خبير مغربي:الأزمة في أوكرانيا ليست سوى الجزء الظاهر من جبل الجليد

اعتبر الخبير في الجيوستراتيجيا والأمن، الشرقاوي الروداني، أن العالم يشهد تصادم الاستراتيجيات المختلفة، لا تشكل فيها أزمة أوكرانيا سوى الجزء الظاهر من جبل الجليد.

واستعرض الروداني، في مقال نشره بمجلة “ماروك ديبلوماتيك”، ملامح أزمة غير مسبوقة، مبرزا أن “الحرب الروسية الأوكرانية تكشف اليوم عن واقع جيوسياسي مفاده أن المعركة من أجل الهيمنة العالمية لم تنته بعد”.

وأوضح أن “الأطراف المنخرطة في النزاع استوعبت جيدا دروس النظرية الجيوسياسية لماكيندر، الذي قدم في كتابه “الم ثل الديمقراطية والواقع”، نظرية جيو استراتيجية عالمية، من خلال التأكيد على أن من يحكم أوروبا الشرقية يحكم قلب الأرض (هارتلاند)، ومن يحكم قلب الأرض يحكم جزيرة العالم، ومن يحكم جزيرة العالم يحكم العالم”.

واعتبر أن فضاء التكتل السوفياتي السابق يعد بالنسبة لموسكو “منطقة ذات أهمية متميزة، ومنطقة استراتيجية”.

ومع ذلك، فإن هذا الواقع يمثل نقطة ضعف أدت إلى ضمور جيوسياسي لموسكو، يضيف الكاتب، الذي أشار إلى أن بلورة هذه السياسة عبر أفعال ظهر بوضوح من خلال نموذجي: جورجيا (2008)، وشبه جزيرة القرم (2014).

وقال الروداني إنه بالنسبة للغرب، فإن “هذه المنطقة تمثل فرصة استراتيجية لأوروبا الغربية، ورهانا جيوستراتيجيا بارزا في توازن القوى في منطقة البحر الأسود وجنوب القوقاز”.

وفي هذا السياق، قدم الخبير الجيوسياسي تشخيصا لتاريخ هذه المنطقة من الفترة القيصرية إلى الحرب العالمية الثانية، وكذا نشأة الجغرافيا السياسية السلافوفيلية.

وشدد على أنه في ظل الظروف الحالية، فإنه “يمكننا أن ننظر إلى هذه الحرب على أنها مواجهة بين كيانين جيو سياسيين باستراتيجيات قسرية تنفذ من خلال رافعات متعددة الأبعاد”.

وأكد السيد الروداني أن “الهجوم الروسي ما هو إلا تجسيد لواقع يتم فيه تنفيذ مذاهب جيوسياسية”، مبرزا أن أوكرانيا تمثل “الطوق الأمني” الذي يتم من خلاله تفعيل استراتيجية “منع الوصول”.

وذكر كاتب العمود أن أوكرانيا تمثل جغرافيا جسرا حقيقيا مع روسيا، والتي تشترك معها في أكثر من 1500 كيلومتر من الحدود، التي يمر عبرها 60٪ من الغاز الروسي نحو الاتحاد الأوروبي، والتي لها مع الاتحاد الأوروبي حدود تبلغ حوالي 1300 كلم عبر كل من بولندا وسلوفاكيا والمجر ورومانيا.

ويرى الروداني، أن هذا البلد يشكل، بالنسبة لحلف شمال الأطلسي، جزءً أساسيا في تحقيق التوازن الاستراتيجي، بفضاء يمتد إلى أزيد من 60 مليون كيلومتر مربع بين المحيط الأطلسي، إلى الغرب والجنوب، والمحيط الهادي، إلى الشرق.

وأمام هذا الوضع، فإن العالم بأسره يظل منشغلا بتقييم تداعيات الأزمة الأوكرانية، التي يمكن وصفها بأنها أزمة عالمية. وقد أدى ظهور نزاعات النفوذ في خط الصدع الأوراسي إلى تأجيج المنافسة الجيوسياسية والجيو اقتصادية والجيو عسكرية بين مختلف الفاعلين الرئيسيين في النظام الدولي، بل وإلى إعادة إثارة التناقضات التي تعرفها الأنظمة الإقليمية.

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *