أعتقد أن الكثير من المغاربة لم يستوعبوا بعد أهمية الاعتراف الفرنسي بمغربية الصحراء، وتداعيات هذا الاعتراف على البعد الجيو -سياسي المغاربي والإقليمي والقاري والدولي، كما لم يستوعبوا -أيضا- بعد أهمية تنظيم كأس العالم لكرة القدم بالمغرب بمشاركة مع دولتي اسبانيا والبرتغال .
إعتراف فرنسا بمغربية الصحراء منعطف تاريخي حاسم لحل النزاع المفتعل مع النظام الجزائري حول مغربية الصحراء ، لأسباب لسنا بحاجة لذكرها :أهمها أن فرنسا عضو بمجلس الأمن الدولي، ومستعمرة سابقة للمغرب وللجزائر ، وخامس قوة اقتصادية في العالم ولها وزنها القاري والدولي.
لذلك، فاعتراف فرنسا بمغربية الصحراء له وزن سياسي قاري ودولي لا يضاهيه اعتراف أي دولة أخرى ، خصوصا ، وأنه لم يكن متوقعا في خضم “البلوكاج” السياسي الذي دام بين المغرب وفرنسا لأكثر من سنتين.
إعتراف فرنسا بمغربية الصحراء تاريخي خصوصا أنه أكد على أن الحكم الذاتي هو الأساس الوحيد للتوصل إلى حل سياسي ، وحاضر ومستقبل الصحراء يندرجان في إطار السيادة المغربية، وفي الوقت ذاته أن الصحراء المغربية مرتبطة بالأمن القومي للمملكة ، و ستتحرك وطنيا ودوليا في انسجام مع هذا الموقف.
لكن ، يجب الإشارة إلى أن الاعتراف الفرنسي بالسيادة المغربية على صحراءه لم يكن اعتباطا، لكون الاعتباطية لا موقع لها في العلاقات والسياسية الدولية ، بل البراكماتية والمصالح السياسية والاقتصادية هى المحرك للمواقف وللقرارات في المجال السياسي، وهي قاعدة عامة في كل قرارات الدول، تنطبق على الاعتراف الفرنسي بالسيادة المغربية على صحرائه.
فرنسا اليوم في مفترق الطرق وعليها ان تراهن على الدول الصاعدة في شمال افريقيا ،وفي مقدمة هذه الدول المغرب ، هذا البلد الذي يقوده ملك حكيم واستراتيجي ومنخرط في الدفاع عن ترسيخ السلم والأمن والاستقرار في العالم ، ومكافحة الإرهاب والهجرة السرية والإنفصال والرفض التام لقيام دويلة إرهابية تحت المظلة الجزائرية قد تشكل خطرا على مصالح فرنسا والدول الغربية .
بصفة عامة إعتراف فرنسا بالسيادة المغربية على صحراءه ، والتزامها بأن تكون محامية المغرب في الدفاع عن هذا الاعتراف التاريخي ، هو نهاية مرحلة وبداية أخرى تطوي أحلام النظام الجزائري بإقامة كيان وهمي على أراضيه.
تنظيم كأس العالم بالمغرب سنة 2030
يؤكد الخبراء أن تنظيم كأس العالم لكرة القدم بالمغرب سنة 2030 سيشكل حدثا مفصليا في تاريخ المغرب المعاصر على كافة المستويات، يتعين على المغاربة أن يدركوا تحديات وصعوبات ورهانات وتداعيات ودلالات تنظيم حدث عالمي ضخم مثل تنظيم كأس العالم لكرة القدم بالمغرب بشراكة مع دولتين أوروبيتين اسبانيا والبرتغال.
قبول المغرب تنظيم كأس العالم هو قرار استراتيجي هام لكونه سيحسن مؤشرات الجاذبية الاقتصادية، من خلال تمويل الأوراش الكبرى، ويقوية جاذبية الاستثمارات، وانعاش السياحة، ويجديد البنى التحتية، ونمو الاتصالات وما يدور في فلكها ،وتشجيع كذلك الاستثمار في الطرق السيارة، والقطارات فائقة السرعة، والرفع من قدرات المطارات والموانئ، والزيادة في الخطوط الجوية الداخلية والخارجية، كما وكيفا...وتسويق الاشعاع المغربي وتراثه اللامادي.
وبالتالي، فإن من التحديات الرئيسية التي تُواجه المغرب في استضافة كأس العالم 2030 هو البحث عن الأساليب والطرق المُثلى لإبراز قدرات المملكة الدخول لمربع الكبار المؤهلة لتنظيم كأس العالم، ولإثبات مهاراتها التنظيمية في احتضان المنافسات الرياضية الكبرى.
