بعد ان ضرب فيروس كورونا بكل بقوة اغلب الأمصار متسببا في زلازل اقتصادية واجتماعية وسيكولوجية مؤثرة على المدى المتوسط والبعيد في حياة المجتمعات . وبعد ان طالت الموجات الارتدادية مجمل الانشطة الرياضية الرسمية والاحترافية الخاضعة لاشراف الاتحادات الكروية الرياضية الوطنية،،
وبعد ان قررت السلطات العمومية بالمغرب ذات الاختصاص في 14 مارس2020 تجميد كافة المنافسات الكروية التي تشرف عليها الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم ، عادت نفس السلطات اواخر يوليو 2020 الى اعطاء الضوء الاخضر لاستئناف الحياة الكروية بالمملكة ، على ضوء ظهور مؤشرات ايجابية على مستوى مكافحة جائحة كورونا .
منذ ذلك التاريخ تم السماح بدحرجة الكرة فوق البساط الأخضر من طرف اللاعبين ، لكن امام مدرجات ومنصات فارغة لاتعرف اي تفاعل بشري وجماهيري مع نسق المباريات .
ومن ثمة ، اكتفى الالاف من المشجعين لمختلف الاندية الوطنية مرغمين ، بما فيهم مجموعات الالتراس ، بمشاهدة التباري عن بعد عبر شاشات التلفاز ، بمشاعر غير اعتيادية، واحاسيس تقترب من الغربة والاغتراب ، بعيدا عن دفء وحشود الملاعب ، واصداء الهتافات وطقوس التيفوهات والرسائل ذات المضامين المتنوعة التي كانت تستعصي احيانا على القراءة المتسرعة والمتابعة الهاوية !!
واليومً بعد ان سجلت الوضعية الوبائية بالمغرب تحسنا واضحا على مستوى عدد الاصابات والوفيات في ظل تطور نوعي في مؤشرات الاقبال على التلقيح عبر الخريطة الوطنية ، بفضل الوعي المتقدم الذي عبر عنه المواطنون المغاربة ، لمً تتردد السلطات الحكومية ذات الاختصاص في إعادة قراءة المعطيات الصحية والميدانية ، و التي على أساسها بادرت الى اتخاذ القرار بتخفيف وازن للإجراءات الاحترازية وتدابير الحجر الصحي ، وذلك ضمن رؤية متبصرة ومقاييس محددة ، تستهدف الوصول الى اهداف متوازنة تسعى الى المحافظة على المكتسبات التي تم ترصيدها في الفترة الراهنة في مجال محاربة الفيروس من جهة ، وإلى خلق اجواء وشروط الانتعاش الاقتصادي و عودة المواطن للحياة الطبيعية او عودة اًلحياة الطبيعية للمواطنً ، من جهة ثانية !!!
وتماشيا مع القفزة الصحية النوعية التي حققتها بلادنا رغم الاكراهات الناجمة عن التفاوت لحاصل بين العرض والطلب والمضاربات داخل السوق العالمية المتعلق باللقاحات ، وما تخلل ذلك من سباق شرس اندلع بين دول متفاوتة من حيث القوة والامكانات المادية ، الامر الدي تمخض عنه عدم انتظام اتمام جملة من الصفقات على الصعيد الدولي ، فان الرأي العام الرياضي على الخصوص شرع على مستوى مواقع التواصل الاجتماعي ، عقب الاعلان عن التخفيف من اجراءات الحظر الصحي ، في طرح عدة آراء و نقاشات تتمحور مضامينها حول السؤال التالي :
:
الم يحن الوقت بعد لعودة الجماهير المغربية الى
الملاعب لمواكبة -الدورات العشر او التسع المتبقية من عمر المنافسة على لقب الدوري المحترف لكرة القدم بقسميه الاول والثاني؟؟
الواقع أن وضع سؤال له مثل هذه الراهنية والضخامة من طرف عدد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي و الذي تم طرحه ايضا للنقاش ضمن برنامج " Mars Attak " الذي اذيع مؤخرا وبالضبط في الفاتح من شهر يونيه 2021 , لا يثير الاستغراب باي شكل من الأشكال ، مما يقتضي الانتصار للموضوعية وإعمال التحليل الهادئ ، عبر التوقف ايضا عند بعض الاستفهامات والخلاصات التي يمكن اختزالها في النقط التالية :
• هل وصل سقف مكافحة كورونا بالمغرب اليوم الى اعلى درجاته القصوى ؟ ؟ وهل حققت السياسة الصحية المعتمدة أهدافها النهائية ؟ ؟ نطرح الاستفهام ونحن نعلم ان وباءا بهذا التحول " الذكي " في الملامح وحجم الانتشار الجغرافي واسلوب التشكل ( بريطاني - جنوب افريقي - هندي - برازيلي .....) ، يمتلك كل هذه البشاعة على مستوى الفتك التي حيرت العلماء عبر العالم ، لم يقل بعد كلمته الأخيرة ، ولم يتم إطلاق رصاصة الحسم عليه بعد في بلادنا وفي غلب البلدان ,حيث مازال المختصون ينبهون عن حق ، انه عندما يتم فتح الحدود الجوية أو عبر اليابس بين الاقطار للسماح بتنقل الاشخاص والبضائع من أجل تحريك دينامية التنمية و دفع عجلة الاقتصاد العالمي، فإن ذلك لا يعني ان احتمالات الخطورةً على الكثير من الساكنة والصحة العامة قد انتفت و لم يعد لها وجود ! .
