يستمر مسلسل الاحتجاجات بفرنسا، حيث تم اعتقال أكثر من 3300 شخصا في فرنسا، منذ يوم الثلاثاء الماضي، لصلتهم بالعنف الحضري الذي هز البلاد على إثر مقتل الشاب نائل (17 سنة) برصاص شرطي أثناء عملية تفتيش مروري في نانتير، وذلك وفقا لإحصاءات أوردتها وسائل الإعلام، هذا المشهد العنصري الذي نشهده مدينة الانوار في عهد الرئيس ماكرون قرأه محللون كالاتي:
ادريس لكريني: أحداث العنف في فرنسا تكشف عن تناقض كبير بين الخطاب وسلوك الفرنسيين
في هذا الإطار، أكد أستاذ العلاقات الدولية ادريس لكريني، أن الأزمة التي تعيشها فرنسا اليوم “تعبير عن إشكالية اندماج المهاجرين داخل المجتمع الفرنسي، وهي نتيجة لخطابات الكراهية والتطرف التي تصاعدت بشكل قوي في السنين الأخيرة ليس فقط في فرنسا ولكن في المجتمع الأوروبي بشكل عام”.
وأشار لكريني في تصريح صحفي، أن هذه الأحداث تكشف “تناقض كبير بين الخطاب والسلوك الفرنسيين فيما يتعلق بحقوق الإنسان”، موضحا : “دأبت فرنسا على إعطاء الدروس للكثير من الدول في إفريقيا وآسيا، في حين أننا نجد اليوم أنها تتعامل بنوع من العنصرية والتعسف مع المهاجرين”.
وأكد لكريني أن “الوضع سيعرف نوعا من التصعيد لأنه نتاج تراكم مجموعة من الأحداث التي يبدو أن السلطات الفرنسية لم تتعامل معها بقدر من الجدية والشمولية”.
مشيرا إلى أن “تعاطي السلطات مع الأحداث يرتكز على مقاربة أمنية، في حين أن المقاربة المطلوبة في هذه الحالة هي تجاوز الخطابات التصعيدية المتطرفة التي لا يمكن إلا تخلق مزيدا من التوتر”.
وشدد لكريني على أن المهاجرين “هم جزء من المجتمع الأوروبي، ويجب التعامل معهم بقدر من الاحترام والمسؤولية، دون إقصاء أو تمييز”.
وكشفت وزارة الداخلية الفرنسي، عن إحراق أكثر من 5000 سيارة وإضرام النار في 10 آلاف حاويات قمامة وتخريب أو حرق نحو ألف مبنى أو نهبها، و250 هجوما على مراكز الشرطة أو الدرك وإصابة أكثر من 700 عنصرا من الشرطة.
محمد شقير:النسيج الفرنسي اليوم أصبح فاقد الثقة في المؤسسات جراء حالة الإقصاء
محمد شقير ، الباحث والمحلل السياسي ، اعتبر في تصريح صحفي، ان ما يقع بمجموعة من المدن الفرنسية ،يشكل تحولا نوعيا في الفعل الاحتجاجي للفرنسيين من الأصول المغاربية والإفريقية، والذي يعكس بشكل عميق وفق شقير انعدام الثقة التام في النخب الفرنسية ، خصوصا مع كثرة الوعود التي تم تقديمها من أجل تخفيف الوضع والتنصل منها
وسجل شقير ، ان النسيج الفرنسي اليوم أصبح فاقد الثقة في المؤسسات ما يفسر بحسبه سلوك الهجوم على مقار البلديات والشرطة والدرك الفرنسي ، مشددا على ان طريقة قتل الشاب ناحل اعطت رمزية كبيرة للاحتجاجات العنيفة .
وشدد المتحدث في تصريحه لـ 2M.ma على ان الأمر اليوم وصل لحد القطيعة ويتطلب من فرنسا معالجة سياستها المتبعة تجاه هذه الفئات الاجتماعية وكذا البحث عن نخب من داخل الأوساط المغاربية والتي يمكن ان تسهم في المصالحة مع المؤسسات .
ويرى شقير الى ان درجة انتشار الاحتجاجات تبرز ان المسألة ليست مرتبطة باحتجاجات مناطقية وانما على جو سائد يحتاج الى تغييرات جذرية و تصالح فرنسا مع الشرائح الإجتماعية السلفى .
