تعتبر التعاونيات من بين أهم الوسائل التي تلجأ إليها النساء القرويات من أجل إنجاز مشاريع مدرة للدخل ولتحسين وضعيتهن الاقتصادية والاجتماعية.
وتنتشر في جهة درعة تافيلالت العديد من التعاونيات التي تشكل ملاذا بالنسبة للنساء القرويات، لتعزيز حضورهن الاجتماعي، ولتدبير أمور حياتهن في سياق البحث عن مورد رزق جديد وتطوير أدائهن الاقتصادي الذاتي.
وتغتنم هؤلاء النسوة المعارض الإقليمية والجهوية والملتقيات الخاصة بالمنتجات المجالية من أجل عرض منتوجاتهن وما صنعته أيديهن من تحف فنية ومنتوجات فلاحية تأتت من خلال عمل مضني باستعمال وسائل تقليدية بناء على ما يطلبه المستهلك المحلي.
وتعمل العديد من النساء في الواحات المنتشرة في جهة درعة تافيلالت، إذ يشكلن عصب الأنشطة المدرة للدخل في هذا الفضاء الذي يميز الجهة عن باقي المناطق بالمملكة.
وبحسب إحصائيات جهوية، فإنه توجد بجهة درعة تافيلالت أكثر من 1100 تعاونية تنشط في مجال المنتوجات المجالية، 25 في المائة منها تعاونيات خاصة بالنساء.
واعتبر السيد هرو أبو شريف، مدير الغرفة الفلاحية لجهة درعة-تافيلالت، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن هذا الرقم يدل على تزايد الاهتمام بالتعاونيات النسائية ومدى انخراطهن في الدينامية الاقتصادية بالمنطقة.
وأكد أن المشاركة النسائية في المجال التعاوني ارتفعت خلال السنوات الأخيرة، مشيرا إلى تسجيل تحسن في اندماجهن وانخراطهن أكثر في تثمين المنتوجات المجالية التي تعرف بها الجهة، مثل الزعفران والورد العطري والحناء والكسكس، وكذا الحرف التقليدية.
وشدد على أن هذا التطور أثمر تقدما على مستوى عرض منتوجات النساء اللواتي أصبحن يشاركن في معارض وملتقيات وطنية ودولية تهم الميدان الفلاحي، مثل باريس وبرلين.
وأكد السيد أبو شريف أنه يتم إيلاء أهمية كبرى للمشاركة النسائية في التعاونيات وفي الدفع بالعجلة الاقتصادية بالجهة.
وتستند المقاربة المعتمدة من طرف العديد من الفاعلين المؤسساتيين والمجتمعيين بالمغرب على مشاركة النساء في العمل التعاوني والجمعوي بغية تنمية الواحات والمناطق التي يقطن بها.
ومن أجل تطوير أدائهن، تقوم عدة جمعيات بتنظيم دورات تكوينية حول طرق تطوير المنتوجات وتثمينها، لكي يرفعن من مدخولهن الأساسي والتعرف على السبل الكفيلة بتسويق منتوجاتهن الفلاحية، خاصة المجالية، على المستويات المحلية والوطنية، وكذا تعزيز القدرات الإدارية والتنظيمية وتبادل الممارسات الجيدة في مجال الاقتصاد الاجتماعي والتضامني.
وتؤكد ياسمينة العسري، المديرة المنتدبة لدى جمعية إنجاز المغرب أن الجمعية أعدت برنامجا للتكوين لفائدة التعاونيات، استفادت منه، خلال السنة الماضية، 22 تعاونية تنتمي لجهة درعة-تافيلالت.
وأوضحت العسري أن مجهودات الجمعية تروم تمكين التعاونيات من تسويق منتجاتها في الأسواق الوطنية والدولية، وكذا خلق فرص للشغل لفائدة أبناء المنطقة، وتنمية الاقتصاد المحلي.
وتستفيد العديد من النساء القاطنات في الواحات والقصبات المتواجدة في جهة درعة تافيلالت، في إطار برنامج التثمين المستدام للقصور والقصبات، من مشاريع تروم تحسين ظروفهن الاقتصادية وسبل عيشهن من خلال برنامج مكثف طوال السنة.
وتندرج هذه المشاريع في إطار برنامج التثمين المستدام للقصور والقصبات الذي يساهم في تمويل الأنشطة المدرة للدخل، وتلك المتعلقة بتقوية القدرات داخل هذه القصور النموذجية التي تم اختيارها وفق مقاربة تشاركية وبناء على معايير موضوعية.
ويهدف البرنامج إلى خلق إطار يعزز تبني الفاعلين المحليين لنتائج عملية التثمين المستدام للسكن الطيني وللتراث الذي تشكله القصور والقصبات، ولآثارها الاقتصادية والاجتماعية على السكان المحليين، خاصة الشباب والنساء، ووضع استراتيجية للتدخل في هذه الأنسجة في أفق سنة 2025.
وتأتي هذه المجهودات في إطار تنفيذ مشاريع وأعمال منسجمة مع الخصوصيات البشرية والطبيعية للجهة ونموذجها التنموي والاقتصادي الكفيل بخلق مناصب الشغل والمشاريع المدرة للدخل.
وتعتبر السيدة عزيزة الفرحي، الفاعلة الجمعوية، أن النساء أصبحن أكثر استقلالية على المستوى المالي بفضل لجوئهن إلى التعاونية وانخراطهن في الأعمال التي تقوي قدراتهن الاقتصادية.
واعتبرت أن النساء اللواتي ينتجن الزرابي ويقمن بأعمال الفصالة والخياطة والطرز، بشكل تعاوني وتعاضدي، يحققن نتائج إيجابية لكون المجال التعاوني سمح لهن بأن يثمن منتوجاتهن ويحصلن على مداخيل قارة تقيهن من الفقر والحاجة.
وشددت على أن المشاركة في الملتقيات والمعارض المحلية والوطنية تعد تجربة فريدة من نوعها تمكنهن من التعريف بالمنتجات الطبيعية والمجالية، وتسويقها على أوسع نطاق، مما يسمح لهن بأن يندمجن في سوق العمل بوسائل بسيطة وبمنتوجات محلية متداولة.