تشهد العلاقات المغربية الفرنسية منعطفاً جديداً يبشر بآفاق واعدة على الصعيد الاقتصادي، بعد فترة من الفتور الدبلوماسي.
هذا التحول الملحوظ في العلاقات الاقتصادية جاء في أعقاب تأييد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لمقترح الحكم الذاتي المغربي للصحراء، مما يعكس تغيراً جوهرياً في الموقف الفرنسي تجاه قضية محورية بالنسبة للمملكة.
إن هذا الانعطاف السياسي لم يلبث أن انعكس إيجاباً على المشهد الاقتصادي، حيث بدأنا نلمس مؤشرات واضحة على عودة الدفء إلى العلاقات التجارية والاستثمارية بين البلدين.
فبعد يومين فقط من إعلان الموقف الفرنسي الجديد، شهدنا فوز تحالف فرنسي-مغربي بعقد استراتيجي لمد خط القطار فائق السرعة بين القنيطرة ومراكش، مما يعد إشارة قوية إلى انفتاح جديد على الشراكات الفرنسية في مشاريع البنية التحتية الكبرى بالمملكة.
ولعل ما يثير الاهتمام بشكل خاص هو الاهتمام المتزايد من الشركات الفرنسية بالاستثمار في الأقاليم الجنوبية، سيما في قطاعات حيوية كالطاقات المتجددة وتحلية مياه البحر.
هذا التوجه يتماشى مع الرؤية الاستراتيجية للمغرب لتنمية هذه المناطق وتحويلها إلى قطب اقتصادي رائد، خاصة في مجال الهيدروجين الأخضر.
وفي ظل هذا المناخ الإيجابي من العلاقات الاقتصادية بين الرباط وباريس ، نلاحظ عودة الاهتمام من كبار الفاعلين الاقتصاديين المغاربة بإقامة شراكات مع نظرائهم الفرنسيين، مما يعكس ثقة متجددة في متانة العلاقات الاقتصادية بين البلدين.
هذا الاتجاه يعزز من المكانة الراسخة لفرنسا كأول مستثمر أجنبي في المغرب، مع تواجد قوي لكبريات الشركات الفرنسية في السوق المغربية.
ومما يدعم هذا التفاؤل، الأرقام القياسية التي سجلها حجم التبادل التجاري بين البلدين، والذي بلغ 14 مليار يورو العام الماضي.
كما أن إعلان فرنسا استعدادها للمساهمة في تمويل مشروع الربط الكهربائي بين الدار البيضاء والداخلة يعد خطوة هامة نحو تعزيز التعاون في مشاريع البنية التحتية الاستراتيجية.
ومع ذلك، فإن هذا الانفراج لا يخلو من تحديات. فبعض الشركات الفرنسية لا تزال متحفظة بشأن الاستثمار في الصحراء.
ويمكن القول إن العلاقات الاقتصادية المغربية الفرنسية تدخل مرحلة جديدة واعدة، تفتح آفاقاً رحبة للتعاون المثمر في مختلف المجالات.
هذا التحول يعزز من مكانة فرنسا كشريك استراتيجي للمغرب في مشاريعه التنموية الكبرى، خاصة في مجالات الطاقات المتجددة والبنية التحتية.
ومع ذلك، يبقى من المهم متابعة كيفية ترجمة هذه التطورات الإيجابية على أرض الواقع في الأشهر والسنوات القادمة، وكيف ستؤثر على المشهد الاقتصادي والجيوسياسي في المنطقة ككل.