وخلص محمد شقير الباحث والمحلل السياسي ، إلى أن التفكك الحاصل اليوم في البنية الإجتماعية الفرنسية يعود إلى حالة عدم الاندماج شرائح مجتمعية هي في الأصل فرنسية ويعكس شرخ بين الدولة والمجتمع الذي يرى جزء منه ان يتعرض لممارسات عنصرية وإقصاء ضمن مختلف فعاليات وأركانه.
محمد الغالي: الأحداث الأخيرة بفرنسا هي محصلة لخطاب ووممارسات الكراهية ضد الجاليات العربية والافريقية
قال محمد الغالي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض بمراكش، إن الأحداث الأخيرة التي تعرفها فرنسا، وخاصة بالعاصمة باريس وضواحيها ومجموعة من المدن الأخرى، عقب مقتل مراهق من أصول جزائرية على يد الشرطة، هي محصلة لخطاب ووممارسات الكراهية التي يتم تداولها داخل الأوساط السياسية الفرنسية، وخاصة خلال الحملات الانتخابية وتدخلات مجموعة من المسؤولين الفرنسيين، بالإضافة إلى النظرة الدونية للأجانب، خاصة العرب والأفارقة المقيمين في فرنسا.
وأضاف الغالي في تصريح لموقع القناة الثانية أن هذه الجاليات المنحدرة خاصة من دول شمال افريقيا وافريقيا جنوب الصحراء تعاني منذ فترة طويلة من خطاب الكراهية والعنف الذي يتم تداوله من طرف الطبقة السياسية الفرنسية، مشيرا إلى أن الأحداث الأخيرة التي تعرفها فرنسا ما هو إلى نتيجة لتراكم هذا العنف الممارس على هذه الجاليات العربية والافريقية.
وأبرز أن هذه الأحداث هي أيضا انعكاس لأزمة حقوق الانسان التي تعيشها فرنسا رغم تظاهرها بكونها تحمي وترعى وتدافع عن حقوق الانسان كما هو متعارف عليها في المرجعيات الدولية، حيث أن واقع الممارسة يعكس غير ذلك، مشيرا إلى أن هذه الأحداث هي بالتالي نتيجة طبيعية للخطاب الذي يروج خاصة من الطبقة السياسية الفرنسية متمثلا بالأساس في اليمين الراديكالي، ولكن أيضا من توجهات سياسية أخرى، حيث أن الرئيس إيمانويل ماكرون نفسه انزلق غير ما مرة وتضمنت خطاباته إشارات العنف والكراهية تجاه هذه الجاليات العربية والافريقية.
وشدد ذات المتحدث على أن هذه الأحداث هي مؤشر على أن الدولة الفرنسية ستعرف في المستقبل صعوبات كبيرة إذا لم تقم بمراجعة خطابها وممارساتها وسلوكياتها فيما يتعلق بتحقيق العدالة للجميع على اعتبار أن هؤلاء العرب والأفارقة ساهموا بشكل كبير في نهضة وحضارة فرنسا، وبالتالي فإن الاعتراف يجب أن يكون قائما ويعكس المجهودات التي قام بها هؤلاء والإيجابي الذي قدموه لفرنسا، وليس فقط أخذ بعض الأحداث المعزولة والممارسات والسلوكيات من هاته الجاليات والقياس عليها لتوجيه خطاب العنف والكراهية تجاه الجميع.
عمر الشرقاوي: مايقع في فرنسا رسالة الى اولئك المتاجرين بالاستقرار المغربي
وقال عمر الشرقاوي استاذ ومحلل سياسي، منذ لويس نابليون أول رئيس في تاريخ فرنسا، وهو الذي تم انتخابه في سنة 1848، في ظل الجمهورية الفرنسية الثانية، لم يسبق لفرنسا أن نزلت لهذا المستوى "المبهدل" ديبلوماسيا وحقوقيا واجتماعيا، كما وصلت إليه في عهد الرئيس ماكرون الذي دفعه غروره وسوء تقديره لحضور حفل غنائي للفنان ايلتون جون بينما بلده توجد فوق صفيح ساخن بسبب قتل الشرطة لقاصر بشكل بربري.