لذلك، على المغاربة حكومة وشعبا تحت قيادة جلالة الملك أن يثبتوا لدول العالم الصديقة منها والحاقدة ، أن المملكة المغربية الشريفة، هي مملكة التحدي، مملكة المنافسات الرياضية الدولية، لذلك نقول إن نجاح المغرب في تنظيم كاس العالم لسنة 2030 بحاجة لثورة في المواطنة والوطنية والعقليات، وكذلك الاستثمار في الرأسمال البشري .
تنظيم نهائيات كأس العالم لكرة القدم 2030 هو مسار حلم ملك وشعب سعيا إليه بكل جدية منذ 20 سنة. وشكل قبول المكتب التنفيذي للاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" ملف الترشح لاستضافة نهائيات كأس العالم 2030 من قبل المغرب وإسبانيا والبرتغال، إنجازاً تاريخياً وفرصة للمملكة لأثبات ذاتها كقوة صاعدة عالميا في كل المجالات.
لذى، على المغرب الاستعداد بمعايير دولية لاستضافة هذا الحدث الرياضي الضخم، خصوصا أن الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" يراهن على هذه التظاهرة في زيادة مداخيله، إذ جنى ما لا يقل عن 7.5 ملايير دولار من الأرباح عن "مونديال 2022"، لان الرياضة اصبحت من اهم مجالات الاستثمار والارباح.
وقبل الحدث التاريخي لتنظيم كأس العالم لكرة القدم 2030 ، سيعرف المغرب محطات سياسية كبرى حاسمة :
-1- تعديل حكومي مرتقب طال انتظاره سنة 2024 ،تعديل يجب ان يكون كيفا وليس كما ،تعديل يفرز حكومة بوزراء في مستوى المغرب الدولة- الأمة، وزراء حقيقيون ومحترفون في الحكامة والتدبير والسياسة والتواصل والتسويق والمواطنة والوطنية وليس وزراء هواة ضعاف همهم المناصب والمواقع وتسويق صورهم على حساب تسويق صورة المغرب ومؤسساته.
-2- تنظيم انتخابات تشريعية سنة 2026 ، انتخابات يجب أن تكون ديمقراطية لتفرز نخبا برلمانية تمارس صلاحيتها الدستورية بمهنية وباحترافية، انتخابات ستفرز حكومة مواطنة قوية تكون في مستوى تطلعات جلالة الملك والشعب المغربي وتنظيم كأس العالم لكرة القدم 2030
نحن أمام ثلاث محطات حاسمة و مفصلية في تاريخ المغرب المعاصر : التعديل الحكومي لسنة 2024 ، وانتخابات تشريعية ستفرز حكومة جديدة لسنة2026 ، وتنظيم كاس العالم لكرة القدم لسنة.2030،ثلاث محطات تاريخية متداخلة فيما بينها، يجب على المواطن والحكومة والبرلمان والإعلام والقطاع الخاص والمجتمع المدني تحمل المسؤولية لجعل كل هذه المحطات أعراسا ديمقراطية ورياضية تليق بصورة المملكة التي يقودها ملك حكيم استراتيجي وعظيم يحارب على كل الواجهات لضمان موقع متقدم لمغرب الدولة - الأمة في أفق نظام دولي صعب يتشكل لا مكان فيه للدول المستباحة.
لهذا ، نعيد القول بعد الاعتراف الفرنسي بمغربية الصحراء ، وقرار الفيفا تنظيم كاس العالم لسنة 2030 بالمغرب ، يجعلنا جميعا نحن امام تحديات كبرى لا مجال فيها للخطأ ، وعلى الكل ان يستوعب قيمة وابعاد وتداعيات هذين الحدثين بكثير من الوعي والمسؤولية ، لكون هذين الحدثين الاعتراف الفرنسي بمغربية الصحراء ، وقرار الفيفا تنظيم كاس العالم لسنة 2030 بالمغرب هما اعترافين دوليين بقيمة وباهمية المغرب دوليا، لكنهما - ايضا- مؤشران عميقين لمغرب جديد يتشكل بحكومة وبمؤسسات وبموارد بشرية جديدة مواطنة ووطنية تكون في مستوى قيمة ورمزية الاعتراف الفرنسي بمغربية الصحراء ، وقرار الفيفا تنظيم كاس العالم لسنة 2030 بالمغرب.