المغرب يطالب الاتحاد الأوروبي بأموال للحد من الهجرة غير النظامية

يعد تعاون المغرب في مجال مراقبة الهجرة رصيدا ذا أهمية كبيرة للاتحاد الأوروبي، الذي يؤيد زيادة الأموال التي يخصصها للرباط، بشرط قبوله للمطالب الواردة من بروكسل.
وبحسب صحيفة “إل باييس”، التي حصلت على وثيقة سرية جمعت فيها توقعات المغرب وموقف الاتحاد الأوروبي، فإنه ليس من السهل تحقيق انسجام جيد في المفاوضات.
وتدعو الرباط إلى مساهمة اقتصادية أكبر وإلى أن يعترف الاتحاد الأوروبي بأهميتها في السيطرة على الهجرة، كما فعل في 2015 و2016 مع ليبيا وتركيا.
ومن جانبه، يطالب اتحاد الـ27 باتفاق لإعادة عدد أكبر من المغاربة الذين وصلوا بشكل غير نظامي إلى أوروبا.
وتتطلب الجهود التي يبذلها المغرب لمكافحة شبكات الاتجار بالبشر، من خلال استراتيجيته لمراقبة الحدود، استثمارات كبيرة من حيث المعدات والموارد البشرية.
وبحسب تقرير اقتصادي من بروكسل، فإن المغرب لديه أكثر من 30 ألف وحدة منتشرة بين الموارد الجوية والكشف والاعتراض والاتصال والإنذار المبكر والإنذار البحري والبري والتنقل.
والميزانية المقدرة من قبل السلطات المغربية لهذه الإجراءات هي 3500 مليون يورو للفترة 2020-2027، وهو ما يمثل إنفاق سنوي قدره 435 مليون يورو.
وخلال السنوات السبع الماضية، خصص الاتحاد الأوروبي 343 مليون يورو لإدارة الهجرة في المغرب، معظمها بعد انتعاش القوارب التي مرت بالساحل الأندلسي في 2018.
ويعتبر هذا المبلغ بعيدًا كل البعد عن المبلغ المخصص لتركيا، التي استقبلت 6 مليارات منذ عام 2016، لمواجهة تدفق المهاجرين السوريين، أو حتى الـ355 مليونًا التي تم تخصيصها لليبيا منذ عام 2015.
وعلى الرغم من أن الوصول الهائل للمهاجرين الذين تم تسجيلهم في جزر الكناري منذ فبراير 2020 قد أثار إنذارات في الاتحاد الأوروبي؛ إلا أن الدول الأعضاء ترى أن العلاقة مع المغرب تتطلب التفكير و”نهج شامل مشترك، مع أهداف على المدى الطويل” وفقًا للوثيقة الاوروبية.