وتابع الشرقاوي، الرئيس ماكرون زرع بالأمس الريح و ها هو اليوم يحصد العاصفة،
واكد ذات المتحدث:"انها رسالة الى اولئك الذين يهاجمون المؤسسات الأمنية الوطنية من فرنسا، ألم تسمعوا بما يقع في جمهورية الأنوار ؟ ، أم هو الحقد والاتجار في الاستقرار؟
صبري لحو: هزيمة وتراجع فرنسا خارجيا وسيطرة اليمين على الحكم يهدد السلم الاجتماعي والجمهورية الخامسة
وقال صبري لحو، محامي بمكناس / خبير في القانون الدولي، الهجرة ونزاع الصحراء،":إن الاحداث التي تعيشها فرنسا حاليا هي نتاج لتراكمات من السياسات العمومية الفاشلة في مجالات الشغل والتعليم والهجرة والسكن وتراجع مستوى الرفاهية العامة مقارنة بدول الجوار مثل المانيا وايطاليا اوحتى اسبانيا. سيما وان الفرنسيين نبهون في اجراء المقارنات بين ما كان عليه الوضع في فرنسا من أفضلية على دول الجوار وما اصبح عليه من تقهقر وتقدم في مستوى جودة الخدمات عند نفس الدول موضوع المقارنة."
وتابع المتحدث نفسه:"توجد فرنسا اليوم تحت حكم اليمين والليبرالية المالية المتوحشة التي تهتم لمصالحها الضيفة ولنسب الفائدة والعودة السريعة الى الاستثمار ولهوامش الربح.الكبيرة على حساب التوازنات الاجتماعية والرفاهية العامة.
وهي الأحزاب التي سمحت للبرجوازية الفرنسية وللرأسمال الفرنسي تحت ضغط المنافسة وقوانين العولمة بترحيل العديد من الشركات وخوصصة كثير من الخدمات مما نحم عنه مشاكل اجتماعية، تجلى في ارتفاع معدلات البطالة وتوسيع دائرة الفئات التي تعيش الفقر والهشاشة، والتي أصبحت تعتمد على المساعدات الاجتماعية."
واكد الحو :"من تم فالفشل المعلن والذريع في السياسات العمومية، والذي يتم التعبير عنه حاليا بطرق عنيفة وغير مدنية هوانحصار لسياسات اليمين الليبرالي المتطرف الذي يهمه الربح السريع ودورة الرأسمال القصيرة وغياب استثمارات استراتيجية طويلة الامد، وهوفي حقيقته فشل في اختيارات الناخبين في فرنسا من جهة.وقد تكون فرنسا أيضا ضحية التبعية لقوانين الاتحاد الاوربي التي أهملت وتهمل الجانب الاجتماعي، والتي وقعت بدورها تحت قبضة الأبناك وبيروقراطية الموظفين الأوروبيين والشركات عبر الوطنية والاستثمارات الخارجية التي لا تؤمن سوى بمنطق الربح."
وهوالاتهام والشعارات الذي رفعته حركات احتلال الملك والشارع العام خلال الأزمة الاقتصادية لسنوات ما بعد 2008, ومن بعدها الأقمصة الصفراء”جيلي جون “، حيث ان فرنسا انتقلت من الدولة الاجتماعية الى فرنسا الليبرالية المحضة، التي اهملت وتخلت عن الاهتمام والعناية الاجتماعية التي ميزتها لعقود.ومن تم فان محاولة ربط ما تتخبط فيه فرنسا حاليا بالمهاجر هومجرد شماعة تلقى عليها كل الشرور والآثام، مثلما الدين الاسلامي بريء منها.
واسترسل هكذا فالخطاب العنصري لليمين المتطرف يشكل خطرا على السلم الاجتماعي الأوروبي لأنه لا يراعي ولا يتكيف مع متغيرات ديمغرافية إجتماعية وحقوقية، وهوغير قادر على مواكبة تحولات وتطور العصر الذي يحتاج عقليات وذهنيات يقظة تراعي حقوق الشركاء في الخارج وسياسات وقيادات وطنية ومتحررة من تحملات وثقل خدمة فئات ضيقة على حساب القاعدة الواسعة للمجتمع الأوروبية.
سياسات سبقت ادركتها الصين وروسيا فاستعجلت الأخذ والعمل بها، وطبقتها وتحقق عبرها عائدات سياسية واقتصادية وثقافية سريعة تنعكس على مجتمعاته وعلى وجه وسمعتها في العالم في مقابل انكماش وتراجع نفوذ وسمعة فرنسا. والقادم أخطر!
