ،ساهمت في اتجاه هؤلاء الشباب للمغادرة والتضحية بأرواحهم في سبيل البحث عن سبل عيش أفضل تقربهم من حلم الحياة الكريمة المنشودة، والمعطلة".
إلهام بلفحيلي: أحداث الفنيدق.. تفند خطاب الحكومة حول "الدولة الاجتماعية"
الأمر وصل نهايته، والصبر بلغ منتهاه. المشاهد التي نتابعها في مواقع التواصل الاجتماعي من الفنيدق والهجرة الجماعية للشباب والأطفال والنساء تنخر قلوبنا وتؤلم مشاعرنا، وتجعلنا نتحسر على واقعنا. هذه المشاهد تدعونا جميعًا لمراجعة الواقع والبحث عن الحلول، لا الهجوم من أجل الهجوم أو الدفاع من أجل الدفاع.
هناك مشكل حقيقي في المغرب نعيشه.
أولا، غلاء الأسعار وارتفاع كلفة الخدمات وانهيار الطبقة الوسطى التي كانت صمام الأمان أصبح يهدد الأمن والسلم المجتمعي.
ثانيا، هناك خطاب متناقض بين خطاب حكومي وإعلام رسمي يظهر لك أن المغرب يسير بسرعة قصوى ويحمل معه فقراءه من خلال نظام الحماية الاجتماعية والأوراش والفرص وغيرها، مقابل واقع مرير وإعلام بديل يظهر الواقع الحقيقي حيث الفقر المدقع والهشاشة والتهميش والتركيع والتهديم.
ثالثا، الإحساس بالظلم والمس بالكرامة. هناك ضغط إعلامي واقعي لتطبيق القانون فقط على الشعب الكادح. فأصبح الأمن متشددًا صارمًا أكثر من اللزوم، يطبق القانون ناسيًا روحه. مديرية الضرائب لا ترحم وتقطع من الأجور دون إنذار أو إخبار، نظام الغاب في دولة الحق والقانون. والقروض لا تنتظر، فأصبح المواطن البسيط محاصرًا بمنطق القانون، مع أنه يرى ويعلم أن تطبيق القانون يعنيه وحده، إلا في حالات نادرة حيث يعتقل بعض التماسيح، لكن أخبارهم تنقطع كما وقع مع برلماني الفقيه بن صالح والناصري وغيرهم.
اليسار الديموقراطي: أحداث الفنيدق تكشف زيف الدعاية الرسمية والترويج لإنجازات وهمية
وصف المكتب الوطني لشبيبة اليسار الديمقراطي الوضع بـ “الكارثي”، في بيان توصلت بلبريس بنسخة منه يسلط الضوء على الواقع المرير الذي يعيشه الشباب المغربي وفشل السياسات الحكومية في تحقيق التنمية المنشودة. حسب وصف ذات المصدر.
ووفقا لذات المصدر، “وبعد حلول وفد عن فيدرالية اليسار الديموقراطي، لتقصي الحقائق، فإن المشهد على أرض الواقع كان صادمًا، فقد تجمع آلاف الأشخاص، بينهم نساء ورجال وشباب وحتى أطفال دون سن الخامسة عشرة، على طول الشريط الساحلي الممتد من مدينة مارتيل إلى حدود سبتة، في مشهد يعكس حجم اليأس والإحباط الذي يعيشه هؤلاء”.
ويضيف البيان أنه “في مواجهة هذا التدفق البشري، انتشرت القوات الأمنية بكثافة في جميع أنحاء مدن الشمال، والفنيدق، مستخدمة العنف لمنع المواطنين من الاقتراب من مدخل سبتة. هذا الأسلوب القمعي أدى إلى سقوط ضحايا”، مشيرا إلى تسجيل العشرات من المفقودين، وتداول معلومات عن أكثر من 8 حالات وفاة، بالإضافة إلى إصابات متفاوتة الخطورة نتيجة التدخلات الأمنية وحوادث السير.