الاكيد ان الانسانية كافة ما زالت مرتهنة المصير
لحد الان ، في ظل وجود مخاطر قائمة ومرئية factuel ، مرتبطة بطبيعة الفيروس المتحركة والماكرة ، مما يفرض رغم تلقي اللقاح بجرعتيه ، التحلي بمزيد من اليقظة الى حين اكتمال شروط المناعة الجماعية والانضباط في تمثل التدابير الوقائية التقليدية ، من قبيل التباعد الاجتماعي ووضع الكمامة والمواظبة على غسل اليدين ... ، وهو ما حرصت على ا تباعه مجموعة من الدول الاوربية من ضمنها فرنسا وانكلترا والمانيا وكذا دولة الامارات العربية المتحدة ( على سبيل المثال) التي سمحت حكوماتها بعودة محدودة ومدروسة للجماهير المضامر الرياضية وفق ( jauge) مقننة ، وبرطوكولات صارمة تفترض تعاون المواطن و انخراطه الفاعل الى ابعد الحدود .في اطار ما يسمى بالانتاج المشترك للامن الصحي !!
فعندما عممت أندية كرة القدم بتلك الدول منذ سنوات خلت ، نظام البيع الاكتروني للتذاكر on line لتفادي وجع الرأس الناتج عن المنظومة التنظيمية العتيقة وما يستتبعه من معاناة الجمهور بالشارع العام ، فان قرار طرح عدد محدود من التذاكر الالكترونية للبيع يصل مثلا الى 10000 ، لا يفتح الباب مطلقا لوجود هامش ولو صغير للتلاعب في هذا الرقم سواء بالإضافة او النقصان !!.
* نتساءل ايضا، هل بمكن للمنظمين والقوات العمومية المسخرة لتامين مباريات ذات خطورة - Risque - على صعيد القسم الاول او الثاني الاحترافيين ، خصوصا تلك التي تطرح مجموعة من الرهانات ذات الصلة بالفوز بدرع البطولة او النزول الى القسم الأدنى على سبيل المثال , هل يمكنهم الاطمئنان الى ان التوافد على الملعب لن يتعدى العدد المحدد من الجمهور المسموح به سلفا ؟؟
الاكيد ان عدد المشجعين الذين سيحاولون الاقتراب من الملعب والازقة المجاورة له سيكون بالمئات وسيتجاوز القدر المطلوب، في طل " العطش الشديد " المتراكم لديهم منذ سنة ونيف لحضور المنافسات الكروية ومساندة انديتهم ،
• لا يمكن باي حال من الاحوال ان نتجاهل معطى اساسي اخر له ارتباط بارتفاع حدة السباق الكروي في الجولات العشرا التسع الاخيرة ( ا ذا ما تقرر عودة الجماهير هذا الموسم للمدرجات ) ،والذي سيضطرهم الى االبحث "بالريق الناشف " عن التذاكر بطرق أكل عنها الدهر وشرب ، بل ان البعض لايتورع عن اللجوء الى التزوير والنسخ المطبعي أو الى السوق السوداء في أجواء يغلب عليها التزاحم والانفلاتات التي من شأنها المس بسلامة المشجعين الجسدية والصحية في زمن تهيمن عليه حاليا جائحة كورونا ، علما ان السلطات المحلية و الامنية تتصدى دون هوادة لمحاربة وزجر تلك الظواهر المخلة بالقانون . .... هذه الوضعية الغير طبيعية تدفع الى قذف الكرة في مرمى الاندية المغربية المنتظمة بالقسم الاول على وجه التحديد ، من أجل الاسراع الى تعميم تطبيق نظام بيع التذاكر الالكتروني في افق الموسم الكروي المقبل ضمن فعاليات البطولة الاحترافية الوطنية ، التي لاب من الاعتراف لانها عرفت تطورا نوعيا جذابا على أكثر من صعيد، بما فيها تحسن الاداء الفني والتكتيكي للاعبين وحضور الفرجة بالمستطيل الاخضر وارتقاء مستوى البنيات الرياضية و انتظام النقل التلفزي وتعميمه ليشمل ايضا منافسات القسم الثاني ... وهي معطيات ايجابية تحسب ولاريب للرؤية المتقدمة التي تشتغل عليها الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم و التي لا تخطؤها المعاينة الموضوعية ،. إلا ان افتخارنا بهذه الانجازات التي تحسد عليها المملكة .، يجعلنا نلح في حث انديتنا كافة ، بتأطير طبعا من الجامعة ، بتبني نظام تذاكر عقلاني واحترافي يتماشى مع ضرورات العصر، يمكن ان يوكل الى شركات متخصصة ، سبق لها ا.ن راكمت تجارب في هذا المجال بالمغرب ، كما كان الحال مع الناديين الكبيرين الرجاء والوداد البيضاويين بمناسبة مباريات ذات رهانات قوية وطنيا ( نهاية كأس العرش -ديربي- كلاسيكو ) و قاريا (منافسات افريقية CAF )، أ
• ولا يختلف اثنان انه من الصعوبة بمكان ان يتنازل الانصار العاشقين حد الهوس لفرقهم عن حضور المقابلات الحاسمة ، وبالتالي لا يمكن التاكيد بانهم سيبدون كلهم الانضباط المطلوب للكوطا la jauge التي يجب ان تحددها السلطات والاندية المعنية ! !