عتيق السعيد: أحداث فرنسا تعبير عن التراجع المستمر لمبادئ الديمقراطية وحقوق الانسان خلال "ولاية ماكرون"
قال المحلل السياسي، السعيد عتيق، إن المتتبع للاحداث الأخيرة في فرنسا وما يقع من استمرار عنف السلطات الفرنسيه ضد الأقلية الافريقية والعربية، يعبر بشكل مباشر عن حالة من التراجع المستمر لمبادئ الديمقراطية وحقوق الانسان الذي أصبح عنوان مرحلة "ولاية ماكرون"، لاسيما في ترابطها بتفعيل حقوق الانسان والحريات التفعيل السليم المتعارف عليه دوليا.
وأضاف أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض بمراكش في تصريح صحفي أن هذا التراجع الملحوظ قد انعكس بشكل كبير في سياسات الهجرة واللجوء أكثر من أي وقت مضى، وأيضا في التعامل الذي أصبح ينهج مع الاقليات الافريقية والعربية، و ما تعيشه من ظروف معيشية غير إنسانية وغير صحية لهاته الفئة من المهاجرين، بالإضافة الى عدم المساواة والعدل وإشكالات عديدة تعاني منها.
وشدد على أن الوضع الحالي بات يستلزم من السلطات الفرنسية إعادة التفكير في إشكالية تنزيل تشريعاتها خصوصًا المتعلقة بحظر التمييز العرقي او الإثني، ومراجعة قوانينها الخاصة بالهجرة واللجوء، بالاضافة الى ضرورة إعادة تدريب سلطاتها بشكل شامل حول مبادئ حقوق الانسان، من أجل أن يعكس هذا التعامل طموح الدولة وأن يساير هذا التوجه ما تحاول أن تترتقي إليه من مكانة بارزة في الساحة العربية والافريقية.
لحسن اقرطيط:ما يحدث في فرنسا مأساة تاريخية عنوانه العريض العنصرية والكراهية
أكد أستاذ العلاقات الدولية لحسن اقرطيط أن أحداث العنف الأخيرة التي تشهدها فرنسا بعد مقتل مراهق من أصول جزائرية على يد شرطي "هي مأساة تاريخية، ونقيض كل الأفكار التي غرسها كبار الفرنسيين، من فلاسفة ومؤرخين ومفكرين، عنوانها العريض العنصرية والكراهية".
وأوضح اقرطيط في تصريح صحفي أنه بالرجوع إلى التاريخ الفرنسي، نجد أن هذا الأخير "طبعته ثورات، انتفاضات، وحركات احتجاجية كثيرة منذ الثورة الفرنسية 1789, مرورا بثورة 1884, ثم ما سمي بكمونة باريس أو الثورة الفرنسية الرابعة سنة 1871, وصولا إلى الجمهورية الخامسة 1948, ثم أحداث ماي 1968, ثم إسقاط حكومة الان جوبيه 1995، وأحداث 2005".
وأضاف اقرطيط: "لكن كل هذه المحطات التاريخية كانت نقط تحول تطورت من خلالها الدولة الفرنسية وتقوى من خلالها النظام السياسي الفرنسي" مشيرا إلى أن ما يقع اليوم "هو مأساة تاريخية، على اعتبار أن ما يحدث هو نقيض كل الأفكار التي غرسها كبار الفرنسيين، من فلاسفة ومؤرخين وأدباء، وعنوانها العريض العنصرية والكراهية".
وأشار اقرطيط إلى أن هذه الأحداث دليل "على إفلاس النخبة السياسية الفرنسية، وهي نتيجة للخطاب اليميني المتطرف الذي يتغدى على الكراهية، العنصرية، والاثنية".
وحذر اقرطيط من تداعيات هذه الأحداث، خاصة في ظل الظروف الحالية التي تعيشها فرنسا، موضحا: "البلد يعيش أزمة اقتصادية خانقة، بالإضافة إلى افول الدور الفرنسي على المستوى العالمي، كلها عناصر ستزيد الطين بلة، وستأزم الوضع".
وبخصوص السيناريوهات المحتملة، أشار اقرطيط إلى أن انتشار قوات الأمن في كل أنحاء البلاد "يعكس أن فرنسا تواجه تحديا أمنيا خطيرا، وقد تتخذ إجراءات أكثر تشددا أمام استمرار اتساع رقعة الاحتجاجات".