سلوى دمناتي:مؤلم جدا الوضع في الفنيدق
أدلت النائبة البرلمانية عن حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، سلوى دمناتي، بتعليقها على الأحداث التي تشهدها مدينة الفنيدق، حيث يتوافد مئات الشباب والقاصرين في محاولات للهجرة الجماعية نحو الضفة الأخرى.
وقالت دمناتي في تدوينة نشرتها على حسابها بموقع فيسبوك: “مؤلم جدا الوضع في الفنيدق كأم أرى قوافل اطفال و شباب يرتمون في عرض البحر و تسيل دماؤهم على اسلاك الحواجز، كنائبة برلمانية في المعارضة بحت حجورنا و نحن ننبه الحكومة إلى الأوضاع الاقتصادية و الاجتماعية المزرية لساكنة الفنيدق و النواحي بعد إقفال معبر سبتة بدون توفير البديل، لا مجال للمزايدات السياسية، ألا يتسائل عقلاء و كفاءات هذه الحكومة عن الأسباب التي جعلت هؤلاء الأطفال و الشباب ينفرون من تربتهم و بلدهم و ينتحرون بهذه الطريقة البشعة و يصرون على الهروب و هم يعلمون أنهم غير مرغوب فيهم في الضفة الأخرى؟ ألم ما بعده ألم ان تودع ام أطفالها و هم يرتمون في عرض البحر و تدعو لهم بالوصول بالسلامة و دموعها تختلط بماء البحر”.
وأضافت البرلمانية الاتحادية قائلة: “على الحكومة ان ترى وجهها في المرآة و تسحب راسها من الرمال و تستيقظ من عجرفتها بإيجاد حلول سريعة لتوفير فرص عمل على أرض الواقع و ليست شعارات يصدح بها في المؤتمرات .. هؤلاء الشباب هم من فئة 4 مليون شاب و شابة الغير مصنفين لا في خانة التمدرس او التكوين و لافي خانة البطالة.. هؤلاء الشباب هم سواعد مغرب 2030، إذا حركو من سيشيد و من سيسر و من سيرفع راية هذا البلد في 2030 ؟” تختم دمناتي تدوينتها متسائلة
حبيب حاجي:لا وجود لنص يعاقب على التحريض للهجرة السرية
يرى الحقوقي والمحامي بهيئة تطوان، الحبيب حاجي، أن “الهجرة حق من حقوق الإنسان، لكن يبقى ما هو مجرم هو التنظيم، وهؤلاء الذين ينشرون تدوينات عبر الفيسبوك يدعون أشخاصا للهجرة للخراج من أجل المستقبل”.
وأكد حاجي ، أن “الهجرة مقننة حاليا، والقانون يجرم الشخص الذي ينظم الهجرة بشكل غير قانوني، حيث أن الهجرة تستدعي التوفر على جواز سفر وتأشيرة لمغادرة التراب، ورغم أن هؤلاء الذين يحاولون الهجرة، رغم أن محاولته تشكل مخالفة قانونية، فالسياسة الجنائية للمغرب لا تتابعهم نهائيا، وحتى إن كانت متابعتهم فهي تتم في حالة سراح”.
وتابع أنه “مثلا عندما يتم اعتقال منظمي الهجرة السرية فإن ضحايا المنظمين الذين حاولوا الهجرة السرية لا تتم متابعتهم حتى في حالة سراح”.
وأردف أن “من نشروا هذه التدوينات لا يمكن اعتبارهم منظمين، حيث أن التنظيم يتطلب وجود اتصال بالأشخاص وتوفير مراكب ووجود خطة وكيفية الانتقال، ووجود شبكة وموجه، مع وجود اتصال مباشر وغير مباشر”.
واعتبر المتحدث أن “المعطيات الحالية المتربطة بهذه التدوينات لا تتوفر فيها عناصر الجريمة، ولا تثبت في حقهم جريمة، لأنه لا وجود لنص يعاقب على هذه الجريمة.
