كاتب يهودي يفضح إسرا ئيل وكيف استغلت محرقة الهولوكوست لحرق الفلس طينيين
شهد العالم خلال الحرب العالمية الثانية أكبر عملية إبادة جماعية في حق ستة ملايين يهودي أوروبي على يد ألمانيا النازية، بالإضافة إلى خمسة ملايين غير يهود من ضحايا القتل الجماعي للنظام النازي، ما يشكل مجموع إحدى عشر مليون إنسان تقريبا.
وقد خلفت هذه الجريمة البشعة المرارة في نفوس العالم لفظاعة الإجرام الممنهج في حق اليهود وغير اليهود؛ إلا أن الكاتب "نورمان فينكلشتاين" من أصول يهودية، يقدم قراءة حول استغلال قضية إنسانية كمحرقة من حجم "الهولوكوست" بشكل غير إنساني لأغراض سياسية، حسب ما تناوله في كتابه حول "صناعة الهولوكوست".
يستعرض الكاتب وأستاذ العلوم السياسية من جامعة نيويورك، والذي عاش أبواه مأساة الهولوكوست في وارسو، يستعرض في كتابه "صناعة الهولوكوست" حقائق جريئة، تفضح صناعة "الهولوكوست" والجماعات التي تقف وراءها وأهدافها ووسائل وأساليب اللوبي الإسرائيلي في ابتزاز دول العالم؛ وهي أساليب تشمل مسح المحرقة من ذاكرة الغرب لأسباب سياسية، ثم إعادة توظيفها للابتزاز السياسي في حق الفلسطينيين والعرب، مع تبيان موقف اليهود ضحايا المحرقة أنفسهم من الاستغلال السياسي للاضطهاد النازي لهم.
مسح المحرقة من ذاكرة اليهود من أجل تقوية التحالف الأمريكي الألماني
في مستهل الحديث عن المحرقة، أوضح الكاتب أنه من الضروري العودة بالزمن إلى الوراء لفهم المسألة، فالمدهش أن المحرقة لم يذكر لها اسم قبل 1967 منذ وقوعها من قبل النازيون، رغم أن البعض يعتقد أن الحديث عن المحرقة كان شائعا منذ وقوعها؛ والسبب في رفض الغرب الحديث عن اضطهاد اليهود من قبل الألمان، هو التحالف القائمة بين أمريكا وألمانيا الغربية، إزاء التنافس السوفياتي الأمريكي حول ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية، رغم العداء بينهما أثناء الحرب.
وفي هذا السياق؛ كان من الضروري مسح المحرقة من الذاكرة من أجل تقوية التحالف الأمريكي الألماني، مما جعل الحديث عن محرقة "الهولوكوست " محرم ببن الأمريكيين واليهود الأمريكيين أنفسهم، حتى لا يتهموا بالتعاطف والقرب من الاتحاد السوفياتي.
صناعة الهولوكوست من أجل إسرائيل
بعد أن كانت النخبة اليهودية تلتزم الصمت اتجاه المحرقة والقضايا الإسرائيلية حتى لا تتهم بازدواجية الولاء، دخلت إسرائيل في حرب 1967، والتي نشبت بينها وبين كل من العراق ومصر وسوريا والأردن، فتغيرت الأمور بشكل جذري ودخلت الولايات المتحدة في تحالف إستراتيجي مع إسرائيل، بضغط من اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة الأمريكية؛ في ذلك الحين احتضنت النخبة اليهودية في أمريكا المشروع الإسرائيلي في الشرق الأوسط.
وفي ظل تلك المتغيرات، برزت فجأة قضية إنسانية في الواجهة تسمى "محرقة الهولوكَوست"، مما أعطى فرصة للإسرائيليين في توظيفها لصالح إقامة دولتهم وضد نقادها، الأمر الذي زاد من حجم مناصرة اليهود الأمريكيين لإسرائيل؛ فأضحت "الهولوكوست " توظف إيديولوجيا وتستغل بشكل انتهازي.
انتهازية الإسرائيليين للهولوكوست لكسب التعاطف الغربي
بعد صمت فرضته المصالح الإستراتيجية للولايات المتحدة الأمريكية في سياق زمني معقد، رغم أن العالم الغربي كان يعادي النازية، نجح الإسرائيليون في إحياء محرقة "الهولوكوست" في الذاكرة اليهودية والعالم الغربي؛ فتم استغلال الإنسانية لأغراض سياسية، لأن إسرائيل كانت في صراع مع العرب، فتم استثمار تعاطف الغرب مع اليهود ضحايا النازية جراء الاضطهاد النازي، لكون النازية عدو مشترك للغرب واليهود، فقام الإسرائيليون باستخدام "الهولوكوست" أثناء صراعهم مع العرب، لتصوير العرب أمام الغرب وكأنهم نازيون جدد.
فأضحت "الهولوكوست" تشكل مناعة لإسرائيليين ضد الانتقاد من العالم الغربي، والاستغلال لابتزاز مبالغ طائلة من بلدان العالم، وإيهام الغرب على أن الصراع مع العرب بمتابة حرب ضد النازية الجديدة بالنسبة لإسرائيل.
ترحيب بطروحات الكاتب من ضحايا النازية
خلف كتاب"صناعة الهولوكوست" للكاتب المثير للجدل"نورمان فينكلشتاين" موجة من ردود الفعل في الأوساط اليهودية غاضبة ضد الكاتب بما فيها منظمات يهودية؛ لكن أغلب المعنيين الرئيسيين ممن نجوا من محرقة "الهولوكوست" والذين كانوا على تواصل مع الكاتب، رغم الاختلاف معه في قضية فلسطين ورفضهم لها، أجمعوا له على حد قوله، أن المحرقة استغلت لأسباب ومكاسب سياسية ومالية من قبل يهود أمريكا وإسرائيل، ولتبرير خرق الأخلاقيات الإنسانية والقانونية.
وأكد الكاتب أنه وجد دعما لأفكاره وطروحاته التي تبناها في كتابه، من قبل العديد من الناجين الذين عانوا من الاضطهاد النازي وفي الأوساط الأكاديمية أيضا، ومنهم من قام بالترافع عن كتابه، بما فيهم الكاتب "هيلبرغ" في إحدى المقابلات مع مجلة برازيلية وإذاعة سويسرية وصحيفة ألمانيا، حيث دافع بشكل قوي عن الطروحات التي قدمها الكتاب.