وأشار اقرطيط إلى إمكانية أن تلجأ فرنسا إلى فرض "حالة طوارئ جزئية أو كاملة"، مضيفا"كل السيناريوهات مطروحة، وما سيحددها هو مسار الاحتجاجات، إنقاذ فرنسا اليوم يتطلب تضحيات كبيرة سواء من طرف الحكومة أو الرئاسة" وإعادة النظر في سياستها تجاه المهاجرين.
عبد الصمد بنشريف: ما يحدث في فرنسا نتيجة انبثاق ظاهرة ماكرون الهلامية المركبة من مكونات سياسية وإيديلوجية هجينة
وقال عبد الصمد بنشريف اعلامي وكاتب مغربي :"إلى جانب انتفاضة الضواحي وما كشفت عنه من اختلالات بنيوية في النسيج الاجتماعي والوطني . تعيش فرنسا حالة من الركود السياسي والجمود في الإصلاحات الكبرى لبنيات الدولة. وليس صدفة احتلالها رتبا متأخرة في تصنيف الشعوب الأكثر سعادة في العالم بعيدة بمسافة كبيرة عن النرويج وسويسرا وفلندا والسويد والدانمارك، بل تكشف استطلاعات الرأي أن نسباعالية من الفرنسيين مصابون بتشاؤم حاد.وشرائح واسعة منهم تعتبر الرئيس ماكرون لايخدمهم خاصة المتقاعدين ونشطاء اليسار و الطبقة العاملة و الذين يتقاضون أجورا ضعيفة ."
وتابع بنشريف، وظل المتغير الوحيد الذي يطبع المشهد السياسي في فرنسا هو تداول السلطة بين اليمين واليسار.قبل انبثاق ظاهرة ماكرون الهلامية المركبة من مكونات سياسية وإيديلوجية هجينة جوهره تكنوقراطي بامتياز. دون الانخراط في أعمال تاريخية تؤمن هامشا مريحا لاشتغال هياكل ومؤسسات الدولة بدون خوف على اختلال وظائفها وتعرض التماسك الاجتماعي للتفكك، وهذا ما حذر منه وزير الخارجية الفرنسي السابق “اوبر فدرين” منذ سنوات عندما أشار، بالتزامن مع احتدام حملة الرئاسيات عام 2017 ، إلى أن فرنسا لن تستعيد تماسكها الاجتماعي والذهني إلا من خلال إصلاحات أساسية، ولن تتأتى هذه الإصلاحات المهيكلة عبر أنظمة المساعدات والديون، بل عبر الشغل والاستحقاق والتربية التي تحتاج بدورها إلى تحول عميق وجوهري.
وقد يؤدي التأخر في إطلاق جيل جديد من الإصلاحات الكبرى، على غرار ما حدث مع تأسيس الجمهورية الخامسة في 1958، إلى انقلاب جذري في المعادلات السياسية؛ لأن أجواء الإحباط واللامبالاة والسخط الواسع الذي بات يخترق ملايين الفرنسيين وفر الشروط الموضوعية لتشكل وازدهار وانتشار خطاب شعبوي تكنوقراطي وآخر يميني شعبوي متطرف ومنغلق وانعزالي."
واكد ذات المتحدث:"ماوصلت إليه فرنسا في عهد ماكرون من ضعف وتصدع وإذلال وتراجع في عدد من مناطق النفوذ التقليدية .يعكس تخبط قصر الاليزي ويظهر أن المسيو مانويل ماكرون يفتقد الى الرؤيا السياسية العميقة و إلى كاريزما رجل الدولة الوازن والرصين و ينقصه الخيال السياسي. و تعوزه البصيرة البعيدة والحكمة .حيث تناسلت الأزمات داخليا وخارجيا بشكل مثير للقلق. وخير دليل على ذلك الأزمة الدبلوماسية التي نشبت بين الرباط وباريس .ورجحت مصادر ومراجع مطلعة أن ماكرون هو من حرض على ذلك. ونكاية في المغرب، وضع كل بيضه الدبلوماسي في سلة الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون . وسجل مواقف غير ناضجة وخطا خطوات غير محسوبة النتائج ،لتدمير علاقات استراتجية ومتميزة جمعت تاريخيا بين المغرب وفرنسا .بل يمكن القول أن ماكرون حرض أيضا الدولة العميقة في بلده لتساير أهواءه ضد المغرب .لكن ليس هناك مايثبت أن الأمر حسم لصالحه."