رضوان الرمضاني:البلاد شادّة طريقها مزيان واخّا كتعكّل مرة مرة
انت تقول: البلاد مشات
أنا أقول: البلاد شادّة طريقها مزيان واخّا كتعكّل مرة مرة
انت تقول: بلاد كحلة هادي
أنا أقول: هادي بلاد فيها الأبيض وفيها الكحل
انت تقول: ما بقى ما يدار فهاد البلاد
أنا أقول: كاين مشاكل بزاف ولكن كاينة فرص بزاف
انت تقول: البلاد كتريب
أنا أقول: البلاد كتزيد تبني راسها
انت تقول: اللخر فيكم يطفي الضو
أنا أقول: اللخر فينا يشعل الضو
انت تقول: البلاد كلها فساد وشفرة
أنا أقول: كاين الفساد وكاين الصلاح
انت تقول: گاع المسؤولين والمنتخبين ما صالحينش
أنا أقول: كاين اللي صالح وكاين اللي ما صالحش
انت تقول: فلان وفلان وفلان شفارة مصو دم المغاربة
أنا أقول: رد البال لتكون كتخدم مصاصي الدماء ديال بصح ولاعبينك بانضة بلا ما تعيق
انت تقول: البلاد خدامة غير ببّاك صاحبي
أنا أقول: كاين بّاك صاحبي وكاين ذراعي وكتافي ودماغي صحابي
انت تقول: كلشي باغي يهرب من هاد البلاد
أنا أقول: ماشي كلشي باغي يهرب من هاد البلاد
انت تقول: كتصدق غير للمخلوضين
أنا أقول: دير يدك فالعصيدة
انت تقول: هاد البلاد عمّرها تتقاد
أنا أقول: غتتقاد وتزيد تتقاد غير ما تبقاش كتتفرج
انت تقول: بقات لينا غير فالمونديال وسير سوف سبيطاراتنا كيف دايرين
أنا أقول: أييه بقات فالمونديال وفالسبيطارات وحتى فالمهرجانات
انت تقول: ما يحس بالمزود غير المخبوط بيه
أنا أقول: اللي ما ضاربوش المزود ما كيعنيش ماشي مغربي
انت تقول: أنا مغربي
أنا أقول: أنا مغربي وانت مغربي
عبد الحق الصنايبي:ما وقع بالفنيدق ليس ظاهرة والأمن تعامل مع الوضع بذكاء
أوضح الباحث في الشؤون الأمنية والاستراتيجية، عبد الحق الصنايبي، أن “ظاهرة الهجرة كانت لصيقة بعلاقة شمال جنوب، ومحاولات الاختراق التي نشهدها ليست هي الأولى أو الثانية، بل سبقتها عدة محاولات أخرى”.
ويرى الصنايبي في تصريح صحفي، أن “الحديث عن مفاهيم الأمن الشامل، للتعاطي مع هذه الأحداث، لا نقصد به المقاربة الأمنية وفقط، لأنه إذا كانت المقاربة الأمنية هي التي تنقذنا في مواجهة الظاهرة الإرهابية أو الهجرة غير الشرعية، فإن ما وقع اليوم يدل على أن هناك ضعف تأطير وفشل في التدبير الحكومي وحتى الحزبي”.
واستدل على كلامه “ببروز ظاهرة غريبة، تتمثل في أن ما يفترض أن تقوم به الأحزاب السياسية، تقوم به العناصر الأمنية، وقد رأينا عدة فيديوهات لعناصر أمنية تفتح حوارا ونقاشا مع مجموعة من القاصرين وتشرح لهم مخاطر وأبعاد الهجرة غير الشرعية والآفاق الممكنة في المغرب، وهذا يفترض أنه ليس عمل الأجهزة الأمنية بل هو عمل الأحزاب السياسية التي من مهمتها التأطير وتمثيل وتنظيم المواطنين”.
