سميرة سعيد، واحدة من أهم الأسماء التي بصمت الساحة الغنائية العربية بأعمال لازالت عالقة في أذهان الجمهور المغربي والعربي عامة، ألقابها متعددة عكسها تماما، فهي منفردة لم يجد الزمن بمثلها
غنت وأطربت، مثلت وأقنعت سواء في التلفزيون أو من خلال أغانيها المصورة التي حققت نجاحا واسعا على المستوى العربي، كان التجدد عنوانها والتألق رفيقها طيلة سنوات نشاطها، وفي ذكرى ميلادها 66، نستحضر أولى خطواتها الفنية من برنامج “مواهب” الى الغناء أمام الملك الراحل الحسن الثاني وعمرها لم يتجاوز الثالثة عشرة، الى أول أغانيها الخاصة ثم رحلتها نحو المجد والشهرة.
ولدت سميرة سعيد في العاشر من يناير سنة 1958 بعاصمة المملكة المغربية الرباط، ولجت الميدان الفني وهي لم تكمل ربيعها العاشر من خلال مشاركتها في برنامج لاكتشاف المواهب في المغرب للراحل عبد النبي الجيراري، هنا انطلقت المسيرة الفنية لسميرة بنسعيد عندما لفتت الأنظار وأثارت انتباه كل من سمعها وهي تغني لأم كلثوم بطاقات صوتية رهيبة راهن على سطوعها في سماء الفن العربي كل من سمعها.
أول أغانيها الخاصة كانت بعنوان “إلهي” التي أهداها لها الراحل عبد النبي الجيراري بعد مشاركتها في برنامج “مواهب” ، وبعدها أغنت سميرة سعيد ريبيرتوارها الفني بمجموعة من القطع الفنية التي تعاملت فيها مع أهم الكتاب والملحنين آنذاك من بينهم الراحل عبد السلام عامر.
أولى خطوات سميرة سعيد كانت في الغناء لكنها لم تكتفي به وحده كموهبة، بل شاركت أيضا في مسلسل تلفزيوني صورت أحداثه في استوديوهات عين الشق بمدينة الدار البيضاء، وهو عمل كان من توقيع الكاتب السوري نزار مؤيد العظم، بالاضافة الى مجموعة من الأغاني التي قدمتها في مسلسل “مجالس الفن والأدب” الذي عرض سنة 1969، على غرار “قل للمليحة” و“شكونا إلى أحبابنا” و“قيس وليلى “.
دخلت سميرة سعيد القصر الملكي في سن 13 سنة، وهي الفترة التي تعتبرها الأهم في حياتها الفنية حيث أنه ومن المرة الأولى التي غنت أمام الملك الراحل الحسن الثاني قرر احتضانها فنيا وعبرت سميرة سعيد مرارا وتكرارا عن افتخارها وسعادتها باهتمام الراحل الحسن الثاني لها وعن تقديمها لما يزيد عن 35 أغنية وطنية في مناسبات متعددة، دخولها للقصر الملكي لم يكن لمرة أو مرتين، بل حضرت لمناسبات عديدة أقيمت بداخل أسواره وبحضور أشهر الفنانين العرب من بينهم عبد الحليم حافظ،
في السادس عشر من يناير سنة 1971 أصدرت سميرة سعيد أغنية حملت عنوان «لقاء» وهي من كلمات الراحل محمد كواش وألحان عبد الله عصامي، كانت هذه الأغنية هي مفتاح شهرتها خارج وطنها الأم ومكنتها من اكتساب شهرة في دول المغرب العربي مثل تونس والجزائر حيث تلقت بعدها دعوات للمشاركة في احياء حفلات غنائية داخلها
نجحت سميرة سعيد في تقديم الأغنية المغربية العصرية وتعاملت مع كبار الفنانين المغاربة على مستوى اللحن والكلمات كعبد القادر الراشدي وعبد العاطي آمنا، وأصدرت أعمال حظيت بشهرة واسعة داخل وطنها المغرب منها “كيفاش تلاقينا” و“لحن الذكريات” مع عبد الله عصامي،و“مغلوبة” و“يا قلبي ارتاح” مع حسن القدميري، كما قدمت أعمالا أخرى على غرار “فايت لي شفتك” و“أنا والمحال” و“آش بيني وبينو“، لكن ارتفاع سقف طموحها لم يقبل بشهرة محلية الشيء الذي دفعها للسفر نحو القاهرة رفقة والديها 1977،
سافرت سميرة سعيد إلى مصر في سنة 1977 وقدمت وقتها الاسطوانة المصرية الأولى في مسيرتها الفنية والتي تضمنت أغنيتين وهما «الحب اللي أنا عايشاه» و«الدنيا كدة» وبعد أن برهنت على علو كعبها وموهبتها الفريدة والمختلفة، تلقت دعوات للمشاركة في حفلات غنائية على مستوى الوطن العربي وأثناء زيارتها إلى الإمارات العربية المتحدة التقت هناك مجموعة من الفنانين مثل جابر جاسم وعبادي الجوهر وطلال مداح والذين قدموا لها أعمال ليتم طرحها في ألبومها الخليجي الأول بعنوان «بلا عتاب».
تعتبر سميرة سعيد هي أول مطربة عربية قدمت وصلة غنائية في العيد الوطني لدولة الإمارات سنة 1978،بعد زيارتها لأبو ظبي، ومشاركتها في برنامج “جديد في جديد” الذي كان يشرف عليه آنذاك الملحن المصري بليغ حمدي.
تزوجت سميرة سعيد مرتين: أولها كانت مع الموسيقار المصري هاني مهنى، وثانيها مع الدبلوماسي المغربي مصطفى النابلسي والذي أنجبت منه ابنها الوحيد شادي.
تصدرت الفنانة المغربية سميرة سعيد قائمة أنجح الفنانات في الوطن العربي، فبالاضافة الى موهبتها الفنية الكبيرة كان لحرصها الشديد على التجديد والاختلاف دورها مهما لما حققته من نجاحات متعددة مكنتها من أن تكون نجمة بكل المقايس وبكل ما تحمله النجومية من معاني.
أنتجت سميرة سعيد ما يزيد عن 46 ألبوم غنائي و500 أغنية وحصلت على عشرات الجوائز العالمية، ووشحها الملك محمد السادس بوسام ملكي من درجة قائد خلال احتفالات عيد العرش 2009، واعتلت أشهر المسارح وأحيت حفلات ضمن أكبر المهرجانات العربية في المغرب ومصر والأردن وقطر وتونس وعمان والامارات وسوريا وليبا بالاضافة إلى جولاتها الأوروبية.
أبدعت سميرة سعيد ولازالت تبدع الى اليوم 10/01/2024 وهو اليوم الذي تحتفل به بعيد ميلادها 66، بصمت اسمها من ذهب في ساحة مليئة بالأصوات الجميلة والمنافسة على لقب لم يمنحه جمهور سميرة سعيد لغيرها لقب “الديفا“