تأجيل التعديل إلى أبريل..الترويج لتسريبات في محاولة لاحتواء أزمات داخلية وترضيات حزبية بحقائب موعودة
لم تجد قيادات أحزاب مشاركة في الحكومية، وأخرى في المعارضة، وحتى تلك التي تصنف وضعها ضمن المساندة النقدية، حرجا في الركوب على تسريبات تعديل حكومي وشيك، من أجل تحريك سياسة العصا والجزرة في ترويض الغاضبين ونزع فتيل مناورات المهددين بالتمرد.
وشرعت هيآت أركان الأحزاب المذكورة في إرسال إشارات لإرضاء أقطاب غاضبة والتخلص من منافسين محتملين وتجنب عودة مرشحين سابقين للقيادة، إذ ذهب البعض حد إعطاء وعود شفوية لأتباعهم بأنهم سيعوضون وزراء مغادرين، في محاولة لاحتواء أزمات داخلية وضعت تشكيلاتهم في وضعية «بلوكاج».
وفي الوقت الذي تتحدث فيه مصادر «الصباح» عن تأجيل موعد التعديل إلى أبريل المقبل، مازال هناك من يروج لقرب الإفراج عن النسخة الثانية من حكومة أخنوش، بل هناك من صرح لأعضاء حزبه بأن تاريخها تحدد في مستهل أكتوبر المقبل، هي خطة يدعمها برلمانيون وبرلمانيات يطمحون للاستوزار، فيما تجد معارضة شديدة من أطر حزبية شابة من جيل الوجوه الجيدة تحذر من مغبة، أن يشكل ذلك ارتدادا على شعار حكومة الكفاءات، القادرة على التدبير، في ظل أزمة تتجه نحو التفاقم.
ويعلل المدافعون عن تأجيل التعديل بإكراهات دخول اجتماعي حارق، بالنظر إلى أن الحكومة مطالبة بنزع فتيل صدام الفرقاء الاجتماعي، على اعتبار أنها تدشن مواجهة مع المركزيات النقابية وأرباب المقاولات على إيقاع تنزيل ما تبقى من مخرجات الحوار الاجتماعي، وخاصة الزيادة في الحد الأدنى للأجور، وقانون الإضراب، ومدونة الشغل.
وتسارع الحكومة الزمن، من أجل ضخ دماء جديدة في مسار الحوار الاجتماعي، وهو ما بدا جليا في مضامين المذكرة التوجيهية المتعلقة بمشروع قانون المالية، برسم السنة المالية 2024، والتي أعلنت فيها مواصلة الحوار مع مختلف الشركاء الاجتماعيين والاقتصاديين، وفقا لمضامين الميثاق الوطني لمأسسة الحوار الاجتماعي، خاصة في الشق المتعلق بتحسين مداخيل أجراء مجموعة من القطاعات، والذي ينتظر أن تكلف الميزانية العامة للدولة نفقات إضافية تقدر بـ 4 ملايير درهم في 2023، ما من شأنه أن يرفع مجموع الاعتمادات المخصصة لتنزيل التزامات الحوار الاجتماعي ،إلى حوالي 10 ملايير درهم خلال السنة الجارية.
ورغم جهود الحكومة، تعتبر بعض النقابات أن العرض لا يستجيب لتطلعات الشغيلة، خاصة في ظل ارتفاع الأسعار، ما أثر بشكل ملموس على قدرتها الشرائية، مسجلة أن الاجراءات المعلن عنها غير كافية، قياسا إلى نسب الغلاء الذي أسهم في تدهور القدرة الشرائية لعموم الأجراء والموظفين والعمال، وتراجع الأوضاع المعيشية لفئات عريضة من المواطنين .
ومن جهته، يؤكد الاتحاد العام لمقاولات المغرب على أهمية الاتفاق الثلاثي، الذي وقعه مع الحكومة والنقابات، لكن باحترام الجدول الزمني المتفق عليه مسبقا، مع تحديد المواعيد النهائية بغية ضمان امتثال الشركاء الاجتماعيين للالتزامات المنوطة بكل واحد منهم، بما في ذلك الزيادتان في الحد الأدنى للأجور وإصدار قانون متعلق بالإضراب وتعديل مدونة الشغل، التي مضى عليها أكثر من 20 سنة.