وشدد على أن الظاهرة ” تدق ناقوس خطر، ولا تعني أن هناك توجها، ونحن لا نتحدث هنا عن مجموعة من الاختراقات وتحرك خصوم الوحدة الترابية وتحريك مجموعة من الصفات الإلكترونية وتجيش الوضع، ومحاولات إظهار وكأن هناك هجرة جماعية أو هروب جماعي من المغرب، لأن كل هذه تمظهرات لفشل التدبير السياسي والحزبي، وهو ما أعطى الفرصة لخصوم الوحدة الترابية للدخول على الخط”.
ومن مكامن الخلل التي يراها الصنايبي “وجود شريحة مهمة من المواطنين خارج منظومة التأطير السياسي والحزبي، إذ في غياب بدائل وأجوبة، والثقة في المشروع السياسي، نرى حالة من اليأس لدى هذه الشريحة، التي يظهر أنها طرقت مجموعة من الأبواب ولم تجد صدى
عبد الرحيم عنبي:محاولة الهجرة الجماعية مؤشر على فشل مؤسسات التنشئة الإجتماعية بالمغرب
يرى أستاذ علم الاجتماع بجامعة محمد الخامس بالرباط، عبد الرحيم عنبي، أن الهجرة داخل المحتمع المغربي أصبحت عنصرا ثقافيا وممارسة ثقافية واجتماعية، كما أضحت استراتيجية ليس فقط من أجل تحسين الوضع الاقتصادي بل حتى للترقي الإجتماعي، أضف إلى ذلك الجانب النفسي؛ حيث أصبح لدى هؤلاء الشباب واليافعين نماذج حياة جديدة وتطلعات جديدة لم تعد مؤسسات التنشئة الإجتماعية من الأسرة والمدرسة ومؤسسات الدولة قادرة على الجواب عليها، لأن هذه المؤسسات ما تزال تشتغل بكيفية تقليدية.
الكيفية التقليدية في التنشئة وفق عنبي تتمثل في “تصور أن طفل يعيش داخل أسرة يتشبع بقيمها الأسرية ثم يخرج ليندمج في المجتمع؛ وإذا فشل في الإندماج بسبب ضعف هذه القيم أو لرفضها فهو يكون على هامش المجتمع أو ما يعبر عنه بالإنحراف”، مشيرا إلى أن المنطق الذي يشتغل به شباب اليوم يختلف تماما عن ذلك، خاصة أن مؤسسات التنشئة لم تطور قدراتها وأداءها.
وأوضح أستاذ علم الإجتماع أن الثروة الرقمية التي يشهدها مجتمعنا بسبب فيض المعلومات والصور والفيديوهات التي تقدمها وسائل التواصل الإجتماعي قلبت الموازين، وأصبحت تقدم محتويات تشكل انمودجا حيا للشباب واليافعين، يدفعهم للقيام بكل ما يلزم لبلوغه، مبرزا أن ما ساعد في هذا الوضع؛ هو الخلل الذي تعيشه الأسر؛ حيث أن الأباء لهم نمط تفكير وعيش يختلف تماما مع تطلعات أبنائهم، وصور المستقبل الذي يرسمه الآباء يختلف كليا مع يريده الأبناء.
من جهة أخرى، يسجل المتحدث أن المؤسسات التعليمية بدورها تشهد خلل بسبب اعتماد مناهج تدريس كلاسيكية وطرق تدريس ومقررات تدريسية لا تجيب على تطلعات الشباب، حيث أن نمادج وتصورات العيش والحياة التي أصبح هؤلاء الشباب يردون عيشها تختلف مع النماذج التي تقدمها المدرسة ومؤسسات المجتمع بشكل عام.
وشدد عنبي على ضرورة الإعتراف بأن هناك فشل في السياسات الإجتماعية التي تعدها الأحزاب السياسية؛ التي أصبحت متخلفة عن الدينامية التي يشهدها المجتمع وغرقت في نقاش موضوعات تعود إلى نهاية الثمانينيات وتسعينيات القرت الماضي؛ باستثناء بعض السياسات الإجتماعية المرتبطة أساسا بالتغطية الصحية، لافتا إلى أن السياسات العمومية لم تتطور بالشكل الكافي للتعامل مع متطلبات الأسرة والمدرسة والشباب اليافع.