أعلنت الجمعية المغربية لحماية المال العام عن تنظيم وقفة احتجاجية يوم السبت 15 يوليوز 2023 أمام البرلمان تحث شعار “ربط المسؤولية بالمحاسبة، مكافحة الفساد ونهب المال العام تقتضي إرادة سياسية حقيقية”، داعية جميع الأحزاب السياسية والمنظمات النقابية والحقوقية والجمعوية المناهضة للفساد والرشوة ونهب المال العام وكافة المواطنين إلى المشاركة المكثفة في هذه الوقفة.
وسجلت الجمعية في بيان لها تنصل الحكومة من الالتزامات الدولية والوطنية للمغرب بخصوص مكافحة الفساد والرشوة، وعدم توفرها على إرادة حقيقية لمواجهة هذه الآفة الخطيرة على كافة المستويات، فضلا عن عجز البرلمان عن سن قوانين قادرة على الوقاية من الفساد، لكونه برلمانا ضعيفا أمام الحكومة، ولا يستطيع أن يلعب دوره كاملا في الرقابة والدفاع عن مصالح وحقوق المجتمع في التنمية والعدالة وتخليق الحياة العامة.
ومقابل فشلها في مكافحة الفساد، أشار “حماة المال العام” إلى أن الحكومة تسعى لحماية كل أشكال الريع وتضارب المصالح، وهو ما تعززه مجموعة من المؤشرات والمعطيات الثابتة والمتمثلة في السعي للالتفاف على تجريم الإثــــراء غيـــر المشروع، وعدم مراجـــــعة قانون التــــصريح بالممتــلكات، وتجميد الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، وتغييب القوانين ذات الصلة بتخليق الحيـــاة العامة، واعتماد منطق الولاء الحزبي والزبونية في الاقتراحات المتعلقة بالتعيين في بعض المسؤوليات والمناصب.
وطالبت الجمعية بتسريع الأبحاث القضائية والتحقيقات والمحاكمات في ملفات الفساد والرشوة ونهب المال العام، وضمنها 18 ملفا الذي أحاله المجلس الأعلى للحسابات على رئاسة النيابة العامة.
وشددت على ضرورة سن منظومة قانونية منسجمة ومتكاملة للوقاية من الفساد والريع والرشوة وتجفيف منابعه، بما في ذلك إصدار قانون يمنع كل شخص تحوم حوله شبهات فساد بمقتضى تقارير رسمية او متابعة قضائية من تولي أية مسؤولية عمومية، ووضع حد لسياسة الإفلات من العقاب وربط المسؤولية بالمحاسبة، مستنكرة سعي التوجه المحافظ والمستفيد من واقع الفساد والريع إلى التضييق على المجتمع المدني الجاد لتنيه عن القيام بأدواره في مكافحة الفساد والرشوة.
وحذر ذات المصدر من خطورة تحول الفساد والغش إلى بنية وظاهرة اجتماعية، وطالب بوضع مناهج تربوية وتعليمية ترسخ قيم النزاهة والاستحقاق والمساواة وتحمل الإعلام وخاصة العمومي منه لمسؤوليته في التوعية والتحسيس بخطورة الفساد والرشوة عبر برامج هادفة تتسم بالديمومة والاستمرارية مع تعزيز وتقوية أدوار ومهام مؤسسات الحكامة وتفعيل تقاريرها الرسمية.
كما دعا الأحزاب السياسية والمنظمات النقابية التي حصلت على الدعم العمومي إلى إرجاع الأموال التي لا تزال في ذمتها لخزينة الدولة، وأن تلعب دورها كاملا في مكافحة الفساد وهدر المال العام، وأن تتحمل مسؤوليتها في الدفاع عن قضايا المجتمع وتعزيز قيم المواطنة والديمقراطية والتصدي لكافة مظاهر الريع في الحياة العامة، واتخاذ إجراءات تأديبية في حق أعضائها الذين تحوم حولهم شبهات فساد عوض تزكيتهم والدفاع عنهم.
وفي ذات الصدد، طالب البيان النيابة العامة بتحريك المتابعات القضائية ضد مسؤولي بعض الأحزاب السياسية والمنظمات النقابية الذين استولوا على الدعم العمومي وتلاعبوا في المستندات المثبتة لأوجه صرف هذا الدعم.
وطالب “حماة المال العام” بإعادة النظر في معايير تولي المسؤولية القضائية، وذلك باعتماد الكفاءة والنزاهة في إسناد تلك المسؤوليات وتحسين الأوضاع المادية والاجتماعية للقضاة وموظفي كتابة الضبط وتوفير كل الشروط الضرورية لتحقيق النجاعة القضائية والعدالة.
كما طالبوا بتحريك المتابعات القضائية ضد المفسدين ولصوص المال العام مهما كانت مراكزهم ووظائفهم واتخاذ إجراءات حازمة ضدهم، وفي مقدمتها عقل ممتلكات المتورطين في جرائم الفساد ونهب المال العام في أفق مصادرتها وإصدار أحكام رادعة ضدهم.
وسجلت الجمعية بإيجاب تفكيك شبكة السمسرة في الملفات القضائية بالدار البيضاء، معبرة عن أملها في أن تشكل هذه الخطوة مقدمة لتفكيك شبكات أخرى بباقي المدن، ومعاقبة المتورطين في هذه الأفعال الخطيرة، ذلك أن الرشوة والفساد بمنظومة العدالة أصبحا يهددان الأمن القانوني والقضائي، واتخذا أشكالا متطورة تقتضي التدخل الحازم للتصدي للممارسات المشينة والمضرة بصورة ومصداقية السلطة القضائية.