فشلت المخططات والإجراءات التي تعتمدها الحكومة عبر قطاعها الوصي، في تحقيق هدف الإكتفاء الذاتي من المنتوجات الفلاحية والزراعية خاصة الحبوب التي تتداخل في مجموعة من الأنشطة الإقتصادية الاخرى، ناهيك عن كلفة إستيراد المادة الحيوية من الاسواق الخارجية بالعملة الصعبة، حيث أضحت وسيلة ضغط للدول المصدرة ضد الدول المستوردة.
وكشف مصدر حكومي في حديث مع "بلبريس" بأن المملكة المغربية معروفة منذ عقود بكونها بلد فلاحي، يقوم بتصدير جزء هام من الإنتاج السنوي نحو الأسواق الخارجية خاصة اوربا الغربية وأمريكا الشمالية، مضيفا بأن السنوات الأخيرة سجلت مفارقة عجيبة في القطاع الفلاحي تتجلى في وفرة بعض المنتوجات التي إنخفض الطلب الخارجي عليها رغم إستهلاكها للمياه بكثرة، في مقابل تراجع المزروعات من الحبوب والقطاني والتي يستهلكها المغاربة بكثرة لكونها أساسية على موائد المغاربة.
وأوضح المصدر ذاته، بأن استيراد الحبوب بأنواعها من الخارج، ليس بالأمر السهل والهين كما يتصوره الجميع، موضحا بأن العملية تحتاج إجراءات إدارية ومالية ودبلوماسية، مشيرا بأن الدولة تخصص مبالغ مالية مهمة لحسن تزويد السوق المغربي الذي يعتمد على الحبوب كمادة اساسية واولية، مضيفا بأن المستثمرين في المواد الغذائية المصنعة، يحبذون الإستثمار في الدول التي تتوفر على المواد الخام وعلى رأسها الحبوب بجميع انواعها.
وشدد المصدر ذاته، بأن الحكومة مجبرة على إعادة رسم تصور جديد للقطاع الفلاحي الذي شهد تطورا كبيرا بفعل سياسة الممكننة وتقنين إستغلال المياه، لكن التوجه نحو المنتوجات الفلاحية المعدة للإستيراد فقط، يرهن الإقتصاد المغربي بالخارج على حساب تحقيق الأمن الغذائي، حيث من غير المقبول إستراتيجيا تصدير مواد فلاحية تستهلك الماء بكثرة في مقابل إستيراد مزروعات اخرى كالحبوب والقطاني والتي كان المغرب في القرن الماضي معروف بتصديرها للخارج.
هذا، واعلنت وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، بأن حصيلة إنتاج الحبوب بأنواعها الثلاثة بلغت خلال موسم 2018-2019 ما يناهز 52 مليون قنطار، بعد تحليل قرابة 5000 عينة تم أخذها من حقول الحبوب في مختلف مناطق البلاد، حيث ثم تسجيل تراجع بنسبة 49 في المائة مقارنة مع الموسم السابق الذي كان موسما استثنائيا في إنتاج الحبوب.
وأضافت وزارة الفلاحة أن محاصيل الحبوب، التي توزعت على مساحة إجمالية تقدر بـ3.6 مليون هكتار، شملت 26.8 مليون قنطار من القمح الطري، و13.4 مليون قنطار من القمح الصلب، و11.6 مليون قنطار من الشعير.
وذكرت الوزارة أن الموسم الفلاحي 2018-2019 سجل تساقطات مطرية بلغت إلى نهاية شهر ماي الماضي 290.5 ملم، بانخفاض نسبته 11 في المائة مقارنة مع معدل التساقطات المطرية خلال 30 سنة الأخيرة (326.3 ملم)، وبانخفاض قدره 23 في المائة (375.3 ملم) مقارنة مع الموسم الماضي في التاريخ نفسه.
وأبرزت الوزارة في هذا الإطار، أن موسم هذه السنة عرف سوءً في التوزيع الزمني للتساقطات المطرية، إذ أن حوالي ثلاثة أرباع كمية الأمطار تم تسجيلها خلال الشهور الثلاث الأولى من الموسم، مع تساقطات مطرية غزيرة استمرت حتى شهر يناير.
وحسب الوزارة، فإن انخفاض التساقطات أو توقفها في العديد من المناطق خلال الأشهر الموالية، أدى إلى تأخر في نمو زراعات الحبوب، وانخفاض المحاصيل، بنسب تتفاوت أهميتها حسب المناطق.