• استرسالا في بسط الرهانات ذات الصلة ، نتساءل على سبيل المثال ,كيف يمكن هذا الموسم الترخيص القبلي من طرف السلطات المحلية والامنية برفع تيفوهات أو لافتات كبيرة او متوسطة الحجم بالفيراجات التي اعتادت تشكيلات الاتراس الوقوف بها ؟؟ ألا تتطلب الطقوس الخاصة التي يمارسها افراد هذه المجموعات وقوفا جماعيا بالمئات بل بالالاف بشكل متضامن ، ملتصقين بالمناكب وملتحمين جسديا على مستوى المدرجات ، لا مجال فيه لاحترام للبعد الاجتماعي ،ولا يعترف فيه بالكمامات ...التي تعيق ترديد الشعارات و التغني بالانشودات المسجلة في "ربرطوار " الحركية؟؟
• عند الوقوف عند الجانب التنظيمي والصحي لولوج الملاعب تثور اسئلة أخرى أثقل وزنا تطرح رهانات لا تخلو من أهمية .. من هي الفئة العمرية التي سيسمح لها بالولوج الى المنشئة الرياضية في حالة فتحها هذا الموسم في وجه الجمهور ، اتساقا مع معايير التلقيح والدفتر الصحي ومشمولاته ؟ هل سيتاح الحضور فقط للفئات السنية التي استفادت من التلقيح على مرتين، واغليها تضم كهولا وشيوخا ، و تمثل نمادج بشرية لا تنتمي اغلبها الى شريحة الشباب التي تشكل القاعدة المركزية لجمهور الملاعب بالمغرب ؟؟
• هل يوجد اليوم ما يكفي من هوامش التحضير والاستباق لتنزيل مساطر طبية جديدة تفرض على مرتادي الملاعب — هذا الموسم — التوفر على ما بمكن ان نسميه ب "جواز التلقيح" Pass vaccinal أو شهادة اجراء مسحة الكشف عن الفيروس لا تتعدى 48 او 72 ساعة ( أو هما معا ) ، من اجل الترخيص لهم بالولوج الى المضمار الرياضي ساعة اجراء المباريات ؟
الواقع اننا جميعا تعشق ان نكحل أعيننا باحتفاليات جماهير الالتراس الرائعة والتي دأبت داخل ملاعب الوطن على اظهار التميز، ورسم اللوحات المشتعلة بالابداع و تدبيج التعابير الشبابية المسكونة بالجرأة البناءة والاختلاف الايجابي !!
الا ان العقل والرجاحة يقولان أن توازنات الامن الصحي والمرور الآمن الى شاطئ النجاة الجماعية وصحة المواطن ، هي اولوية الاولويات في الوقت الراهن . وان رجوع المشجعين للملاعب يقتضي أخذ مسافة زمنية كافية لترتيب الاوراق التنظيميةُ والصحية من اجل ضمان الشروط المثلى لتنظيم موسم كروي مقبل ناجح على كل المستويات بما فيها المعايير الجماهيرية والتسويقية والرياضية ، علما ان حفظ صورة الكرة الوطنية وإشعاعها على المستوى الافريقي اولعربي والدولي سيشكل عند عودة الدفء للمدرجات رهانا وطنيا مصيريا يبرز قدرتنا وارادتنا المشتركة على رفع التحدي والقضاء على كورونا ، لتنسحب -بحول الله— نهائيا من أيامنا وأرضنا الطيبة !!!!!