بدون التدخل الأوروبي

تمتلك أداة الجوار والتنمية والتعاون الدولي (IVDCI) ما يقرب من 90 مليار يورو لتمويل العمل الخارجي للاتحاد الأوروبي في مجال التعاون الدولي والتنمية، والاستجابة للأزمات أو الإجراءات الرامية إلى توطيد السلام في البلدان الشريكة.
ويطمح المغرب إلى أن يكون أحد أكبر المستفيدين من هذا، كما ورد في الوثيقة التي ذكرتها “إل باييس”، على الرغم من أن بروكسل ستضع سلسلة من الشروط التي من شأنها أن تؤدي إلى زيادة عدد عودة المهاجرين المغاربة الذين هم في وضع غير نظامي.
وتنص الاتفاقية التي أبرمها المغرب مع إسبانيا لإعادة مواطنيه حاليًا على عودة 80 شخصًا، موزعة على أربع رحلات أسبوعية.
وتوقف هذا الاجراء في نهاية مارس الماضي؛ عندما أغلقت الرباط مجالها الجوي كإجراء لاحتواء فيروس كورونا.
وبالإضافة إلى ذلك، تهدف بروكسل إلى قبول المغرب السماح باستقبال المهاجرين من دول ثالثة على أراضيه، مقابل جعل سياسة التأشيرات أكثر مرونة للمغاربة.
ومن المطالب الأخرى التي أثارها اتحاد الـ27 تبادل المعلومات مع المغرب، والتعاون القضائي والعملي ضد الاتجار بالبشر.
ويعتبر الوصول إلى نقطة التقاء بين مطالب كلا الطرفين مهمة شاقة، من بين أمور أخرى؛ لأن المغرب يعتبر أن التدخل الأوروبي يمكن أن يُفهم على أنه تدخل في سياساته الداخلية؛ وقد يلقي بظلال من الشك على قدرته على إدارة تدفقات الهجرة.
وبعد صرف 140 مليون يورو في عام 2019 من الأموال الأوروبية و30 مليون إسباني لسد مسار القوارب عبر مضيق جبل طارق وبحر البوران، أصبح الساحل الأطلسي المغربي هو الطريق الرئيسي للهجرة خصوصًا مدينة الداخلة.
وفي العام الماضي وصل أكثر من 23 ألف مهاجر إلى جزر الكناري بشكل غير نظامي، أكثر من نصفهم من المغرب. وخلال الأشهر الأولى من أزمة الهجرة، كان وصول المغاربة مرتفعاً للغاية، لكن بعد الضغط الدبلوماسي انخفض العدد وزاد عدد الأفارقة من جنوب الصحراء.
العلاقات بين إسبانيا والمغرب ليست في أفضل حالاتها الآن؛ إذ ألقى دخول زعيم جبهة البوليساريو، إبراهيم غالي، إلى الأراضي الإسبانية، -والذي يتلقى العلاج في مستشفى لوغرونيو بسرقسطة-؛ بظلاله على علاقات البلدين.
وجاء غضب الرباط على الملأ بعد أن استدعت وزارة الخارجية المغربية السفير الإسباني في الرباط، ريكاردو دييز هوشلايتنر، يوم السبت الماضي "للمطالبة بالتوضيحات اللازمة" حول وجود غالي في إسبانيا.
وبعد ساعات من حدوث هذه الخلافات الدبلوماسية، سُجلت عدة حوادث على حدود سبتة ومليلية مع المغرب.
وأجهضت قوات وأجهزة الإسبان، الاثنين؛ دخول 25 شخصًا سباحةً إلى سبتة، بعد أن أوقفوا ليلة الأحد محاولة 60 مهاجرًا آخرين للدخول عبر سياج مليلية، وخلال عطلة نهاية الأسبوع، سبح مائة مهاجر من الفنيدق إلى سبتة.

سياسة الهجرة باسبانيا "تنتهك حقوق الإنسان"

ووفق بيان وقعته أكثر من 160 منظمة حقوقية، وجهته إلى حكومة إسبانيا يطالبون فيه بـ”تصحيح عاجل" لسياسة الهجرة في جزر الكناري.
المنظمات غير الحكومة يستنكرون في بيانهم وجود "وضع خطير لانتهاك قانون الهجرة وحقوق الإنسان للأشخاص المهاجرين".
ومن خلال هذا البيان، تشير الكيانات إلى أن الإجراءات التي تتخذها إسبانيا حاليًا في هذا الشأن تعرض "حياة آلاف الأشخاص للخطر" وتضع البلاد "خارج الإطار الدولي لحقوق الإنسان.
وفي رأيهم، فإن "الالتزام بتدابير ردع الحدود وإضفاء الطابع الخارجي عليها ومنع النزوح وحرية الحركة"، يثير "تجريم الهجرة وانتهاك الحقوق الأساسية ويدفع الناس إلى القيام برحلات طويلة وغير آمنة بشكل متزايد".
ويوضح البيان الذي ارسل لحكومة مدريد أن "ما يحدث في جزر الكناري يظهر بشكل كبير عواقب هذا النموذج".
ويرى موقعون أن وزارة الداخلية الإسبانية "تقصر في نقل الأشخاص الذين يصلون إلى جزر الكناري وتشردهم في شبه الجزيرة، بما يتعارض مع التشريعات الحالية"، وينتقد التزامه بإنشاء مراكز "احتواء" كبيرة يتم توفيرها في جزر الكناري.


شاهد أيضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.